٣ آلاف طالب تخرجوا فيه خلال ٢٧ عاما.. والبطالة لا تعرف طريقها لأبناء القسم «الهندسة الطبية».. تطوير الصحة يبدأ من هُنا
هو أول قسم فى مصر والوطن العرب.. إنه قسم الهندسة الحيوية والطبية والمنظومات بكلية الهندسة وأنشئ عام ١٩٧٦، نظرًا لما رأى من حاجة البلاد الفعلية لمثل هذا التخصص، ألا وهو تطويع العلوم الفيزيقية والهندسية لخدمة الطب فى مصر واستخدام التكنولوجيات لتحقيق هذا الغرض.
وبدأت الدراسة بهذا القسم فى أكتوبر من نفس العام على مستوى مرحلة البكالوريوس ومرحلة الدراسات العليا على هيئة دبلوم، ثم بدأت بعد ذلك مرحلة الدراسات العليا لدرجتى الماجستير والدكتوراه منذ عام ١٩٧٨.
وكان القسم يضم عند إنشائه رئيسا واثنين من المدرسين وأربعة معيدين، وتقدم للالتحاق بالقسم فى الدفعة الأولى نحو ٤٠ طالبا، وظل القسم يتطور بمرور الوقت، حيث أصبح الآن يضم رئيسًا وأستاذا غير متفرغ وأربعة أساتذة وأستاذين مساعدين وسبعة عشر مدرسا، كما أصبح يضم اثنى عشر مدرسا مساعدا، اثنان منهم حصلوا على درجة الدكتوراه من الخارج ويمضون الآن فترة التدريب العملى بعد الحصول على الدكتوراه، وخمسة منهم فى المراحل النهائية فى الحصول على درجة الدكتوراه، وكذلك ثلاثة معيدين مسجلين للحصول على درجة الماجستير، كما حصل أكثر من ٢٠ خريجًا من القسم على درجة الدكتوراه من الولايات المتحدة الأمريكية، وحصل أحد مدرسى القسم على الدكتوراه من ألمانيا، وحصل عدد كبير من الخريجين ومن أعضاء هيئة التدريس بالقسم على درجة الدكتوراه من الجامعة.
وقد تخرج منذ عام ١٩٨٠ وحتى عام ٢٠١٦ حوالى ٣٠٠٠ خريج يعملون فى مجالات متعددة كمهندسين فى المستشفيات أو فى شركات الأجهزة الطبية أو فى مجالات الحاسب والنظم، وتم إلحاق غالبية خريجى القسم بالأماكن التى تتناسب مع ميولهم العلمية والثقافية وقدراتهم العلمية، حتى أصبح واقع الحال أنه قلما يشكو خريج منهم من البطالة الصريحة أو المقنعة، ويرجع ذلك كله إلى سياسة القسم الحكيمة فى إعداد الخريجين من المهندسين لشغل الوظائف التى يرغبون فيها.
وخلال الثلاثة أعوام الأخيرة كان هناك زيادة فى عدد المقبولين بالسنة الأولى بالقسم إلى حوالى ضعف العدد الذى كان عليه من قبل، فأصبح فى كل سنة دراسية عدد يقرب من ١٠٠ مائة طالب موزعين على فصلين فى كل سنة بدلًا من فصل واحد.
وكان الهدف عندما وضع فى الاعتبار إنشاء القسم الذى كان يعد الوحيد من نوعه على مستوى الجمهورية، وربما على مستوى الشرق الأوسط أن يحقق عدة أهداف، منها خلق جيل من المهندسين من ذوى الخلفية الطبية الجيدة للعمل فى مجال صيانة وتسويق الأجهزة الطبية من كافة البلدان والطرازات، إضافة إلى إعداد كوادر هندسية على درجة عالية من القدرة العلمية والإدارية لتولى قيادة فرق صيانة الأجهزة الطبية فى الشركات المتخصصة فيها أو وكلاء الشركات المصنعة للأجهزة الطبية فى مصر، وكذلك سد الفجوات الموجودة فى سوق العمل نتيجة تولى المهندسين من خريجى الأقسام الهندسية الأخرى كأقسام الميكانيكا والاتصالات صيانة الأجهزة الطبية المعقدة، وعدم إلمامهم إلمامًا كافيًا بالأسس الطبية التى بنى عليها عمل تلك الأجهزة، والعمل على تطوير البحوث الهندسية الخاصة بتعديل وتحسين الأسس التكنولوجية التى تعمل بناء عليها الأجهزة الطبية، وذلك فى حدود الإمكان، وإن كان هدفًا ليس من السهل تحقيقه باستمرار، مثله كمثل أى تخصص هندسى آخر مشابه له كالميكانيكا مثلًا.
وفيما يتعلق بالتخصصات البحثية بالقسم، فتتمثل فى «هندسة النظم والتحكم ونمذجة النظم الحيوية الطبية، ونظم المعلوماتية الطبية والذكاء الاصطناعى، ومعالجة الإشارات الحيوية الطبية، ومعالجة الصور الطبية، والإلكترونيات والأجهزة والقياسات الطبية، والميكانيكا الحيوية والتأهيل، والهندسة الإكلينيكية».
ويضم القسم مجموعة من المعامل والمختبرات، هى: مختبر معايرة المعدات الطبية ( MECL )، ومختبر هندسة إعادة التأهيل ومختبر بيونيكس (RBL)، ومختبر فيليبس المعدات الطبية، إضافة إلى مختبرات الطلاب (مختبر للمعدات الطبية، واثنين للالكترونيات، واثنين للحاسب الآلى)، علما بان معمل معايرة المعدات الطبية (MECL) هو أول مختبر متخصص ومعتمد لاختبار أداء المعدات الطبية، حيث تأسس فى عام ٢٠٠٣ والمعتمدة لـSO) )/ ١٧٠٢٥ IEC فى سبتمبر٢٠٠٥.
أما عن معمل هندسة إعادة التأهيل ومختبر بيونيكس( RBL )، فهو المختبر الممول وطنيا، يقوم بالبحوث والنظم لتطوير استعمال الكمبيوتر عن طريق رسم المخ التى تسمح للمعوقين، على سبيل المثال، التواصل مع أشخاص آخرين، والسيطرة على الأطراف الاصطناعية، أو للسيطرة على بيئتهم. والنمذجة البيولوجية الميكانيكية للنظام العضلى الهيكلى. وتصميم وتنفيذ نماذج أولية للأطراف الصناعية التى يمكن تصنيعها محليا، بالإضافة إلى إعادة التأهيل الظاهرى.
ويضم المعمل بعض المعدات والتجهيزات منها نظام التقاط المشية باستخدام أجهزة الاستشعار اللاسلكية بالقصور الذاتى بما فى ذلك جهاز رسم العضلات اللاسلكية وتوزيع ضغط القدم، وجهاز رسم المخ نظام متعدد القنوات لتطبيقات اتصال نشاط المخ للتحكم فى الاجهزة. والميكانيكية النماذج الأولية السريعة بما فى ذلك جهاز الماسح الضوئى 3D الطابعة 3D، أما عن معمل فيلبس الطبى، فهو بتمويل من فيليبس مصر، بهدف تدريب طلاب السنة العليا والخريجين، به جهاز: آلة CT، وعينات من معظم معدات فيليبس، ومحاكاة التدريب.
من جانبه قال د. أحمد محمد رجب البيلى، الأستاذ بقسم الهندسة الحيوية الطبية والمنظومات: قسم الهندسة الطبية يعد من أحدث الأقسام التى أنشئت بالكلية سنة ١٩٧٦، أيام الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وكان الأب الروحى للقسم الدكتور إبراهيم بدران، ونحن من أوائل الدفعات التى تخرجت فى القسم، حيث كان الهدف من القسم خدمة القطاع الصحى بالمستشفيات من ناحية بالأجهزة الطبية.
وأضاف: هناك طلب على خريجى القسم خاصة من الدول العربية، فالقسم يضم خبرات وكوادر كبيرة جدا فى هذا المجال، وهناك تطور كبير فى الطلب على مهندسى الهندسة الطبية، وأصبح هناك إقبال وطلب من السوق على المهندس الطبى فى مصر، وأصبح الجميع يعرفون مدى أهمية ودور المهندس الطبى فى خدمة المنظومة الصحية.
وأكمل: هناك ما يقرب من مائة طالب فى الدفعة بالقسم، وبالتالى هناك إقبال متزايد على القسم، وعندما يكون هناك إقبال فى السوق على مهندسى الهندسة الطبية ستجد إقبالا على القسم، ونستطيع أن نقول إن نسبة إقبال الفتيات على القسم ٥٠٪ من إجمالى العدد، فخريجو القسم قادرون على صيانة الأجهزة الطبية بكل أنواعها، والجانب الثانى فى مجال مبيعات الأجهزة، والجانب الثالث وهو التطوير، وقليل جدا ما نجد الاهتمام بالتطوير والتحديث، بسبب ضعف الإمكانيات، وغالبية خريجى الهندسة الطبية يعملون فى مجال الصيانة، وكل توكيلات الشركات الكبرى فى مصر تعتمد عليهم، ولا يمكن أن تأتى بمهندسين من الخارج، وبالتالى القسم يخدم الأجهزة الطبية من أشعة وأجهزة علاج طبيعى وأجهزة يدوية صغيرة، بالإضافة إلى الأجهزة التى تساعد أثناء إجراء العمليات وهى من أخطر الأجهزة، فهناك تطور مستمر وعلينا أن نواكب هذا التطور السريع.
وأشار «أستاذ الهندسة الطبية» إلى أن هناك صناعات بسيطة وصناعات ثقيلة فى مجال الأجهزة الطبية، ومصر بعيدة عن الصناعات الثقيلة، لأن صناعة جهاز للأشعة المقطعية أو رنين مغناطيسى مكلف جدا، فالشركات الكبرى تصنعه بالخارج وتجلبه لمصر، لكن المهندسين المصريين هم المسئولون عن صيانة هذه الأجهزة، أما عن الصناعات الصغيرة فهى أجهزة الموجات فوق الصوتية بمختلف أشكالها، وهذا مثال يمكن تطبيقه فى مصر ويمكن التوسع فى صناعته بكل سهولة، كما أن الدولة تمول بعض المشروعات الصغيرة، وبعض خريجى القسم قاموا بعمل حضانات فى القرية الذكية للقيام بشركات صغيرة لصناعة بعض الأجزاء، كما أن هناك تنسيقا مع وزارة البحث العلمى، لعدة مشروعات تمت فى القسم، وتم تمويل بعض المشاريع.
فى ذات السياق، قال د.أحمد هشام بهى الدين، أستاذ الهندسة الطبية، المدير التنفيذى لمركز تطوير البرمجيات واستشارات الهندسة الطبية بالكلية: المهندس الطبى يقوم بتدريب الطبيب على كيفية استخدام الأجهزة الطبية، حيث هناك أجهزة معقدة، والتدريب هو مجال من المجالات، فالمهندس هو الوحيد القادر على فهم إمكانيات الجهاز، لأن مسألة الصيانة معقدة، وتحتاج لعلم وتدريب، فالأجهزة لها خلفية خاصة بالبرمجة، حتى يتمكن الشخص من التعامل مع أحدث الأجهزة، كما أن قسم الهندسة الطبية مركب ومتداخل مع تخصصات كثيرة.
وردا على سؤال حول خريجى الهندسة الطبية هم أعضاء نقابة المهندسين تحت مسمى مهندس كهرباء، قال المدير التنفيذى لمركز تطوير البرمجيات: فعلا نحن فى نقابة المهندسين تحت شعبة الهندسة الكهربائية، وقد تقدمنا لنقابة المهندسين وتمت مخاطبتها لعمل شعبة فى النقابة للهندسة الطبية، حيث إن القسم موجود منذ سنة ١٩٧٦ أى أكثر من ٤٠ سنة، ولا توجد شعبة حتى الآن رغم أهمية التخصص، والنقابة تردد أن هذا يحتاج لتعديل تشريعى فى البرلمان، حتى يصبح هناك شعبة لتخصص الهندسة الطبية مستقل، وهذا قصور فى النقابة، لكن هذا لا ينفى وجودنا أو أهميتنا، وخرجو القسم اخذوا على عاتقهم إنشاء أقسام فى الجامعات الحكومية مماثلة، مثل جامعة حلوان والمنيا والمنصورة، وجامعات ومعاهد خاصة، وكان خريجو القسم هم النواة لبناء كل الأقسام فى الجامعات المصرية.
وتابع: الاحتياج هو الذى يولد الإدراك أو الوعى أن هذا التخصص له قيمة كبيرة، فى البداية كانت الأجهزة الطبية ذات تكنولوجيا بسيطة، وكان من الممكن أن يتعامل معها مهندس قوى كهربائية، لكن الآن أصبح ضروريا وجود خلفية علمية للطالب، حتى يستطيع التعامل مع هذه الأجهزة، ولو استطعنا جذب الشركات العالمية الكبرى فى مجال صناعة الأجهزة الطبية فى مصر، سنحدث طفرة حيث لدينا الكوادر المؤهلة لذلك، وعلى الدولة جذب هذه الشركات للاستثمار فى هذا المجال للتصدير لإفريقيا والوطن العربى، هناك محاولات لخريجى القسم فى العمل على صناعة الأجهزة التعويضية، وهذا من ضمن المجالات التى يساهم فيها القسم.