أوضح المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الإيرانية مجيد رفيع زاده، أن طهران، منذ تأسيس النظام الإيراني الحالي في 1979، عايشت عشرة انتخابات رئاسية أمريكية، وعاصرت سبعة رؤساء، ثلاثة ديمقراطيين، وأربعة جمهوريين، لكن انتخابات 2020 هي دون شك الانتخابات الأكثر حساسية بالنسبة لرجال الدين الحاكمين في إيران، وفق رفيع زاده في صحيفة "ذي أراب نيوز" السعودية.
وتأمل طهران في تخفيف العقوبات؛ إذا فاز المرشح الديمقراطي جو بايدن بالانتخابات وعاد إلى الاتفاق النووي.
وأعربت صحيفة "طهران تايمز" في الشهر الماضي، بما يوحي هذا الأمل لدى القادة الإيرانيين.
المرشد يائس
يرى المحلل الإيران، أن آمال طهران ليست غير واقعية بما أن بايدن كرر إعلان أنه سيعاود الانضمام إلى الاتفاق النووي، ويتبع الدبلوماسية مع طهران.
وفي مقال على شبكة "سي إن إن"، قال: "سأعرض على طهران مساراً موثوقاً للعودة إلى الدبلوماسية. إذا عادت إيران إلى الامتثال الصارم للاتفاق النووي، ستعود الولايات المتحدة إلى الاتفاق في نقطة انطلاق لمفاوضات متابعة.. مع حلفائنا، سنعمل على تعزيز وتوسيع بنود الاتفاق النووي، مع معالجة قضايا أخرى تثير المخاوف".
لكن ذلك لا يعني أن النظام الإيراني يسعى إلى تطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة.. فمعارضة "الشيطان الأكبر" هي أساس جوهري في سياسة النظام، وبينما يريد المرشد الأعلى علي خامنئي إبقاء الولايات المتحدة عدواً أولًا لإيران، يبدو أنه يائس من الحصول على مساعدة اقتصادية.
الانهيارات متواصلة
ووصلت صادرات النفط الإيراني إلى مستوى منخفض على نحو قياسي، كما ارتفع التضخم والبطالة، في حين يتواصل تصاعد غضب الناس على المؤسسة الدينية، فيما يجد النظام صعوبة بالغة في دفع الأموال إلى ميليشياته في المنطقة.
وتدهورت القوة الشرائية للإيرانيين بشكل بارز مع استمرار خسارة العملة المحلية قيمتها، واقتراب البنوك وصناديق الضمان الاجتماعي من الإفلاس والانهيار الكلي، وعلاوة على ذلك، وضعت جائحة كورونا طبقة جديدة من الضغط على الاقتصاد الإيراني.
مثالي
بالنسبة لطهران، كان الاتفاق النووي مثالياً لأنه ساعد النظام في العودة للانضمام إلى النظام المالي العالمي، وزيادة صادراته النفطية، والأهم من ذلك أن إيران تفضل الاتفاق لأنه لا يعالج انتهاكاتها لحقوق الإنسان، ونشاطاتها الصاروخية الباليستية، ومغامرات الحرس الثوري الإقليمية، ودعم طهران للمجموعات الإرهابية التي تقف خلف زعزعة الاستقرار الإقليمي.
إن هذه العوامل من الأسباب التي دفعت القادة الإيرانيين إلى رفض إعادة التفاوض مع ترامب؛ لذلك وببساطة، لا يستطيع النظام الإيراني تحمل أربعة أعوام أخرى من رئاسة ترامب.
تحذير
وتابع رفيع زاده كاتباً، أن الضغط الاقتصادي على إيران، هائل إلى درجة أن النظام قد ينهار لو ضمن ترامب ولاية ثانية. واعترفت صحيفة أرمان المدعومة من الدولة، بأن ما شهدته إيران من تظاهرات في السنوات الماضية، دليل على أن نقطة انطلاق هذه الاحتجاجات، هي المناطق التي يعاني فيها السكان من الفقر، والتي يجدون فيها صعوبة في تأمين الحد الأدنى من المعيشة.
وحذرت الصحيفة في سبتمبر الماضي من خسارة تسامح الطبقات الاجتماعية الدنيا مع السلطة الحاكمة، ما قد يؤدي إلى تداعيات اجتماعية وأمنية على الحكومة.
تتدخل في الانتخابات
لهذه الأسباب، يستخدم النظام جميع الأدوات الممكنة للتأثير على نتائج الانتخابات لصالح بايدن، وفي الأيام الأخيرة من الحملة، تم حصول إيران على معلومات عن تسجيل الناخبين الأمريكيين.
وقال مدير الاستخبارات القومية جون راتكليف، إنه بإمكان القوى الأجنبية استخدام هذه البيانات لمحاولة نشر معلومات مضللة بين الناخبين المسجلين على أمل أن تتمكن من زرع الضبابية، والفوضى، وتقلص الثقة في الديمقراطية الأمريكية.
وأضاف "لقد سبق أن رأينا إيران ترسل رسائل إلكترونية ساخرة لتخويف الناخبين وإثارة الاضطراب الاجتماعي والإضرار بالرئيس ترامب".
تداعيات خطيرة
وأشار رفيع زاده إلى أن النظام يلجأ أيضاً إلى وسائل أخرى مثل حملات المعلومات المضللة، ونشر الأخبار المزيفة على وسائل التواصل الاجتماعي، ويولد وينشر عناوين إخبارية مفبركة وصوراً مركّبة، وسبق لتويتر وفيسبوك أن حظرا مئات الحسابات المرتبطة بالنظام.
وأكد المحلل في الختام، أن نتيجة انتخابات الثلاثاء قد تحمل تداعيات خطيرة على النظام وعلى قبضته السلطوية.