رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


ويبقى الحب حتى الرمق الأخير في "The Note book"

4-11-2020 | 00:54



نعيش حياة حافلة بالتجارب ندرس ونعمل ونسعى وراء أحلامنا وكأننا سوف نلتقط نجمًا من السماء يومًا ما ننهمك ونجرى فى إتجاهات مختلفة ، نخطط وكأن الحياة مسألة حسابية سوف نجتازها إذا كانت قوانينها وإجراءات خطواتها فى الطريق الصحيح ، ولكن فى خضم تلك التجارب والخطط نبحث عن الحب ، ونتمنى أن نعيش قصص حب وردية كتلك التى نشاهدها فى الأفلام ، ونتمنى أن تكون النهاية دائمة سعيدة ، فمن منا لم يشاهد التحفة الكلاسيكية حيث قصة الحب الرومانسية الحالمة ، والتى جذبت المراهقين والشباب حولها ، ففى عام 2004 صدر فيلم  "The Note book".


وهو عمل مأخوذ عن رواية تحمل نفس الاسم نيكولاس سباركس وكتب السيناريو جيريمى ليفين ومن بطولة كل من رايان غوسلينغ ، رايتشل مكادامز، جيمس غارنر ، جينا رولاندز وإخراج نيك كاسافيتس ، وقد حصد الفيلم على العديد من الجوائز المختلفة .


تبدأ أحداث الفيلم بظهور سيدة عجوز ( جينا رولاندوز ) تنظر إلى البحيرة التى أمامها وفيها رجل يتجول بمركبه فى البحيرة ، يعتبر هذه المشهد نقطة إرتكاز علاقة كل من البطلين نوح كالهون وأيلى هاملتون ، حيث فى يونيو عام 1940 يلتقى نوح كالهون بأيلى هاملتون فى يوم الكرنفال بقرية سيبروك ، يعُجب بها ويقرر أن يعبر لها عن إعجابه دون تفكير ، فهو شخص بسيط كما هو يقول عن نفسه ، أحلامه بسيطة ، فإذا مات يومًا ما ، لم ينصبوا له نصبًا تذكاريًا تخليدًا لإسمه ، ولكنه نجح فى شيئ واحد ككثير من الناس وهوأن يحب من أعماق قلبه ، سرعان ما انجذبت الفتاة الثرية التى لا تفعل شيئًا دون تخطيط ، فيومها يسير وفق جدول معقد لا تستطيع الحيد عنه، لا تستطيع أن تقرر لنفسها فأهلها يتدخلون فى كل تفاصيل حياتها وهى تقبل بذلك إلى أن تقابل ذلك الشاب القروى البسيط. 


ويعلم والدها بعلاقتهما فيقرر العودة إلى نيويورك لتتابع دراستها وبذلك تنتهى قصة حبهمًا التى لم تستمر سوى فترة الصيف ، لم تساعدها والدتها واعتبرتها أنها فتاة قاصر فى السابعة عشر من عمرها ولا يمكن أن تكون هذه المشاعر حب حقيقيًا فلن يدوم كثيرًا ، وحتى إن كان حقيقيًا فأنساق المجتمع وأعرافه سوف تحول بينهما فهى من أصحاب الطبقة المخملية وهو شاب صغير يكافح فى مصنع أخشاب ويحلم بإعادة بناء المنزل المهجور( ضيعة فينروز) والذى تم بناؤه فى عام 1772.


تنتهى قصة الحب بسفر إيلى رغمًا عنه ، ويظل نوح يكتب لها لمدة عام كامل ولكنه لم يصله أى رد منها فيزهد الكتابة ويتملكه اليأس فوالدتها كانت تتسلم الرسائل بدلاً منها ، ثم تقوم الحرب العالمية الثانية ويقرر الإنضمام إلى الجيش هو وصديقه فين ، تمرسبع سنوات وتتعرف إيلى إلى ( جيمس مارسدين ) الجندى الوسيم الثرى يتقدم لخطبتها وتوافق على الفور ، ولكن قبل الزفاف بأيام قليلة ترى صورة نوح بجوار المنزل الذى وعدها بأنه سوف يعيد بناؤه وبالتفاصيل التى أشارت إليه بها قبل إنفصالهما.


تقرر العودة إلى سيبيروك لترى المنزل ، لا تستطيع أن تكمل حياتها مع خطيبها بالرغم من حبها له ، ولكن شعورها تجاه نوح مختلف تمامًا ، فتختاره ويتزوجا وينجبًا أولادًا ثم أحفادًا ، إلى أن يصيب مرض ألزهايمر وتنسى كل شيئ ، فيقرر نوح أن يقرأ لها قصتهما التى كتبتها دون كلل أو ملل وبرغم من ضعف إحتمالية شفائها ، إلا أنه يظل بجانبها إلى أن يموتا مًا على فراش واحد ، قصة حب مثالية قد لا تحدث كثيرًا ولا نحظى بتلك التفاصيل فى حياتنا إلا أنها تترك فى أنفسنا شيئًا جميلاً ، وبالرغم من أن الواقع معقد والصراع بين الطبقات يأخذ منحى آخر وقصة الحب الواقعية بين الثرى والفقير كثيرًا ما تهزمها تلك الأنساق المهترئة ولكننا نشاهدها من خلال السينما لعل تلك الفوارق الإجتماعية تذوب يومًا مًا .


وعلى الجانب الآخر من أحداث ذلك الفيلم الذى يعتبر من أهم الأفلام الرومانسية االتى يلتف حولها الشباب ولا يملون من مشاهدتها ، نجد أن السينما الهندية فى عام 2012 قد أنتجت واحد من أهم الأفلام الهندية فى تلك الفترة وهو فيلم Barfi من بطولة رانبير كابو وإليان دى كروز ، وبريانكا تشوبرا ، إخراج وسيناريو أنوراغ باسو ، موسيقى بريتام تشاكربورتى ، استلهم أنوراغ باسوقصة الفيلم من فيلم The Note book ولكن مع تغيير كبير لبنية الشخصيات الدرامية داخل الفيلم ، فقد كان تجديدًا مهمًا وجعل من الفليم واحد من أهم الأفلام الهندية التى تم إنتاجها مؤخرًا فقد حاز على العديد من الجوائز ، وتم ترشيحه للمنافسة على أفضل فيلم أجنبى فى حفل توزيع جوائز الأوسكار الخامس والثامنون.


تدور أحداث الفيلم حول بارفى ( رانبير كابور ) وهو شاب أصم متفائل محب للحياة ، بسيط ومغامر ومشاغب ، الجميع يعرفه بشغبه ومقالبه التى لا تنتهى ، يقع فى حب فتاة ثرية تدعى شروتى  غوش ( إليانا دى كروز ) وهى التى الراوى فى الفيلم حيث تحكى قصة حبها التى لم تكتمل مع بارفى وقصته حبه لجهيلميل شاترجى ( بريانكا تشوبرا ) ، يقع بارفى فى حب شروتى من أول نظرة يستطيع أن يفوز بقلبها برغم من إعاقته ، وبالرغم من خطبتها ، إلا أن أسرتها الثرية تقف حائلاً بينهما ، وهنا نتذكر مشهد والدة إيلى هاملتون عندما ذهبت بها إلى مقر حبيبها الأول الفقير المعدم لتريها الفرق بين حياتها إذا اختارته وما آلت حياتها عليه ألان حيث الجاه والمال السلطة ، فإذا اختارت حبها الأول فلم تكن تحظى بحياة سعيدة كريمة ، تظن والدتها أن بذلك سوف تؤثر على قرارها وكانت المفأجاة إختيار إيلى نوح على خطيبها الثرى الوسيم ، فهى لا تريد أن تعيش حياة روتينية لا يشوبها الحب والمرح الذى تجده مع نوح كالهون ، ولكن شروتى هنا تعمل بنصيحة أمها وتختار خطيبها الثرى فتندم وتكتشف مع مرور الوقت أنها مازلت تحب بارفى.


يمرض والد بارفى ويحاول أن يجمع له من المال ما يلزمه لإجراء العملية ، يحاول السرقة فيفشل ، فيحاول خطف لجهيلميل شاترجى وهو فتاة شابة مصابة بالتوحد وهى ابنة أحد وجهاء المدينة وأثريائها ، يخفيها فى شقته ولكن الشرطة تطارده  ، وفى خضم معركته يموت والده ، فيحزن ويكره قريته يحاول أن يهجرها ويترك جهيلميل إلا أنها تتشبث به وتنتقل معه إلى مدينة كولكاتا ، يقع فى حبها ويتزوجها وبعد مرور ست سنوات فى إحدى الإحتفالات يقابل شروتى حببيته الأولى مرة أخرى ، سرعان ما يستعيدا صداقتهما وودهما القديم ، إلا أن الأمر يغضب جهيلميل وتقرر الإبتعاد ، بالرغم من إعاقتها وبالرغم من ملاحقة أبيها لها للإستحواذ على أموالها ، إلا أن بارفى يبحث عنها حثيثًا ويجدها ويقررا أن يكمل حياتهما معًا إلى آخر العمر  ، بينما شروتى تتابع قصتهما فى أسى شديد فقد خسرت محبًا صادقًا له فى مقابل المال والحياة المترفة المنعمة ، وبالرغم من مدة الفيلم التى تتجاوز الساعتين والنصف إلا أن الفيلم تجربة بصرية ممتعة قدم فيها الموسيقى برتام العديد من الأغنيات التى تناسب أحداث الفيلم  ، ويعكس تجربة إنسانية نادرًا ما تحظى بها السينما ، فعلاقة حب بين أصم فقير معدم وبين فتاة مصابة بالتوحد ولا تستطيع تدبر أمورها وخدها مثيرة للإهتمام ، كما أن توحى لنا بأن المشاعر الإنسانية الصادقة تستطيع  أن تتخطى أى شيئ مهما كان صعبًا أو مستحيلًا.