رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


تفاصيل إنقاذ سراح دبلوماسيين سوفييت رهائن في بيروت من قبل قوة خاصة لـ"كي جي بي"

5-11-2020 | 09:07



بدأت تلك الواقعة في 30 سبتمر عام 1985، حين اعترضت سيارات يستقلها مجهولون طريق سيارتين تابعتين للسفارة السوفيتية في بيروت بداخلهما الموظف في القنصلية، أركادي كاتكوف، والملحق أوليغ سبيرين، والممثل التجاري فاليري ميريكوف، والطبيب نيكولاي سفيرسكي، وأجبروا على ركوب سيارات الخاطفين، واقتيدوا إلى جهة مجهولة، وقد حاول كاتكوف الهرب في البداية لكنه أصيب.


وأقحمت على الفور جميع إمكانات الاستخبارات السوفيتية في بلدان الشرق الأدنى والأوسط، في جمع المعلومات حول منظمي ومنفذي هذا العمل الاستفزازي، وحول أهدافه، إضافة إلى مكان احتجاز الرهائن.


وتمكن رجال الاسخبارات السوفيتية في وقت قصير من اكتشاف أن اختطاف الدبلوماسيين تقف وراءه مجموعة تدعى "قوات خالد بن الوليد"، برئاسة عماد مغنية الملقب بالضبع، وكان يعمل حارسا شخصيا للزعيم الفلسطيني ياسر عرفات ويرتبط بحزب الله.


واتضح أن اختطاف الدبلوماسيين لم يكن موجها بشكل مباشر ضد الاتحاد السوفيتي، حيث طالب الإرهابيون موسكو بالضغط على سوريا لإنهاء "الأعمال العدائية ضد المخيمات الفلسطينية ووحدات تنظيمات إسلامية متطرفة في شمال لبنان".


وكوسيلة للضغط، بعث الخاطفون برسالة إلى مكتب وكالة أنباء رويترز في بيروت يحذرون فيها من أن قوات قوات خالد بن الوليد ستبدأ في إعدام الرهائن، في حال عدم تلبية مطالبها.


ورمى الإرهابيون بجثة أركادي كاتكوف في ملعب بيروت، فيما أصيب كاتكوف بالغرغرينا، وبعد ذلك أطلق الخاطفون النار على الدبلوماسي.


وهدد الخاطفون في رسائل أخرى، في حال عدم تلبية مطالبهم، بتفجير السفارة السوفيتية في بيروت وقتل جميع أفرادها.


وتمكن يوري بيرفيليف، الضابط في الاستخبارات السوفياتية في بيروت من إجراء محادثة مع عرفات الذي وعد شفهيا بالمساعدة في البحث عن الدبلوماسيين، إلا أن الأمر لم يتجاوز هذا الحد.


 وسرد شريط وثائقي مكرس لرئيس قسم العمليات السلاية في الكي جي بي اللواء يوري دروزدوف الذي أشرف على البحث عن الرهائن، بثته قبل 3 سنوات قناة "زفزدا"، تفاصيل ما جرى من أحداث في هذه العملية الكبرى.


وقرر دروزدوف الذي يعد أسطورة في تاريخ الاستخبارات السوفيتية، إرسال عناصر من قوات "فيمبل" الخاصة إلى لبنان، وهي وحدة متخصصة في العمليات بالخارج، أنشئت في أغسطس 1981.


تصرف الكوماندوز التابع لقوات "فيمبل" في هذه العملية من موقع القوة، ما كان له "تأثير نفسي حاسم على قادة المسلحين، حيث أدركوا أن لا أحد يمزح معهم". وبنتيجة ذلك، أدرك الإرهابيون أن احتجاز الرهائن أصبح خطرا مهلكا لهم.


وتبين أن حزب الله، الذي كان يقف وراء عملية الاختطاف، قام بعد هذه التطورات، بنقل المختطفين إلى منطقة أخرى، ووضعوا في سجن يخضع لحراسة مشددة.


وحين أصبح جليا لضباط المخابرات السوفييتية استحالة إنقاذ الرهائن بالقوة من دون التعرض لخطر مقتلهم، شارك في العمل خبراء علم النفس في "فيمبل"، وكان من الضروري "اكتشاف" قائد هام بين الخاطفين، لا يستطيع "الضبع" أن يقول له "لا"، حين يطلب إطلاق سراح الدبلوماسيين.


واتضح أن سلطة من هذا القبيل تتمثل في الشيخ محمد فضل الله، الزعيم في حزب الله، الذي يشتبه في أنه وقف وراء بالاختطاف.


وحصل بيرفيليف على الضوء الأخضر من موسكو للقاء فضل الله. وكانت خطوة محفوفة بالمخاطر في تلك الظروف، كما أن الشيخ لم يستقبل بتاتا ممثلين عن دول أجنبية، وكان يعيش في جزء من بيروت يتحاشى الأجانب الظهور فيه.


ويروى بيرفيليف في وقت لاحق، أنه شدد خلال محادثة مع فضل الله، على أن الدبلوماسيين السوفييت المحتجزين يقاسون، على رغم من أنهم يمثلون دولة صديقة للعرب. والشيء الرئيس هو أن هذه المأساة لن تغير شيئا في سياسة القوة العظمى.


وأشار بيرفيليف إلى أن الاتحاد السوفيتي يتفهم أن الخاطفين ومُلهميهم ارتكبوا خطأً، ولذلك ينتظر بصبر تصحيحه.


ثم اتخذ ضابط الاستخبارات السوفيتية خطوة جريئة، وقال إن اتحاد السوفيتي يجري تدريبات بإطلاق صواريخ في مناطقه الجنوبية، وأن خطأ ما يمكن أن يحدث، ويطير صاروخ بطريق الصدفة إلى منطقة مهمة في الشرق الأوسط.


وبعد هذا التلميح الشفاف للغاية، أعرب بيرفيليف عن أمله في إلا تصل الأمور إلى هذا الحد، وأن يفهم الشيخ ذلك، وأن يساعد بنفوذه في تحرير الرهائن.


وانتهت محنة الدبلوماسيين السوفيت في 30 أكتوبر ووجد الثلاثة المتبقون على قيد الحياة أنفسهم مرة أخرى في سفارتهم، فيما غادر أفراد قوات "فيمبل" بيروت دون أن يحس بهم أحد، بنفس الطريقة التي وصوا بها وعملوا هناك.