الصين تغلق قرية كاملة.. "الطاعون الأسود" يعود للفتك بالبشرية
يبدو أن البشرية على موعد مع سلسلة من المتاعب، المرتبطة بانتشار الأمراض والأوبئة، بحيث لن تكون أزمة تفشي جائحة كورونا، التي أصابت أكثر من 40 مليون شخص، وقتلت ما لا يقل عن 1.2 مليون منهم، أخطر ما يواجه الجنس البشري في العشرين الثالثة من القرن الـ21.
ومع
استمرار حالة القلق من فيروس كورونا، وتهافت الناس على متابعة كل ما
يستجد عن الفيروس التاجي، تعود أنواع من الطاعون إلى الظهور، بشراسة تهدد بجوائح أشد ضراوة مما نواجهه حاليا، فما قصة الطاعون؟ وما أنواع الأمراض التي تندرج تحت هذا الاسم المخيف؟
"الطاعون الأسود"، مصطلح طبي كاد البشر أن ينسوه منذ منتصف القرن الـ19ـ بعد أن نجح الطب في السيطرة عليه، وتحجيم أخطاره، إلا أنه عاد للظهور مجددا ليتحدى ذروة العلم التي وصل إليها البشر هذه الأيام، رغم أنه مرض قديم!
كارثة كبرى
ويمثل "الطاعون الدبلي"، أو الطاعون الأسود، ثاني أكبر كارثة صحية، على أوروبا في
أواخر العصور الوسطى، بعد المجاعة الكبرى، وبلغ ذروته في أوروبا، بين عامي 1346، و1353م، ويعد الطاعون الأسود واحدًا من أكثر الأوبئة تدميرًا في العالم، حيث خلف وراءه
ما يقدر بنحو 75 إلى 200 مليون حالة، وفاة في أوراسيا.
ومثل معدل الوفيات هذا نسبة
مرتفعة جدًا تترواح من 30 إلى 60%، من سكان أوروبا في ذلك الوقت، وأدى
الطاعون إلى حدوث سلسلة من التغييرات الملحوظة في المجتمع، وبسبب افتقار بعض
الجماعات إلى المعرفة الطبية لفهم الوباء، فألقي باللوم على اليهود والجذام، بأنهما السبب في تفشي المرض، مما أدى إلى عمليات قتل جماعي في جميع أنحاء أوروبا.
هنا أن الحياة لم تعد إلى وضعها الطبيعي، إلا بعد مرور 300 عام
تقريبا من تفشي الطاعون، وكان ذلك وفقًا لتقرير نُشر في صحيفة "ذا صن"
البريطانية.
أعراض الطاعون الدبلي؟
يعاني
المصابون بهذا المرض من التهاب في الغدد الليمفاوية والتي قد تتحول إلى قروح
مفتوحة مليئة بالصديد، بالإضافة إلى الشعور بالقشعريرة والصداع وحدوث حمى والضعف
العام في الجسم. كما أنه عادة تظهر أعراض الطاعون الدبلي على الشخص بعد يومين أو
ستة أيام من الإصابة. كما يمكن أن يؤثر الطاعون أيضًا على الرئتيين مما يسبب
السعال وألمًا في الصدر وصعوبة في التنفس، إضافة إلى أنه يمكن أيضًا أن تدخل
البكتريا إلى مجرى الدم وتسبب حالة تسمى "تسمم الدم" أو "تعفن
الدم"، والتي يمكن أن تؤدي إلى تلف الأنسجة وفشل الاعضاء ثم الموت.
وهناك
ثلاثة أشكال من عدوى الطاعون وهم: (الطاعون الرئوي، الطاعون الإنتاني، الطاعون
الدبلي) ويعد الطاعون الدبلي هو الشكل الأكثر شيوعا، كما أنه يكون قاتلًا في 30
إلى 60 بالمائة من الحالات. بينما النوع الرئوي يكون قاتلا دائما إذا ترك بدون
علاج. وذلك وفقًا لكل من صحيفة "ذا صن" البريطانية، وموقع “BBC NEWS”.
كيف ينتشر الطاعون الدبلي؟
تشير الأنواع الثلاثة المختلفة من الطاعون
إلى طرق مختلفة لانتشار المرض، ففي حالات العدوى الدبلية يمكن أن تنتقل البكتريا
المسببة للطاعون بين الحيوانات والبراغيث، ثم تنقل البراغيث المصابة بالمرض العدوى
إلى الناس عن طريق اللدغات، ويجد الإشارة إلى أنه قد يصاب الأشخاص المصابون بعد
ذلك بالطاعون الرئوي بمجرد أن تتطور العدوى الدبلية لديهم. كما يمكن أن ينتقل
الطاعون الرئوي الناتج عن الرئة أحيانًا عبر الهواء بين المصابين. وبعد الإصابة
بالإلتهاب الرئوي أو الدبلي يمكن أن يصاب الأشخاص بعد ذلك بطاعون "إنتان
الدم"، والذي يحدث عندما تنتشر العدوى عبر مجرى الدم. وذلك بحسب صحيفة
"ذا صن".
هل
هناك علاج له؟
وفقا لموقع“BBC NEWS” فإن العلاج الفوري للطاعون الأسود هو المضادات
الحيوية، كما أنه غالبًا ما يكون هذا المرض مميت إذا ترك بدون علاج، ويساعد
التشخيص المبكر للمرض على التقليل من خطر الوفاة.
حدوث حالات طاعون جديدة؟
رغم أن الطاعون كان سبب تفشي المرض على نطاق
واسع في العصور الوسطى، إلا أن أي فاشيات من المرض تحدث اليوم فهي صغيرة للغاية.
في هذا الصدد تشير صحيفة "ذا صن"
إلى أنه يتم الإبلاغ عن حالات الطاعون الدبلي بشكل فوري. وعلى صعيد حالات الطاعون
الجديدة فقد تم إغلاق قرية بأكملها في الصين بعد تفشي الطاعون الدبلي بها وذلك في
شهر أغسطس 2020.
كما تم الإبلاغ أيضًا عن حالة وفاة من منطقة منغوليا ذاتية الحكم
في شمال الصين. كما سجلت الولايات المتحدة الأمريكية هي الأخرى حالة جديدة من
الطاعون الدبلي وذلك في ولاية كاليفورنيا. وذلك وفقًا لصحيفة "ذا صن"
وموقع “FP”.
فيروس كورونا المستجد والطاعون الدبلي
وفقًا لموقع “MedicineNet” فإن الطاعون
الدبلي نادرًا ما ينتقل مباشرة من شخص
لآخر، حيث ينتقل الدبلي عن طريق لدغة البراغيث المصابة، مما يجعل انتقال العدوة من
إنسان لآخر نادرة جدًا، وعلى النقيض من ذلك فإن فيروس كورونا ينتشر بسهولة جدا من
شخص لآخر. هذا بالإضافة إلى أن الطاعون الأسود في بدايته انتشر على نطاق واسع ودون
تمييز، مما أدى إلى وفاة الشباب الأصحاء إلى جانب آخرين. أما بالنسبة لفيروس
كورونا المستجد فإنه بحسب -مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها- فإن كبار
السن وأصحاب الأمراض المزمنة هم أكثر عرضة للإصابة والوفاة من الفيروس.