رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


"المصور" يسأل المختفين من أهل المغنى .. أين أنتم؟!

6-11-2020 | 19:14


- فاروق الشرنوبى: الأغانى الهابطة الحالية سموم للوجدان والوعى وكدنا نفقد هوية الأغنية المصرية الشرقية وجهات الإنتاج تحولت عن جيلنا للردىء والربح السريع!

- الموجى الصغير: الأغنية الحالية تموت لحظة ولادتها لأنها خالية من الدسم ومن الجمل اللحنية وأهل الصنعة الأصلاء قاعدين فى بيوتهم!

- محمد ثروت: أين حفلات ليالى التليفزيون وأضواء المدينة ولماذا لا تذيع الإذاعة ولا التليفزيون أغانى جيلنا ومن سبقونا؟!

- سامى الحفناوي: سهل جداً على الملحين أن يضع لحناً لأغنية هابطة فيشتهر كما حدث معى فى "لولاكي" ومع حسن أبوالسعود فى "الكيف"!

- د. زين نصار: الأغنية المصرية الأصيلة تحت الحصار والرقابة على المصنفات الفنية لا تقوم بدورها

الموجى الصغير مكتشف على الحجار ونادية مصطفى، وفاروق وصلاح الشرنوبى وسامى الحفناوى وزياد الطويل وأحمد الحجار.. ملحنون كبار وأصلاء غائبون مختفون عن الساحة؟!..

.. ومحمد ثروت وأحمد إبراهيم وغادة رجب وإيمان البحر درويش ومحمد الحلو ونادية مصطفى وغيرهم مطربون كبار اختفوا وغابوا!..

 سألنا بعضهم: أين أنتم ولماذا تركتم الساحة للأغنية الهابطة والسوقية الصاخبة، وفى السياق التالى إجاباتهم والتى تؤكد كلها على ضرورة عودة الإذاعة والتليفزيون للإنتاج الغنائى وعودة حفلات أضواء المدينة وليالى التليفزيون لتطرد الأغنية الجيدة كل ردئ.. وإلى التفاصيل:

البداية مع الملحن فاروق الشرنوبى الذى يقول: لازلت حياً أرزق ولكن الواقع الغنائى الحالى يحاول أن يعزلنا باعتبار أن السائد ليس هو الفن المطلوبين نحن فيه.. أو أن شكل الأغنية المصرية الحالية ليست على هوانا أو قناعتنا ولا إيماننا بالفن.. وأنا وجيلى مازلنا مصرين على تقديم الفن الذى تعلمناه واكتسبناه من خبرات الأساتذة السابقين.. والفنان الحقيقى يجب أن يكون مرغوباً فيه ومطلوباً ولا يجرى هو أو يلهث خلف أحد ليسأله ماذا يريد.. المفروض أن المجتمع الفنى يعرف قيمة الفنان الحقيقى فيطلبه.. ولكن المطروح على الساحة الغنائية حالياً ليس فناً بل سلعة أخرى بخلاف الفن لا فيمن يقدمونه أو يستقبلونه ولكنه أمر واقع نسلم به كمرحلة عابرة.

وبسؤاله لماذا لا يفرض هو وجيله فنهم الذى يؤمنون به يقول: المنافذ التى كنا نحاول من خلالها أغلقت من شركات إنتاج محترمة ومنافذ بالإذاعة والتليفزيون فكيف نواجه ما يحدث بالمقابل الأغنية الهابطة لها منافذ إنتاج كثيرة جداً داخل ومن خارج مصر وتنفق عليها بسخاء.. أما نحن فقد اختفت شركات الإنتاج التى كانت تعرف قيمة الفن الحقيقى ويعرفوننا بالاسم.. وحالياً لا أقبل ولا أستطيع بعد عمرى وخبرتى فى الفن أن أقوم بتلحين الأغانى الهابطة أو أجاريها لا تربينا على ذلك ولا مشوارنا الطويل يسمح لنا بذلك ولا نستطيع أن نهين أنفسنا فنياً ولكننى أبتعد عن هذا المناخ.. وقد أتعرض لمواقف معيشية صعبة كما حدث لغيرنا من الفنانين العظام ولكن لن يكون هذا على حساب الفن.

اتهام الفضائيات

ويتهم الشرنوبى الفضائيات الخاصة بأنها تهلل لهؤلاء المسمين بالمطربين باستضافتهم وعقد المسابقات لهم ويستفزون مشاعر الفنانين الحقيقيين الفاهمين وعن نفسى لا أستطيع أن أقبل التواجد مع هؤلاء فأعتذر ولا أعرض نفسى على أحد حفاظاً على ماء الوجه ومازلت مصراً على أن هذا الذى يقدم فى الأغانى الحالية ليس فناً بل هو سموم للوجدان وللوعي!

ويرى الشرنوبى أن الحل يبدأ بالرقابة الصارمة من أجهزة الدولة على الفنون وعودتها للإنتاج الغنائى وألا يفرض صوت نفسه على الساحة إلا بعد أن يعبر اختبارات كثيرة وكلنا نتذكر كيف مررنا باختبارات صعبة جداً كى نتعلم ونصبح ملحنين وكذلك الحال لمطربى زمان.. أما الآن فلا رقابة لمنع هذه السموم لأن الفنون لها دور فى نهضة الأمم وإلا ما كانوا صنعوا لها أكاديميات للرقى بها فضلاً عن الموهبة.. وحالياً الأغنية الهابطة لا أثر للموهبة ولا للثقافة ولا التعليم بها وهذا هو الواقع ويتجه لمزيد من التردى والتسطيح!

غياب المنافذ

لماذا لا تطردون السلعة الرديئة بالسلعة الجيدة كما فعل عبدالوهاب حين نزل بأغنيةمن غير ليهفاختفت خفافيش الظلام الفنية؟!..

اسأل الشرنوبى فيقول: نعم هذا صحيح ولكن كيف أتواجد لأتنافس منافسة شريفة عادلة ولا توجد منافذ بالأساس لتواجدنا.. أين النوافذ لنتواجد؟.. هذا هو السؤال المحير.. أنا موجود بأدواتى وموهبتى ووعيى كملحن وبقناعاتى وفهمى للفن الذى لم يتزعزع ولم يتحرك أو يتغير ولكن ما حولى كله تغير وتبدل وانفصلنا كمجتمع عن استمرارية حركة التطور الفنى وظهر جيل غير مؤمن بكل ما سبقه، لا يعرفه ولم يتعرف عليه.. وخوفى أن يندثر جيلنا ونفقد الهوية الثقافية الموسيقية المصرية الشرقية ونكون بلا ملامح كشرقيين أو مصريين.. الأغنية المصرية الآن بلا هوية فى حين أن لكل بلد هوية لأغانيها من الخليج لتركيا للصين إلا نحن فى مصر!

شروط الإنتاج

ويعترف الشرنوبى بأن الإنتاج والمال الآن يفرض شروطه وذوقه على نوع الفنون والإنتاج الحالى لا يريد فناً حقيقياً يرتقى بالفروق والوجدان بل يريد أن يربح بسرعة.. وأنا وجيلى نحتاج لإنتاج يحول فكرنا ومواهبنا لأعمال غنائية.. هكذا صناعة الفنون بدون مال لن ترى النور وكذلك التسويق والتوزيع إننى فى حيرة لست متفائلاً ولا متشائماً ولكننى متفائل ومؤمن بأفكارى فى الفن فهل سترى النور؟.. لا أعرف.. لقد وصلنا للقاع فى الأغنية الهابطة فهل سنرتفع لأعلي؟.. زمان كانت هناك جهات رسمية تنتج الأغنية وجهات رقابية تقرر ما يصلح ومالا يصلح للتعبير عن هوية مصر الغنائية.. وحالياً لا أرى هذا الدور.. حتى الجيل القديم فى مبنى التليفزيون وبالإذاعة الذى كان يحترم الأغنية والفن الحقيقى رحل واختفى وعن نفسى لم أدخلماسبيرومن سنوات ومن كنت أعرفهم رحلوا والكوادر الجديدة بالإعلام بلا فهم وبلا إدراك لخطورة الأغنية على الوجدان فلا دهشة ولا مفاجأة من القبح.. ولابد للدولة أن تتدخل إذا كانت جادة فى تحقيق نهضة لأن الأغنية أسرع تأثيراً من المقالة ومن الفيلم ومن التعليم ومن كل برامج الكلام!

إنتاج الأغنية

ويؤكد الملحن الموجى الصغير على ضرورة عودة الدولة للإنتاج الغنائى ممثلة فى الإذاعة والتليفزيون ويقول: زمان كانت الإذاعة تتصل بأبى محمد الموجى وتطلبه للحضور فيجد أكثر من نص غنائى  أمامه لوضع ألحان لها لأكثر من مطرب ومطربة.. وكان المطربون الكبار يفعلون نفس الشئ وكانت أجهزة الدولة تدافع بقوة عن الفن الراقى ضد الفن الهابط فلجان الاستماع بالإذاعة رسب أمامها أبى محمد الموجى أول مرة وقالت إنه لا يصلح لا مطرب ولا ملحن، وفى المرة الثانية أجازوه كملحن لا كمطرب!.. حالياً اختفى هذا الدور من الإذاعة ومن التليفزيون وأصبح كل من هب ودب يعبىء شريطاً أو سيديهات وتلقى الرواج بالشارع فيحقق الملايين ويصبح مشهوراً وتستضيف الفضائيات.. وأهل الفن الحقيقى قاعدين فى بيوتهم!

ويشير الموجى الصغير لزاوية أخرى ألا وهى إحجام عدد كبير من المطربين والمطربات الشباب عن اللجوء للملحن لوضع لحن للأغانى لأن الملحن الحقيقى سعره غالوبدلاً من أن يدفع أحدهم ثلاثين ألف جنيه فى تلحين أغنية يقوم هو بوضع موسيقى أى موسيقى زاعقة مسروقة من هنا أو من هناك فلا جمل لحنية ولا هوية للحن وبالتالى تظهر الأغنية اليوم وتختفى بعد أسبوع أو بمجرد ظهورها لأنها بلا فائدة وخالية من الدسم وبلا مجهود بعكس أغنية زمان تعيش لليوم لذلك أنا أردد دائماً المثل الشعبي: “الحى أبقى من الميتبالعكس وأقولإن الميت أبقى من الحيلأن أغانى كل الكبار تعيش بيننا للآن من أم كلثوم وعبدالوهاب وفيروز وأسمهان وفايزة ونجاة والأطرش وفوزى وحليم ومحمد قنديل وعبدالمطلب وعبدالغنى السيد.. كلهم وغيرهم يعيشون للآن بينما الأغنية المعاصرة تموت حين ولادتها!

الشهرة والتاريخ

من هو امتداد الأغنية المصرية كهوية وثقافة شرفية؟.. أسأل الموجى فيقول: عبدالحليم هو الامتداد الطبيعى للأغنية المصرية بعد الأجيال السابقة عليه وليس محمد منير ولا حميد الشاعرى.. ولا أحمد عدوية لأن هذه ألوان وليست التيار الأصيل للأغنية.. ويجب أن نفرق بين الجماهيرية والتاريخ الفنى فعدوية حقق جماهيرية كبيرة فهل معنى ذلك أنه فى مصاف عبدالحليم؟ لا.. وحالياً هل نستطيع أن نضع هانى شاكر أو سميرة سعيد أو حلمى بكر فى مرتبة عاصى الحلانى أو سعد الصغير؟! لا يمكن فهانى وحلمى أساتذة فى النغم المصرى الأصيل كذلك ثروت والحجار والحلو ومدحت صالح وأحمد الحجار وأحمد إبراهيم وأنغام وغادة رجب وآمال ماهر.. أما ما يجرى فى الفضائيات من مسابقات غنائية وتقييم الأصوات الجديدة فإن لجان التقييم نفسها تحتاج لتقييم لأن الجماهيرية والشهرة بخلاف التاريخ الفنى الحقيقى.

لقد قدمت على الحجار لأول مرة فى بدايته كما قدمت نادية مصطفى وكنت أدربها فى البيت وكان أبى يرانى وأنا أدربهما وهما من الأصوات الممتازة فهل يعترف بذلك الآن.. وأين نادية مصطفي؟.. السوق حالياً يطرد كل جيد لصالح كل ردئ.. ولا يصح أن يلهث الملحن أو المطرب الفنان الحقيقى وراء جهات الإنتاج لتسويق نفسه بل على جهات الإنتاج أن تذهب إليه وعلى الدولة أن تعود للإنتاج الغنائى لأجل آخر.

لولاكي

الملحن سامى الحفناوى من جانبه يتضامن مع زملائه ويقول: لقد قدمت فى بداياتى أغنيةلولاكيلعلى حميدة لأثبت أن الملحن الجيد يستطيع أن يلحن الأغانى الهابطة ويكسر بها الدنيا ويحقق الشهرة والجماهيرية كذلك قدم الملحن الراحل حسن أبوالسعود ألحان أغانى فيلمالكيفوهى أغانى خفيفة ساخرة حققت شهرة مدوية.. ولكننا كملحنين نفهم قيمة الفن الجيد والحقيقى ولكن للأسف لا يطلبنا أحد ولا سوق له والدولة رفعت يدها عن الأغنية فلا صاحب لها فماذا أصنع أنا وليس لى من أدوات غير فنى وموهبتى ولست جهة إنتاج أو جهة رقابة!

الإعلام متهم!

ويتهم المطرب محمد ثروت وسائل الإعلام بأنها تشجع الأغنية الهابطة الرديئة بعدم إذاعة الأغانى الأصيلة ويقول: قدمت الأغنية الوطنية والعاطفية والدينية أخيراً من أشعار الشيخ محمد ماضى أبوالعزايم وغيره.. ولكن التليفزيون الرسمى والإذاعة المصرية كأنها تناصبنا العداء فلا تذيع أغانينا.. والجمهور معذور لأنه لا يجد أمامه إلا الأغانى السوقية الهابطة فأقبل عليها فحققت الشهرة والمال وكسب منتجوها وامتدت ظاهرة التفاهة والتسطيح للأفلام وأصبح لابد من أغنية راقصة داخل الفيلم على مشاهد تعاطى المخدرات والرقص بالسلاح الأبيض فماذا تنتظر من الجمهور والشباب فى الشارع وهو يرى أن هذا هو الفن المقدم إليه؟!

ويتساءل ثروت: أين حفلات ليالى أضواء المدينة وحفلات التليفزيون الغنائية.. وأين حفلات الربيع التى كان يتبارى فيها فريد الأطرش وعبدالحليم وأين الحفلات الغنائية بالمحافظات ومسارح الجامعات كما كان الحال قديماً؟!.. لا تلومنى كفنان بل  لوموا وسائل الإعلام التى لم تعد تشجع الغناء الراقى ولاتذيعه!.

حصار الأغنية الراقية!

ويعترف الناقد الفنى د.زين نصار بأن الأغنية المصرية تتعرض لحصار من جهات داخل وخارج مصر بدليل أن كل عناصر الأغنية الأصيلة موجودة من مطرب وملحن وشاعر وعازفين وموزعين وكل وسائل الإنتاج.. ولكن لا توجد أغنية راقية بل توجد الأغانى الهابطة والسوقية وهناك قنوات خاصة لا تذيع إلا الأغانى الهابطة ليل نهار ما يؤكد أن هناك من يستهدف الأغنية المصرية الحقيقية.. فماذا يفعل ملحنونا ومطربونا الأصلاء والأغنية كالفيلم صناعة وتحتاج المنتج والواقع يفرض التفاهة والتسطيح وبالتالى شاعر جيد وملحن جيد ومطرب جيد بدون إنتاج ودعم لن يقدموا فناً.. والحل يبدأ بوقف إذاعة الأغانى الهابطة وإذاعة الأغانى الراقية.

وإذا كانت الدولة مشغولة بالقضايا الاقتصادية ذات الأولوية للمواطن فإننا نتوجه للإعلام وخاصة للإذاعة والتليفزيون الرسميين بمحاربة الغناء الهابط لأن الفن يقود ولا يقاد.. عبدالوهاب كان يقود بالتجديد والتنافس وكان المناخ عامراً به وبثومة وبكارم محمود ومحمد قنديل وفريد الأطرش ومحمد فوزى وغيرهم.. فلابد أن نحسن مناخ الاستقبال بمعنى أن الجمهور لا يجد غير الردئ فإذا وجد الجيد أقبل عليه لأن الردئ يضره وهو لايعرف.. فالغناء الدينى والعاطفى والوطنى والوصفى سلاح خطير للارتقاء بالذوق العام أو الهبوط به.. وحوادث المرور على سبيل المثال كثرت لانتشار الأغانى السوقية الزاعقة والصاخبة التى توتر الأعصاب!

ويلفت د. زين نصار لغياب حركة النقد الموسيقى والغنائى من الصحافة المصرية وعليه لم يجد التيار الهابط من يتصدى له.. كذلك نقابة الموسيقيين غائبة وجهاز الرقابة على المصنفات الفنية كحائط سد رسمى لا وجود لهما ولابد أن ينهض للقيام بواجبهما للتصدى للهبوط الغنائى فيفسحان الساحة للغناء الجيد وعودة الملحنين والمطربين الأصلاء للساحة من جديد.

نقلا عن مجلة المصور