رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


المنهج الإسلامي ... و أهل السفينة

6-11-2020 | 19:48


النفس الإنسانيه كريمه على الله تعالى ، ففضلها على سائر المخلوقات حتى جعل إختلاف الألسنه والألوان آيه من آياته فقال تعالى ( ومن آياته خلق السموات والأرض وإختلاف ألسنتكم وألوانكم إن فى ذلك لآيات للعالمين )(الروم:22) ، و قد ظل الإسلام حريصاً على النفس ، حفياً بها ، محافظاً عليها ، حتى ولو أنها فى دور التكوين فى رحم المرأه ، فكان مجرد تمنى الموت خطيئه فى منطق الإسلام فقال المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( لا يتمنى أحدكم الموت لضر أصابه ، فإن كان لابد فاعلاًً فليقل : اللهم أحينى ما كانت الحياه خير لى ، وتوفنى إذا كانت الوفاة خير لى ) وبذلك يكون مجرد تمنى الموت خطيئه ، فما بالنا بقتل النفس ، خاصة إذا خشينا أن نقع فى من قال فيهم سبحانه وتعالى ( من قتل نفس بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ) (المائده:32) .

ولأن الإنسانيه يجمعها أصل واحد ، ثم تشعبت للتعارف من جديد ، وذلك فى قوله تعالى   ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم )(الحجرات:13) فلا يشمل المنهج الإسلامى فوارق العرق ولا شذوذ العصبيه والغلو والتشدد والتطرف ، فوجدنا فى صدر الإسلام التقى جنباً إلى جنب بلال الحبشى ، وصهيب الرومى ، وسلمان الفارسى ، بأبى بكر ، وعمر بن الخطاب ، وعثمان بن عفان ، وحمزه بن عبد المطلب وهم السادة القريشين ـ رضى الله عنهم جميعاً ـ حتى قال عمر بن الخطاب : أبوبكر سيدنا يعتق سيدنا ( يعنى بلال الحبشى ) ويبكى أبا ذر الغفارى ـ رضى الله عنه ـ واضعاً خده على الأرض طالباً من عبد عنده أن يطأه بقدمه ، عندما عاتبه المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقال له : أعيرته بأمه ؟ إنك أمرؤ فيك جاهليه ...) كذلك وجدنا المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ يولى قيادة جيش جرار فيه جنود من كبار الصحابه المهاجرين والأنصار إلى ـ أسامه بن زيد بن حارثه ـ الذى كان أبوه رقيقاً وحرره المصطفى ، وهذا القائد الشاب كان لا يتجاوز العشرين عاماًً من عمره ، وبعد وفاة المصطفى أقر الصحابه قراره فخرج أسامه بالجيش فى فتره قاسيه كانت تموج البلاد فيها حركة الرده ، وكان من البديع أيضاً أن نجد الخليفه الأول أبوبكر الصديق ـ رضى الله عنه ـ يودع هذا الجيش سائراً على قدميه فى ركاب القائد الشاب الذى يقول له يا أمير المؤمنين إما أن تركب أنت أو أنزل ، فيقول : لا تنزل ولا أركب ، وما على إلا أن أغبر قدمى ساعه فى سبيل الله .

كما أن الإسلام لا يشمله التمييز فى الكرامه الإنسانيه بين رجل وأمرأه ، فالنساء شقائق الرجال ، بل حفظها من الوأد ، ومنحها حرية التصرف فى كافة حقوقها فقال تعالى ( أنى لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى ) (آل عمران19) .

وقد أحتفى القرآن الكريم بالنساء فى مواطن عديده فى سوره وآياته وقصصه ، وعظاته فوجدنا سور النساء ، ومريم ، والمجادله ، والممتحنه ، وقصص لأمهات المؤمنين ، ومريم بنت عمران ، وآسيا أمرأه فرعون ، وملكة سبأ ، وأمرأه نوح ، وأمرأه لوط ، كما كان للمرأه دورها المشرف على مدار التاريخ الإسلامى فأول المؤمنين خديجه بنت خويلد ، وأول الشهداء فى الإسلام ـ سميه أم عمار بن ياسر ، وكانت عائشه وأسماء أبنتا أبوبكر من بين سائر الخلق على علم بموعد الهجره وشاركا فى الإعداد لها حتى حظيت أسماء بلقب "ذات النطاقين " وظلت المرأه تسابق على أبواب الخير حريصه على إدراكه حتى وجدنا أسماء بنت عميس ـ زوجة جعفر بن أبى طالب ـ رضى الله عنهما ـ تدخل فى حوار مع عمر بن الخطاب رضى الله عنه ـ وهى غاضبه لقوله لها عندما وجدها عند أبنته ـ حفصه ـ أم المؤمنين ـ سبقناكم بالهجره ( أى إلى المدينه ) فنحن أحق برسول الله منكم ، فشكت لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال (ليس بأحق بى منكم ، وله ولأصحابه هجرة واحده ، ولكم أنتم أهل السفينه هجرتان ).