آفاق.. ارحمونا من هذا العبث
ماذا حدث فى مصر؟، هل وصل بنا الحال إلى هذا الحضيض
المتمثل فى الكليبات التى يتم ترويجها عبر مواقع اليوتيوب على غرار الفيديو الغنائى
الصادم "مهرجان التكاتك"، الذى طالعنا مؤخرا وهو عبارة عن أغنية هابطة زاخرة
بالألفاظ الخارجة، عرض هابط رخيص شائن يسىء للعين والأذن معا، وحصيلته الخراب
المريع. ونتساءل كيف يمكن تسويق هذا النوع من الرخص الذى يمثل تشويها للغناء
العربى وإفسادا للأخلاق؟، إنه نفايات يتم تسويقها وهو بمثابة أسلحة دمار شامل
بالنسبة للشباب والأطفال معا. فيديوهات صادمة لكل المشاعر وكل قيم المجتمع بما
تعكسه من مادة غثة. فيديوهات سيئة الصيت والغرض مصحوبة بحركات راقصة مجونية هابطة.
نتساءل أين مباحث الإنترنت من هذا العبث القاتل والمجون
الذى زاد عن حده؟ كيف يمكن طرح مثل هذه الكليبات البشعة التى تطيح بقيم المجتمع
وتنسف أطر الأخلاق بما تحمله من ألفاظ خارجة سوقية بذيئة لا يمكن لأحد النطق بها
ناهيك عن تكرارها؟. كلمات غاية فى السقوط والابتذال والإسفاف والسفالة. كلمات
داعرة وصل بأصحابها الجرم إلى الحد الذى قاموا فيه ببث هذا العهر والانحطاط على
مواقع التواصل الاجتماعى. إنه خروج متعمد عن إطار السلوك المنضبط الذى يراعى قيم
المجتمع ومعايير الأخلاق. لقد مضى عتاة الإباحية الشاذة يسوقون هذه المادة
المسمومة لإضاعة قيم المجتمع المعنوية والثقافية وتشويه صورته عمدا من خلال إظهاره
فى ثوب داعر رخيص. فيديوهات غثة تصيب أى منصف بالأسى والحسرة على ما وصل إليه
المجتمع اليوم على يد فئة عفنة حولته إلى ساحة للابتذال.
آن الأوان لمواجهة هذا الطاعون وقطع الطريق على مثل تلك
الاختراقات اللاأخلاقية من قبل فئة عابثة دنسة غايتها تشويه وجه المجتمع وهز أطره
وتحطيم ركائزه وإفساد شبابه، آن
الأوان لأن يتحرك جهاز مباحث الانترنت ويتصدى لهذا المجون، ويسارع بإغلاق هذه
المواقع ذات التوجه الحقير الذى يتنكر للأخلاق ويمحو متعمدا كل قيم الوطن، وخلافا
للأجهزة الرقابية التى يتعين عليها إغلاق هذه المواقع فإن المسئولية تقع أيضا على
الأسرة التى عليها أن تتحكم فى نوعية ما يطلع عليه أبناؤها، إذ يجب ألا ينفرد
الابن أو البنت بجهاز الكمبيوتر خاصة إذا كانوا فى سن صغيرة أو فى فترة المراهقة،
فتلك الآلة الإعلامية الخطيرة متعددة التوجهات لابد من أن تجابهها حصانة أخلاقية
ودينية وثقافية واسعة نزرعها فى نفوس الأبناء حتى لا تأخذهم التيارات الشاذة نحو
التخبط والوقوع فى براثن الانحطاط والانحلال.
ويظل القياس مع الفارق بين ما يحدث فى مصر، وما يحدث فى
بريطانيا عندما سارعت الهيئة المكلفة بتحديد معايير الإعلان فى بريطانيا بحظر إعلان
عن منتج نسائى لإزالة الشعر بدعوى كونه يمثل خرقا للقانون المعمول به فى المملكة المتحدة،
الإعلان المذكور بثته قناتان وتظهر فيه نساء يرتدين المايوه وهن يرقصن. وقالت
الهيئة فى معرض تبرير الحظر بأن هناك لقطات مقربة لمناطق حميمية من أجسادهن، وأن
الهيئة تلقت سبع عشرة شكوى بأن الإعلان يصور المرأة كسلعة وبطريقة جنسية مفرطة حيث
إن المايوه كان كاشفا للأجساد، وأن المنتج قدم بطريقة مبالغ فيها، وهى طريقة
تتعامل مع المرأة كسلعة، وأن الإعلان بذلك قد يتسبب فى مخالفات خطيرة أو واسعة
النطاق ومن ثم فهو يخرق القانون؛ ولهذا أصدرت الهيئة قرارها القاضى بوقف الإعلان
فى شكله النهائى.
واليوم نقول لأجهزة الرقابة فى مصر إن الحرب ضد هذا
العبث القاتل لم تعد خيارا يمكن استبداله، كما أنها لم تعد ترفا يمكن الاستغناء
عنه، وإنما باتت اليوم هى مدخلنا الوحيد لضمان القضاء على هذا العهر الفاجر وهذه
الدعارة الآثمة.....