رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


«المغفّل» عندما يشم رائحة الجنة!

29-1-2017 | 10:46


بقلم -خالد ناجح

حكى لي أحد الأصدقاء من ليبيا قصة طريفة انه عندما تم إلقاء القبض علي قيادي بتنظيم داعش في بنى غازي، وحكى هذا القيادي عن كيفية إقناع عضو من شباب التنظيم بعملية انتحارية بأن يجتمع قيادات التنظيم بخمسة أشخاص تكون مهمتهم تصفيح وتفخيخ سيارة، ثم تجتمع القيادات مرة أخرى للاتفاق علي تحديد موعد ومكان التنفيذ ويجتمعون مرة أخرى للاتفاق علي «الخروف أو المضحوك عليه» الذي سينفذ العملية.

بعد أن يتم الاتفاق علي اسم منفذ العملية من الشباب يجتمعون في حجرة وقد تم تبخيرها ورشها بماء الورد والروائح الذكية النفاذة ويتم الاتصال بـ «المغفل»، الذي تم الاتفاق عليه، وعندما يحضر يتم شرح العملية للمجموعة ويبدأ كل منهم بالتظاهر بأنه يريد القيام بالعملية ويقوم القائد بسؤالهم واحدا تلو الآخر أسئلة ومن بينها هل تشم رائحة الجنة الآن؟

فيجيب كل الموجودين بالنفي إلا «المغفل» يقول نعم أشم رائحة الجنة، فيقول قائد التنظيم أبشر أنت من سيقوم بالعملية، أبشر فإن الحور العين تنتظرك، وإنك في عليين مع الشهداء، وبعدها يتلقي التهانى ويسمع خطبة عصماء من القائد وبعض الأناشيد فترتفع نسبة الادرنالين في جسد «المغفل»، ويقول هذا القيادى في اعترافاته إن هذا المغفل الذي اشتم رائحة الجنة يخرج من هذه الجلسة كالثور الهائج ولن يوقفه سوى الموت.

أيضا من ضمن الاعترافات ذكر أن «المغفل» لا يترك كثيرا بمفرده حتى لا يفكر في التراجع وهذا لا يحدث، لأن هذه الجلسة تتم قبل العملية بوقت قصير وهكذا يتم الزج بالشباب إلى الجحيم.

والحقيقة أن داعش تستخدم علم النفس ولديها علماء جندتهم منذ فترات طويلة للوصول إلى هذه القدرة الفائقة فى معرفة ميول الشباب والتأثير عليهم وكيفية استقطابهم، نتجت عن مساعدة منظومات وفصائل سياسية تريد تغيير الوضع التى تعيش فيه بلدانها، وهذه القاعدة تنطبق أيضاً على الشباب الذى ينتمى لهذه الجماعات من البلدان الأوربية والإفريقية، فهو يشعر بأنه يغير شيئاً داخل بلده.

فداعش تمتلك فضاء إلكترونياً ضخماً جداً على تويتر وفيس بوك ويوتيوب، بالإضافة إلى وسائل الإعلام التى تستغلها من أجل الوصول إلى الشباب وعلى رأسها مجلة «دابق» وكالة أنباء «أعماق»، وهذا واضح في حضورها الدائم فى السوشيال ميديا، الأمر الذي مكنها من سهولة الوصول للشباب وتجنيدهم خاصة أن الشباب أكثر الفئات ارتباطًا بوسائل الفضاء الإلكترونى، وهناك غرف للدردشة يستخدمها عناصر التنظيم للتواصل مع الشباب من جميع أنحاء العالم، وهم يستغلون فى ذلك كراهية بعض الشباب، خاصة ممن هم فى سن صغيرة، لما يحدث فى مجتمعاتهم من وجهة نظرهم أيضا الشباب يعتبرها رحلة ومنهم من يراها رحلة للجنة أو رحلة لجنى الأموال، وهذا يكون بالاتفاق بين عضو التنظيم المسئول عن التجنيد والشخص المجند فهم عادة لا يتجاوزون العشرين عامًا فيسافر إلى داعش من لندن، إلى تركيا، ومن تركيا تمكن من الدخول إلى العراق أو سوريا بسهولة.

والخطير أن تنظيم داعش الإرهابي اعتمد فى الفترة الأخيرة على تجنيد شباب جامعات فى تخصصات جيدة يتمتعون بعيشة رفاهية عالية، ولا يواجهون أيا من مشكلات الفقر وضيق العيش التى تضطرهم إلى الانضمام لمثل هذه الجماعات، مبينًا أن التنظيم استطاع الوصول إلى فكر الشباب وما يرغبون فيه على اختلاف ثقافاتهم ومستوياتهم الاجتماعية، والأسلوب الذى تعتمد عليه داعش فى إرضاء نفوس الشباب هو العامل المهم وراء انضمام الكثير منهم بالرغم من اختلاف فئاتهم العمرية ومستوياتهم المادية والعلمية، مبينًا أنها تقوم بإرضاء نفوسهم من خلال إعطائهم وجاهة اجتماعية ومناصب ومراكز اجتماعية، وتهتم بنشر قصصهم وصورهم وهو ما يرضى هذا الجانب لديهم، خاصة أن الكثير منهم يكون ميسوراً ماديًا أو حاصلاً على مؤهل عالٍ وثقافة عالية، إلا أنه لم يحصل على المكانة الجيدة التى كان يتطلع لها فى بلده.

فداعش يتوفر لديها العديد من العلماء فى مختلف المجالات والتخصصات، بالإضافة إلى أنها تحصل على مساعدات من جهات استخباراتية من دول أخرى، تحقق مكاسب من وراء وجود مثل هذا التنظيم، وهذا أحد أهم أسباب نجاح داعش فى تجنيد هذا الكم الكبير من الشباب وصغار السن خاصة المنتمين للدول الأوربية.