رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


وزارة لمطاردة الفاسدين!

29-1-2017 | 10:51


بقلم – عبد اللطيف حامد

لا يختلف اثنان فى مصر أم الدنيا على أن الفساد طغى وتجبر على مدى السنوات الثلاثين الماضية حتى أصبح عصيا على الحصار، وتحول إلى أخطبوط تضرب أذرعه فى مختلف الاتجاهات، مفترسا للمال العام بالملايين والمليارات، فى الوقت الذى يعيش أكثر ٢٧.٨٪ من المصريين تحت خط الفقر.

أطالب رئيس الحكومة المهندس شريف إسماعيل أن يضع فى اعتباره أثناء مشاورات التشكيل الوزارى المرتقب أن يخصص حقيبة لمكافحة الفساد لجميع الأجهزة الرقابية التى يصل عددها إلى نحو ٣٦ جهازا رقابيا، لكن وجود قانون خاص لكل منها، واستقلالها عن بعضها بحكم اختلاف الوزارة التى يتبعها كل جهاز، يقلل من قدرتها على مواجهة الفساد الإدارى والمالى بالجهات والمؤسسات العامة، فى ظل العمل بمعزل عن بعضها، وعدم تبادل المعلومات، فتتبعثر جهودها فى مطاردة الفاسدين، ويستطيع الوزير الذى سيقع عليه الاختيار أن يوحد المنظومة الرقابية، ويجيش الهمم والطاقات للتصدى لألاعيب وحيل الانحراف، ويا حبذا لو جاء على رأسها اللواء محمد عرفان رئيس هيئة الرقابة الإدارية، فصولاتها وجولاتها ضد الفساد مؤخرا ترشحه بلا منافس، وبتوافق شبه تام شعبيا وحتى داخل مؤسسات الدولة وفى مقدمتها رئاسة الجمهورية.

من المؤكد أن أصحاب المصلحة سيهاجمون فكرة هذه الوزارة من الباب للطاقة، بحجة أننا لا ينقصنا المزيد من الوزارات، ونحتاج لترشيد النفقات، خاصة أن مصر من أصحاب الرقم القياسى بمعدل ٣٤ وزارة بينما نجد ١٤ وزارة فقط فى كل من اليابان والولايات المتحدة الأمريكية، وهنا نلفت نظر المهندس شريف إ سماعيل بأخذ مطلب نواب البرلمان بدمج بعض الوزارات مأخذ الجد، فلدينا نحو ١٦ وزارة يمكن دمجها فى ٧ وزارات فقط، وفتح الباب لعمل وزارة جديدة لتضرب بيد من حديد كل أوكار الفساد مهما كانت أسماؤهم أو مناصبهم أو الجهة التى يعملون بها، فلا حصانة لفاسد كما قال الرئيس السيسى، ولابد أن تتضمن صلاحياتها التفتيش والمتابعة الميدانية والمفاجئة على أى قطاع أو مؤسسة أو مشروع بعيدا عن الإجراءات الروتينية والإدارية، التى تسمح للصوص المال العام بـ « تظبيط الأوراق» و «تستيف الدفاتر»، مع تفعيل قاعدة « من أين لك هذا» حتى تحيل من تحوم حوله الشبهات إلى جهات التحقيق» لتصادر أمواله السائل منها والمجمد، وبالتأكيد لا محالة من وضع ضوابط ومعايير دقيقة لاختيار من يعملون بها، ويخضعون للرقابة المستمرة حتى لا يسيل لعابهم أمام الإغراءات.

يا سادة، المسألة تستحق البحث عن سيناريوهات على المستويين القريب والبعيد لمواجهة الفساد، لأن الشعب ضاق ذرعا من فاتورته الفاحشة، ولم يعد يسلم منه قطاع، إلا ما رحم ربى، والأرقام والتقديرات مرعبة أقلها وليس أكثرها تتخطى حاجز الـ ٢٠٠ مليار جنيه وفقا لدراسات المركز المصري للشفافية ومكافحة الفساد، وبنظرة بسيطة للشهور الماضية سنجد الأمر منطقيا، ولا يحتاج لعناء البحث لإثباته من قضية فساد صوامع القمح التى أزكمت الأنوف لعدة شهور، كما أن لجنة استرداد أراضى الدولة يوما وراء يوم تتحفنا بنهب المليارات فى أراضى الشعب لصالح حفنة من الشخصيات بمبالغ تتجاوز الـ ٣٠٠ مليار جنيه كتقديرات مبدئية، والله أعلم بالخفايا، والغريب أن مال الله فى ممتلكات الوقف والأوقاف لم يسلم من النهب والهبش بالمليارات سواء كانت فى الداخل أو الخارج .

صحيح لا ننكر دور بعض الأجهزة ومنها هيئة الرقابة الإدارية كما سبق القول، وسيفها الذى لا يتوقف عن بتر رءوس الفاسدين خلال الفترة القليلة الماضية بعدما منحها الرئيس السيسي الضوء الأخضر للحرب على الفساد، وبالفعل ضبطت الهيئة قائمة طويلة من القضايا فى عدة قطاعات، وهذا مجرد غيض من فيض غزواتها ضد آكلى السحت وأعوانهم، وستتواصل حروبها فى المرحلة المقبلة لتطهير شرايين أجهزة الدولة من سموم الفساد الزعاف، كما أن مباحث الأموال العامة، وجهاز الكسب غير المشروع، والجهاز المركزى للمحاسبات وغيرهم يسيرون على نفس الطريق، لكن إنشاء وزارة متكاملة شغلها الشاغل، مطاردة الفاسدين ستكون أكثر مرونة، وقدرة على هزيمته فى مدة معقولة، وستخلق رادعا قويا لكل من تسول نفسه التفكير فى الفساد كطرف رئيسي أو شريك.

بالمناسبة لا يحدثنى أحد عن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، فلا نشعر لها بمردود رغم تدشينها فى نهاية ٢٠١٤ سواء فى السياسات والبرامج والآليات رغم الوعود بأن تكون البوابة الرئيسية لوأد الفساد، ونشر ثقافة محاربته بين الناس، والمسئولين معا. والله أعلم.