رجاء حسين.. مسيرة طويلة من العطاء والصبر والفقد
احتفلت اليوم السبت 7 نوفمبر،
الفنانة الكبيرة "رجاء حسين " بعيد ميلادها الـ 82، وهي صاحبة الأداء
المميز في أداء دور الأم المصرية، بمسيرة فنية طويلة امتدت لعقود شاركت فيها نجوم
الفن الجميل أهم أعمالهم، التي تعتبر من كلاسكيات السينما المصرية، وتركت بصمة لا
تنسي بأدوارها في الدراما التلفزيونية التي لا يمل المشاهد عن متابعتها أينما حلت
مثل " المال والبنون، الشهد والدموع، رحلة أبي العلا البشري، وغيرها الكثير.
وقد اكتست ملامحها
التي مر عليها الزمن تعب وكفاح خلال رحلة طويلة ما بين الصبر والفقد والحياة
والموت والفن والإبداع وذكريات لا تنسى.
ولدت" حسين
" في محافظة القاهرة، في مثل هذا اليوم ٥ نوفمبر ١٩٣٨،عاشت فترة طويلة في
طنطا لظروف عمل أبيها، فكانت تنتمي لأسرة متوسطة فوالدها كان رئيس قلمًا الحسابات
في وزارة المالية، أحبت التمثيل منذ نعومة أظافرها، وكانت تتأخر في المدرسة لشغفها
الشديد بحضور بروفات
التمثيل .
التحقت بالمعهد العالي
للفنون المسرحية دون علم أسرتها، وظلت تدرس لمده عام كامل دون إخبار أحد، سرعان ما
قررت المواجهة والاعتراف بأنها لم تلتحق بكلية الحقوق كما زعمت وأقنعت أبيها بذلك،
وافق أبيها أن تستكمل دراستها في المعهد العالي للفنون المسرحية بشرط ألا تختلط
بالوسط الفني .
بدأت "حسين"
العمل بفرقة نجيب الريحاني، وعملت مع عمالقة وكبار الفن الجميل مثل ماري منيب،
عباس فارس، عدلي كاسب، ميمي شكيب وغيرهم الكثيرين، وقد كانت أولي خطواتها الثابتة
عندما استقالت من فرقة نجيب الريحاني لتلتحق بفرقة المسرح القومي، وبعد فترة قصيرة
من التحاقها استطاعت أن تشارك في معظم العروض المسرحية .
انطلقت شهرتها
الحقيقية من خلال مشاركتها في مسرحية " سكة السلامة" علي شاشة
التلفزيون، ومنذ ذلك الحين بدأت تتوالي أعمالها التلفزيونية والسينمائية، واشتهرت
بدور الأم الذي أتقنته ببراعة شديدة فقد أعاد إلي أذهاننا، "أمينة رزق"
أعظم من قدمت دور الأم وأصبحت علامة أيقونية في تاريخ الفن، وعلي إثر ذلك لا
نستطيع أن لا تتذكرها بدور الأم في مسلسل المال والبنون، ذئاب الجبل، رحلة أبي العلا
البشري، زيزينيا، الشهد والدموع، لدواعي أمنية، شجرة اللبلاب، الليل وآخره، واحة
الغروب، وقد عرفناها في دورها الكوميدي في مسلسل " عايزة أتجوز
".
شاركت
"حسين" المخرج الكبير " يوسف شاهين" أحد أفلامه وهو "
عودة الابن والضال ،
وقدمت أدوارًا متميزة في فيلم " مال ونساء"، نوارة، الليالي الدافئة،
ونس، وفيلم أفواه وأرانب الذي كان من بطولة فاتن حمامة ومحمود ياسين وفريد شوقي،
وتحكي " حسين " عن كواليس عملها مع سيدة الشاشة العربية " فاتن
حمامة " بأنها في أول يوم تصوير حضرت وأثناء أعدادها لأداء مشاهدها، لاحظت
" فاتن حمامة " أنها قد وضعت المكياج قبل تصوير المشهد، فتناقشت معها
بضرورة أن تنزع هذا المكياج لأنه غير مناسب للشخصية التي تؤديها في الفيلم فهي أم
شابة فقيرة لديها من الأبناء عدد كبير، وتعاني من العوز والنقص والحاجة فلا تستطيع
تلبية احتياجات أولادها الكُثر، فكيف يمكنها أن تضع المكياج وكأنها إحدى سيدات
المجتمع الأرستقراطي، وبالفعل تجاوبت "حسين" مع نصيحة أستاذتنا لتقدم
أحد أهم أدوارها الخالدة.
تزوجت من الفنان سيف
عبدالرحمن والذي لم يمانع عملها بمجال التمثيل، واستمر زواجها لأكثر من ٥٠ عامًا،
وقد أثمر زواجها عن أولادها أمل وكريم (عقيد بالجيش المصري) والذي توفي إثر هبوط في
الدورة الدموية أثناء قيادة سيارته، فقد عاشت مرارة فقدانه وتعتبر خبر وفاته محنة
قاسية لا يستطيع محوها الزمن.