رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


أين.. عادل إمام؟

29-1-2017 | 11:00


بقلم – أكرم السعدنى

فى حفل توقيع كتاب سمير خفاجى «أوراق من العمر» الذى استغرقت كتابته أكثر من ثلاثين عامًا كان لى شرف نشر الجزء الأول والانتهاء منه وحاليًا أنشر الجزء الثانى منه، الذى هو عبارة عن لوحة رسمها بريشة الفنان العاشق للجمال الراصد لأسباب بهاء هذه الشقية البهية التى لن تقهر أبدًا عاصمة المعز.. فى كتاب سمير خفاجى هناك صورة لمصر من خلال رحلة الرجل مع العطاء منذ بداية الأربعينيات وحتى انتهاء رحلة الفن والخير والجمال برواية «بودى جارد» وهى الرحلة التى قدم من خلالها سمير خفاجى كل الأجيال التى تعاقبت على دولة الفنون والجنون وحملة مشاعل الضياء فى وطننا العربى، وأشاعت البهجة، ورسمت الابتسامة وكانت أعظم دواء لجلاء الصدأ من فوق القلوب والنفوس.

حضر حفل التوقيع فى منزل سمير خفاجى نجوم دولة الفن والصحافة ومنهم نبيلة عبيد ودلال عبدالعزيز ولبلبة وبوسى شلبى ورجاء الجداوى وسيدة المسرح العربى سميحة أيوب وأستاذتنا آمال بكير والكبير محمود حميدة وصاحب الموهبة الكبيرة والبخت القليل هشام سليم، والوفى بغير حدود محمود الجندى وصاحب المواهب العنقودية المتفجرة رياض الخولى، والمتعدد المواهب، الذى صادق سمير خفاجى منذ الصغر ولم يشارك فى أى عمل فنى معه سمير صبرى.. وأساتذتى فى المهنة الهرم الأكبر فى عالم اليوم عمى وتاج رأسى صلاح منتصر، وأيضا الرجل الذى يبهج القلوب عندما يكتب ويستولى على الأذن عندما يتكلم المايسترو الذى كان قائدًا وزعيمًا ورائدًا عندما حول العمل الصحفى إلى إعداد وحوار تليفزيونى.. ولم يتكسب من وراء ذلك ملايين ولم يصبح من أصحاب القصور ولم ينصب من نفسه زعيمًا ولا ثائرًا إنه «الأستاذ» مفيد فوزى وإلى جانب هؤلاء الكبار جاء الرجل الذى يعد الآن أحد كبار مثقفى ومفكرى مصر والعالم العربى والذى تتشرف به الأمكنة عمى الكبير مصطفى الفقى، وحضر الأستاذ محمد صادق ابن شقيقه خفاجى وهو أحد رجال الأعمال الشباب وأيضًا الصديق العزيز محمد المهندس ابن الراحل الكبير فؤاد المهندس وتحدث الجميع عن سمير خفاجى وأثره فى عالمنا العربى وعن النجوم الذين دفع بهم إلى الساحة الفنية ولولاه لما كان لهم وجود واسمحوا لى أن أتوقف عند كلمة أستاذى وملاذى مفيد فوزى.. فقد جلس وإلى جواره الكبير صلاح منتصر ونبيلة عبيد وأمسك بالميكروفون وهو يقول: اسمحوا لى أن أقول كلمة فيها إطالة واستفاضة.. هنا نظرت إلىّ نبيلة عبيد وقالت: سيلخص الحياة كلها فى كلمة وأتحداك وبين لحظة صمت الأستاذ.. وهمسة نبيلة فى أذنى.. قال الأستاذ.. أين عادل إمام؟! وجدت نفسى أصفق وحيدًا للأستاذ الذى أفاض وأطال المعانى.. فالأستاذ.. مدرسة صحفية قائمة بذاتها هو لايقلد أحدًا.. ولا يسير على درب أحد ولايقترب من أى مخلوق.. هو يمضى ويسير على درب مفيد فوزى المبدع يعمل فى الصحافة وفى التليفزيون ولسان حاله يردد مقولة بيكاسو الشهيرة.. أن المبدع لا يعلم إلى أين يقود موهبته ولذلك فأنا أحذر الذين يتبعوننى.. أن الأستاذ لايزال قادرًا على الدهشة ولايزال ممسكًا بعجلة قيادة موهبته يسير بها كما يسير بيكاسو فى كل اتجاه فيحدث الدهشة ويلقى بالنور على أماكن مجهولة لكى ينبهنا إليها أو أماكن نمر بها ولا نلحظ ما يلحظه الأستاذ وحده بعينه اللاقطة وحسه العالى.. لقد لخص الأستاذ مأساة سمير خفاجى التى لن يضمها الكتاب ولكننا جميعًا نعلم تفاصيلها.. إن المأساة بدأت منذ أكثر من ثلاثين عاما كان على سمير خفاجى أن يتحول إلى خزانة ضخمة للأحزان والضغوط بل وأقول الإهانة أيضًا فى بعض الأوقات.. وقد امتلأت الخزانة العظيمة بهم وغم أعظم.. فاق كل قدرات البشر.. وكان عليها أن تنفجر وقد أدى الانفجار إلى عطب بخلايا المخ أثرت فقط على الحركة.. ولكنها لم تنل من الذاكرة شيئًا، بل إننى أجزم أن ذاكرة سمير خفاجى وهو فى السادسة والثمانين ربيعًا أفضل ألف مرة ولله الحمد من ذاكرة صغار الشباب وهو الأمر الذى جعله قادرًا على السرد والحكى لاستكمال مذكراته.. بل إننى سوف أقوم بنشر ما استحى سمير خفاجى من أن يذكره فى رحلته مع الكبار.. ومع الأسف بعض الكبار أثبتوا أنهم فى المواقف أصغر مما ينبغى لدرجة أنك فى حاجة إلى عدسة مكبرة للبحث عنهم.. وأتذكر اليوم الولد الشقى السعدنى الكبير طيب الله ثراه.. سألوه ذات يوم عن أديب كبير لم يسأل عن السعدنى فى سجنه أيام ناصر.. ولم يسأل أيضا عنه فى سجنه أيام السادات.. فرد السعدنى قائلًا.. إن فلانًا فى حاجة إلى عملية جراحية لكى يتحول إلى رجل!

سوف نقرأ قريبًا وبعون الله قصصًا وحكايات عن الأندال الذين اقتربوا من سمير خفاجى وبمجرد أن دهمه المرض انفضوا من حوله هؤلاء الذين كانوا يتصلون به كل ليلة رأس سنة يرجونه أن يترك لهم عددًا كافيًا من الدعوات لكى يتمكنوا من حضور حفل رأس السنة فى بيته وهم كثر وحكاويهم هى سبة بل أقصد مواقفهم فى جين الرجولة.

أعود إلى موضوعنا الرئيسى وأذكر بالخير محمد أبو داود الذى وقف وراء هذا الجهد الكبير ونظم الحفل ومن قبله هو الذى سعى لدور النشر من أجل أن يرى كتاب خفاجى النور قبل أن يحل موعد معرض الكتاب لينير الكتاب صفحات من تاريخ الفن والأدب.. فى المحروسة.. إنها رحلة صنعها صاحبها وسبح ضد التيار ووقف عنيدًا صلبًا فى وجه سيطرة الدولة على الفنون فى المسرح وأنشأ أول فرقة للقطاع الخاص كان المنتج والهدف هو إسعاد البشر فى مصر والعالم العربى.. وبقدر ما أسعدت عالمنا العربى من شرقه إلى غربه إلى شماله إلى جنوبه..

نسأل الله أن يسعد أيامك ياعم سمير.