انفراجة في الأزمة الفرنسية من أبواب القاهرة.. ومراقبون: التعاون مع باريس يهدف لمكافحة التطرف.. ومصر ذات ثقل ديني وحضاري
شدد مراقبون، على ضرورة التعاون المصري الأوروبي لمكافحة الإرهاب والتطرف في ظل التحديات الأمنية التي تعصف بالعالم، مؤكدين أن زيارة وزير خارجية فرنسا جان لورديان إلى القاهرة وضعت حدًا لحالة الغضب في العالم الإسلامي بعد تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المسيئة للدين الإسلامي، متمسكين بضرورة احترام مشاعر المسلمين.
وكان الرئيس عبدالفتاح السيسي، قد استقبل أمس الأحد، وزير خارجية الجمهورية الفرنسية، وذلك بحضور سامح شكري، وزير الخارجية، وكذلك السفير الفرنسي بالقاهرة.
وقال السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، إن اللقاء تناول موضوعات التعاون المشترك في إطار العلاقات الثنائية الاستراتيجية بين البلدين الصديقين، وكذلك استعراض سبل تعزيز الجهود لمواجهة تصاعد نبرات التطرف والكراهية في ظل التوتر الأخير بين العالم الإسلامي وأوروبا.
كما التقى وزير خارجية فرنسا، شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، وأكد الإمام الأكبر لـ" لورديان" أنه أول المحتجين على حرية التعبير إذا ما أساءت هذه الحرية لأي دين من الأديان وليس الإسلام فقط، مضيفا: "أنا وهذه العمامة الأزهرية حملنا الورود في ساحة باتاكلان وأعلنا رفضنا لأي إرهاب".
وأضاف شيخ الأزهر، خلال لقائه وزير الخارجية الفرنسي جان لورديان، أن التجاوزات موجودة عند أتباع كل دين وفي شتى الأنظمة، فإذا قلنا إن المسيحية ليست مسؤولة عن حادث نيوزيلندا؛ فيحب أن نقول أيضا إن الإسلام غير مسؤول عن إرهاب من يقاتلون باسمه، أنا لا أقبل أبدًا أن يتهم الإسلام بالإرهاب.
وأكد شيخ الأهر: "نحن هنا في الأزهر قديمًا وحديثًا نواجه الإرهاب فكرًا وتعليمًا، ووضعنا مقررات ومناهج جديدة تبين للجميع إن الإرهابين مجرمون وإن الإسلام بريء من تصرفاتهم."
وقال "الطيب" إن حديثه بعيد عن الدبلوماسية حينما يأتي الحديث عن الإسلام ونبيه، صلوات الله وسلامه عليه، مضيفا أن تصريح وزير الخارجية الفرنسي في غضون الأزمة كان محل احترام وتقدير منا، وكان بمثابة صوت العقل والحكمة الذي نشجعه.
مصر ذات ثقل ديني وحضاري:
ومن جانبه، قال السفير محمد العرابي، وزير الخارجية الأسبق، عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، إن زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان لمصر مبادرة جيدة على المستوي السياسي والديني والثقافي والحضاري، مشيرا إلى أن اختيار مصر كأول دولة رؤية صائبة لكونها ذات ثقل سياسي واقتصادي وديني في العالم العربي والإسلامي، ومقصد ووجهة للمؤسسات الدينية والحضارية.
وأوضح العرابي لـ" الهلال اليوم"، أن زيارة إيف لورديان بداية جيدة لوقف كل المحاولات التي تدعو إلى التطرف والإرهاب، والهدف منها هو توضيح الموقف الفرنسي بشكل صحيح، وأن دولته تكن كل الاحترام للدين الإسلامي، وخاصة لقائه واجتماعه مع شيخ الأزهر الذي أثبت للجميع عظمة ورقي وسماحة الدين الإسلامي، وأننا لا نتهاون ولا نتساهل مع أي شخص أو أي دولة حاولت أن تسيء للنبي محمد عليه أفضل الصلاة والسلام.
وأشاد عضو لجنة العلاقات الخارجية بموقف الشيخ أحمد الطيب، ووصفه بأنه موقف أكثر من رائع، لما كان له من تأثير كبير في الرد على الإساءات الموجهة، وتراجع فرنسا عن موقفها وتصريحاتها المسيئة للعالم الإسلامي، من خلال الضجة الكبيرة التي أحدثتها حملة مقاطعة المنتجات الفرنسية، والضرر الكبير التي الحقته بالاقتصاد الفرنسي.
وأكد وزير الخارجية الأسبق، أن التعاون بين مصر وفرنسا يجب أن يكون هدفه الأساسي هو مكافحة الإرهاب، والأهم أن يكون هناك تعاون قادم للقضاء على الأسباب التي تساهم في نمو الفكر التطرفى.
احتواء الأزمة:
وقال اللواء شكري الجندي، عضو لجنة الشئون الدينية بمجلس النواب، إن زيارة وزير خارجية فرنسا لمصر لها دلالات كثيرة منها قوة ومكانة وأهمية مصر في منطقة الشرق الأوسط.
ولفت عضو لجنة الشئون الدينية بمجلس النواب لـ"الهلال اليوم" إلى أن حملة مقاطعة المنتجات الفرنسية كان لها صدي كبير وتأثير أكبر على الاقتصاد الفرنسي، مما جعل باريس تعيد حساباتها بإعادة النظر فيما تقدمه من إساءات ورسوم كاريكاتورية تسئ للدين والعالم الإسلامي.
وأوضح النائب البرلماني، أن الرسائل التي وجهها شيخ الأزهر، بشأن الإساءة للنبي محمد صل الله عليه وسلم بأنها مرفوضة تماما، وقيامه بتدشين منصة لنشر تعاليم الدين الإسلامي، يعد أبلغ رد على تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فضلا عن تأكيده على أننا لا نكل ولا نمل من دفاعنا عن نيبنا وديننا حتي لو قضينا العمر كله في سبيل ذلك.
وأكد الجندي أن ما فعلته فرنسا من إساءات قد ألحق ضرر كبير باقتصادها، وأن زيارة وزير الخارجية الفرنسي لمصر، ولقائه بالرئيس عبد الفتاح السيسي، وشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، خطوة جيدة لتهدئة الموقف، وللتخفيف من غضب المسلمين، وخاصة زيارته لمشيخة الأزهر، التي هي وجهة للإسلام والمسلمين في مصر والعالم العربي.
وأضاف النائب البرلماني، أن الدين الإسلامي دين تسامح وسلام، يسعي إلى نشر الأمن والسلم، لا للإرهاب والتطرف، مثل ما تتدعي دول العالم الغربي، مشيرا إلى أن التعاون بين مصر وفرنسا سيستمر ليس لحاجة القاهرة إلى باريس، ولكن قوة مصر هي التي تجعل الجميع في حاجة لها.