احتدام النزاع في إثيوبيا.. والاتحاد الأفريقي يدعو لوقف الأعمال العدائية.. ودبلوماسيون: تصاعد الصراع سببه تعنت الحكومة الإثيوبية وقد يشعل حربًا أهلية
أثار النزاع الراهن في إثيوبيا حالة من المخاوف والقلق نتيجة احتدام الصراع وتصاعد المواجهات العسكرية بين إقليم تيجراي والقوات العسكرية الإثيوبية، حيث عبرت مفوضية الاتحاد الأفريقي عن قلقها لتصاعد المواجهات العسكرية في إثيوبيا، داعية إلى الوقف الفوري للأعمال العدائية واحترام كافة الأطراف حقوق الإنسان وضمان حماية المدنيين.
حيث قال رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي محمد، في بيان له اليوم الثلاثاء: "نتابع بقلق تصاعد المواجهة العسكرية في إثيوبيا، ونجدد تأكيدنا على تمسكنا الراسخ بالنظام الدستوري وسلامة أراضي البلاد ووحدتها وسيادتها الوطنية لضمان الاستقرار"، داعيا إلى الوقف الفوري للأعمال العدائية واحترام الأطراف حقوق الإنسان وضمان حماية المدنيين.
وحث رئيس المفوضية الطرفين على الدخول في حوار من أجل إيجاد حل سلمي لمصالح البلاد، مؤكدا استعداد الاتحاد الأفريقي المستمر لدعم الجهود الإثيوبية في السعي لتحقيق السلام والاستقرار.
وفي وقت سابق، حذرت الأمم المتحدة من أن 9 ملايين شخص مهددون بالنزوح عن بيوتهم جراء الصراع الدائر بإقليم تيجراي في إثيوبيا، مضيفة أن إعلان أديس أبابا حالة الطوارئ يمنع وصول الغذاء ومساعدات أخرى.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية في تقرير إن حوالي 600 ألف شخص في تيجراي يعتمدون على المساعدات الغذائية في حين يحصل مليون آخرون على أشكال أخرى من الدعم وجميعها توقفت.
3 شروط لوقف العمليات
فيما وضع رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد 3 شروط لإنهاء العملية العسكرية التي يشنها الجيش في إقليم تجراي شمالي البلاد منذ الأسبوع الماضي، قائلا إن هذه العمليات ستتوقف شمال البلاد بمجرد نزع سلاح من القوى المسلحة بإقليم تجراي واستعادة الإدارة الشرعية والقبض على الهاربين وتقديمهم إلى العدالة، مؤكدا أن "عمليات إنفاذ القانون لدينا في تجراي تسير كما هو مخطط لها".
كما أعلن الجيش الإثيوبي فرض سيطرته الكاملة على مطار مدينة الحمرة بإقليم تجراي وسط صراع اندلع منذ نحو أسبوع في تلك المنطقة، مشيرا إلى أنه يعمل على إعادة مهاجمة قوات جبهة تحرير تجراي وبدأ يسيطر على العديد من المناطق من بينها ميدالي ودانشا وبيكر وليجودي بجانب طريق الحمرة المؤدي إلى السودان.
واندلعت الأحداث، بعدما أصدر الجيش الإثيوبي الخميس الماضي، بيانا يعلن فيه الحرب رسميا ضد سلطات منطقة "تيغراي" المتمردة، مؤكدا أن قواته دخلت في حالة "حرب" ضد سلطات منطقة "تيغراي" المتمردة، بحسب وصفه، وذلك بعدما أمر آبي أحمد بشن حملة عسكرية ضد جبهة تحرير تيجراي الشعبية شمالي البلاد، متهما جبهة تحرير تيجراي الشعبية بمحاولة إثارة الاضطرابات وحرب أهلية من خلال تنظيم هجوم للميليشيا على قاعدة رئيسية للجيش الإثيوبي في تيجراي الأربعاء الماضي.
اندلاع حرب أهلية
وفي هذا الصدد، قال السفير صلاح حليمة، نائب رئيس المجلس المصري للشئون الأفريقية، إن النزاع في إثيوبيا ليس ذات صلة بسد النهضة، ولكنه بسبب الأوضاع الداخلية، حيث يمثل إقليم تيجراي أقوى أقلية في إثيوبيا، والتي كانت الأقلية الأكثر سيطرة في الحكم خلال الفترة الماضية، حتى تولي آبي أحمد رئيس الوزراء الإثيوبي الحكم والذي ينتمي إلى قومية الأورومو التي تمثل الغالبية في أديس أبابا.
وأوضح في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن الانتخابات الإثيوبية كان من المفترض أن تجري توقيت محدد لكن آبي أحمد أجلها، وأصر إقليم تيجراي على إجرائها في توقيتها لأنه أقليم ذات وضع خاص ويرى أنه يحق له إجراء الانتخابات في الوقت الذي كان محددا من قبل، مضيفا أنه هناك نزعة استقلالية للإقليم، لكن طبقا للدستور الإثيوبي لا يمكن لأي إقليم الانفصال إلا بموافقة ثلثي أعضاء البرلمان الإثيوبي الفيدرالي.
وأضاف أن إقليم تيجراي أجرى عددًا من التغييرات مما أدى لاحتدام الصدام بينه وبين القوات العسكرية المنتمية للنظام الفيدرالي وحدث اعتداء من قبلهم على القيادة العسكرية، مما اعتبره آبي أحمد يمثل خروجا عن الأوضاع القانونية واشتد النزاع، والذي قد ينتهي إلى اندلاع حرب أهلية في إثيوبيا.
وأكد أن هناك مناشدة من كافة الجهات والمنظمات الإقليمية والدولية بتهدئة الأوضاع والاحتكام إلى العقل والقانون وعدم التوجه إلى الصدامات العسكرية التي قد تؤدي إلى حرب أهلية مما قد يدفع إلى وجود نازحين ولاجئين إلى دول الجوار الإثيوبي، مضيفا أن يجب إنهاء هذا الخلاف بشكل عقلاني وموضوعي والوصول للتوافق بين الجانبين لأنه قد يؤدي إلى تهديد الأمن والاستقرار في دول الجوار.
تعنت الحكومة الإثيوبية
فيما قال السفير محمد الشاذلي، عضو المجلس المصري للشئون الخارجية، إن أن ما يحدث في إثيوبيا كدولة أفريقية كبرى وإحدى دول حوض النيل سببه العنت والتعنت الذي تواجه به الحكومة الإثيوبية المشكلات، وهو ما اتضح في ملف سد النهضة بشكل كبير، وهو أحد أسباب التوتر الداخلي في إثيوبيا بسبب اتجاه الحكومة لفرض الأمر الواقع وعدم المرونة في تناول المشاكل.
وأوضح الشاذلي في تصريح لـ"الهلال اليوم" مصر تحرص على استقرار كل الدول الإفريقية وحقن دماء الشعوب الأفريقية وتؤكد أن الاستقرار في القاهرة هو الطريق للرخاء والتنمية، وأن الاقتتال بين الشعب الواحد هو من أكثر الأمور مأساوية على الساحة، مضيفا أن الاتحاد الأفريقي منذ فترة أطلق مبادرة إسكات البنادق، فهي ليست حلا للمشكلات الأفريقية لأن هذا الأسلوب يؤدي في النهاية لخسارة الجميع.
وأكد أن الجميع يحرص على سلامة الشعب الإثيوبي وينصح بالمرونة والنظر للرأي الآخر حتى الوصول لحل يرضي لجميع الأطراف.