رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


رئيس كوسوفو أمام الجنائية الدولية

11-11-2020 | 22:30


استقال رئيس كوسوفو هاشم تاجى من منصبه وخرج إلى الحبس فى لاهاى بهولندا، حيث وجه إليه المدعى الخاص بالمحكمة الدولية لائحة اتهامات بارتكاب مجموعة من جرائم الحرب خلال النزاع المسلح مع الصرب فى نهاية التسعينيات ليضع البلاد فى أزمة سياسية نظرا لأن الرئيس ينتخب بشكل غير مباشر من جانب البرلمان لذلك حث تاجى الأحزاب السياسية المتناحرة على تجنب أزمة مؤسسية. وحث الشعب فى كوسوفو على التزام الهدوء.

نقل تاجى 52 عاما مع ثلاثة مشتبه فيهم آخرين إلى مركز التوقيف التابع للمحكمة فى المدينة الهولندية.. المتهمون الآخرون هم الناطق السابق باسم ميليشيات كوسوفو، يعقوب كراسنيجى أحد أقرب حلفاء تاجى السياسيين وقدرى فيسيلى رئيس البرلمان السابق، فضلا عن رجب سليمى أحد الشخصيات البارزة فى كوسوفو. وستعلن المحكمة فى وقت لاحق موعد مثول المتهمين للمرة الأولى أمامها.

لا يزال يتعين الموافقة على لائحة الاتهام من قبل القاضى قبل المضى قدما فى أى إجراء قانونى أمام المحكمة الدولية. قال تاجى فى مؤتمر صحفى فى بريشتينا، عاصمة كوسوفو قبل ترحيله «أبلغت بأن القاضى أكد رسميا الإدانة بحقى لايمكننى أن أمثل أمام المحكمة بصفتى رئيسا وبالتالى لحماية سلامة الدولة أستقيل الآن.. وأنه يتخذ هذه الخطوة لحماية نزاهة مؤسسة الرئاسة فى كوسوفو».

يعد تاجى واحدا من السياسيين الذين أدينوا بارتكاب جرائم تشمل القتل والإخفاء القسرى والاضطهاد والتعذيب.. ولم يتم الكشف عن التفاصيل الدقيقة للائحة الاتهام المكونة من 10 تهم ضد تاجى وفيسيلى والآخرين.. وأعلن مكتب المدعى العام المتخصص عن وجود لائحة الاتهام التى وضعت مسودتها فى أبريل الماضى وكشف عنها فى يونيو أن رئيس كوسوفو المستقيل وآخرين «مسؤولون جنائيًا عما يقرب من 100 جريمة قتل وغيرها من الأعمال الوحشية» ضد المئات من الضحايا المجهولين من الألبان والصرب الغجر وغيرها من الأعراق فى كوسوفو بما فى ذلك معارضون سياسيون.. وأوفى تاجى بوعد قطعه سابقا بالاستقالة فى حال تأكدت إدانته. وكان تاجى يسيطر على الحياة السياسية فى البلاد منذ عقدين.

اتهمت المحكمة الخاصة لكوسوفو ومكتب المدعى الخاص المرتبط بها الذى أنشئ قبل خمس سنوات، ثلاثة قادة سابقين آخرين فى جيش تحرير كوسوفو، الذين حاربوا من أجل الاستقلال عن صربيا بارتكاب جرائم حرب، وفى العام الماضى استقال رئيس وزراء كوسوفو راموش هاراديناى فجأة بعد استدعائه للاستجواب من قبل نفس المحكمة.

جاء تشكيل المحكمة الجنائية الدولية ومكتب المدعى العام فى أعقاب تقرير صدر عام ٢٠١١ عن مجلس أوربا، وهى منظمة دولية تدعم حقوق الإنسان، وقد ترددت مزاعم بأن مقاتلى جيش تحرير كوسوفو قاموا بالاتجار بالأعضاء البشرية المأخوذة من السجناء، وقتلوا الصرب وزملائهم الألبان.

تنعقد هذه المحكمة الخاصة فى هولندا لحماية الشهود الذين يتعرضون للضغط والتهديد.

المحكمة مكلفة بالتحقيق والمقاضاة فى مزاعم جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية فى كوسوفو، أو المرتبطة بنزاع كوسوفو بين عامى 1998 و1999 حيث أسفرت حرب كوسوفو بين الانفصاليين الألبان والقوات الصربية عن أكثر من 13 ألف قتيل منهم 11 ألف كوسوفى ألبانى وألفى صربى. وكان تاجى رئيس الجناح السياسى لـ«جيش تحرير كوسوفو» الألبانى الذى حارب قوات بلجراد من أجل الاستقلال فى ذلك الوقت. وانتهت الحرب من أجل الاستقلال عن صربيا بعد 78 يومًا من حملة الناتو الجوية ضد القوات الصربية.

وأعلنت كوسوفو استقلالها عن صربيا فى عام 2008 وهو أمر لم تعترف به صربيا حتى الآن ولا تزال قوات حفظ السلام التابعة للناتو منتشرة داخل كوسوفو.

أعربت الولايات المتحدة فى عهد ترامب عن انفتاحها على حل النزاع من خلال تبادل الأراضى بين كوسوفو وصربيا- على الرغم من أن العديد من القادة الأوربيين يخشون أن يؤدى ذلك إلى إعادة إشعال الصراع من خلال إعادة فتح بعض القضايا الأساسية التى تسببت فى حرب عام 1998 فى المقام الأول. لطالما أخذ الاتحاد الأوربى زمام المبادرة فى محاولة حل الوضع، والذى يقول إنه خطوة أولى مهمة لدخول صربيا وكوسوفو المحتمل إلى الاتحاد الأوربي.

ليست هذه المرة الأولى التى يحاكم فيها رئيس دولة أمام المحاكم الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب حيث عقدت فى لندن اتفاقية محاكمة كبار مجرمى الحرب فى أوربا بعد الحرب العالمية الثانية عام 1945 وشكلت محكمتان لمحاكمة كبار مجرمى الحرب إحداهما فى مدينة نورمبرج الألمانية فى نفس عام الاتفاقية والأخرى فى مدينة طوكيو اليابانية 1946 وعقب هزيمة ألمانيا ودول المحور فى الحرب وانتحار هتلر تولى الأدميرال «كارل دونتز»، الذى عينه هتلر خليفة له قبل انتحاره منصب رئيس ألمانيا النازية، وتم القبض عليه مع مجموعة من القادة الألمان لمحاكمتهم وقضى عشر سنوات فى السجن.

وفى عام 1993 تم إقرار إنشاء محكمة جنائية دولية بمسماها الحديث لمحاكمة الأشخاص المسئولين عن الانتهاكات الجسيمة ووجهت اتهامات للرئيس اليوغسلافى سلوبودان ميلوسوفيتش بارتكاب جرائم حرب والتطهير العرقى عام 1999 ثم قدم لمحكمة لاهاى وتوفى فى سجنه عام 2006

كما واجه الرئيس الصربى الأسبق «ميلان ميلوتينوفيتش» بجانب الرئيس اليوغسلافى الأسبق جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب خلال حرب كوسوفو، لكن فى 2009 برأت محكمة الجزاء الدولية ميلوتنيوفيتش من ارتكاب جرائم حرب خلال حرب كوسوفو. كما اتهم القضاء الإسبانى رئيس شيلى الأسبق أوغستو بينوشيه عام 1998 بتهم تتعلق بارتكاب جرائم ضد الإنسانية ومن ضمنها عمليات تعذيب وآخذ رهائن، حيث طلبت إسبانيا من بريطانيا تسليم بينوشيه بسبب ارتكاب جرائم قتل فى شيلى للفترة ما بين1976 -1999 عندما كان رئيسا للدولة. وفى عام 2009 أصدرت المحكمة الجنائية الدولية قرارا بإلقاء القبض على الرئيس السودانى السابق عمر البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد عدد كبير من السكان المدنيين فى إقليم دارفور، حيث اعتبرت البشير مسؤولا عن عمليات القتل والإبادة والتعذيب والتهجير القسرى للمدنيين ونهب ممتلكاتهم. ووجهت محكمة الأمم المتحدة الخاصة لسيراليون إلى رئيس ليبيريا السابق تشارلز تايلور تهما بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية أثناء الحرب الأهلية التى استمرت عشر سنوات وحكم عليه بالسجن لمدة خمسين عام.وتم إحالة الرئيس الفلبينى رودريجو دوتيرتى و11 مسؤولا كبيرا فى اتهامهم بالقتل الجماعى فى الحرب التى شنها للقضاء على المخدرات إلا أنه لم يمثل أمام هيئة المحكمة.