رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


في ذكرى ميلاد السينما المصرية.. نكشف كواليس أول فيلم مصري

16-11-2020 | 22:40


في مثل هذا اليوم منذ 93 عاما، ولدت السينما المصرية من خلال عرض أول فيلم روائي مصري، حيث كافحت السيدة عزيزة أمير، لكي يخرج هذا الفيلم للنور، وهي التي تعرضت للمكائد ووضعت في طريقها العقبات، ولم تزدها تلك الأمور إلا صلابة وإصرارا على أن تجعل للمصريين فيلما ينطق بلغتهم ويعبر عن أحوالهم، ولتصبح الفنانة عزيزة أمير أم السينما المصرية والعربية.

 

تعالوا معنا لنقرأ تفاصيل مقال نشر بمجلة الكواكب في 14 نوفمبر 1961 بعنوان "تعال نشاهد أول فيلم عربي"، وأعلى المقال كتبت ملحوظة بخط سميك توضح أن ذلك المقال تأخر 34 عاما عن موعد نشره، فقد كان مقدرا له أن ينشر يوم 16 نوفمبر 1927، ولكنه تأخر حتى اليوم.

هذا هو اليوم الذي ينتظره الجميع.. ولكن الجميع لا ينتظرون بنفس الروح ونفس الغرض، فهناك فئة تنتظر لتتشفى في عزيزة أمير، وفئة أخرى تنتطر هذا اليوم لتثبت للوجيه أحمد بك الشريعي أنه أخطأ أكبر خطأ أن تزوج بممثلة ووضع أمواله تحت تصرفها .. وقليلون الذين ينتظرون هذا اليوم ونفوسهم خالية من كل غرض، يريدون فقط أن يقفوا على مستوى أول فيلم مصري صميم. 

اليوم سيعرض على شاشة سينما متروبول لأول مرة في التاريخ فيلم مصري، مصري الأبطال والإنتاج والإخراج والتمويل .. إنه فيلم "ليلى" .. والفيلم صامت بالطبع، فالسينما لم تتعلم النطق حتى الآن.. اختارت عزيزة سينما متروبول بالذات لأنها لم تطلب سوى 200 جنيه أسبوعيا إيجار عرض الفيلم، صحيح أن المبلغ باهظ، لكنه أقل مما طلبته إدارة سينما جومون وسينما أمبير.

تعجب كاتب المقال عندما ذهب إلى سينما متروبول لمشاهدة الفيلم، وكانت سبب دهشته الأسعار الخيالية لمشاهدة الفيلم، حيث وضعت فوق شباك التذاكر لوحة بالأسعار.. ثمن اللوج 50 قرشا .. والبلكون 15 قرشا.. والصالة عشرة قروش ووالترسو سبعة قروش.. وعلل المحرر ذلك بأن إدارة السينما تريد تعجيز الجمهور عن مشاهدة الفيلم وتكبيد عزيزة أمير خسائر تضلعها.

على باب السينما وقف شاب أنيق ويبدو من ملابسه أنه ابن ذوات، إنه أحمد بك الشريعى زوج الفنانة عزيزة أمير، وقف يستقبل العظماء والكبراء ورجال الصحافة والنقاد.. كانت وقفة الشريعي بهذا الشكل تعد رسالة تحد لأهله الذين رفعوا دعوى للحجر عليه، واتهموه بالسفه والعته لأنه وضع ثروته تحت تصرف زوجته لتبددها في مشروع خيالي وهو إنتاج فيلم سينمائي.

 

ورغم أن طلعت بك حرب ومدحت بك يكن كانا من أول الوسطاء في محاولة إقناع أحمد بك الشريعي بالعدول عن تمويل الفيلم، إلا أنه تلاحظ أن هناك باقتين من الورود تحملان بطاقتيهما في بهو السينما، وكتبت على بطاقة طلعت حرب "هذا النجاح فخر لكل المصريين"، وهناك أيضا باقة ورد من زوجة الفنان يوسف وهبي الأمريكية التي ساهمت بقسط كبير في إبعاد عزيزة أمير عن فرقة رمسيس.

في داخل السينما جلس أمير الشعراء أحمد بك شوقي وبجانبه الشاب محمد عبد الوهاب مطرب الملوك والأمراء، وفي بنوار آخر جلس طلعت بك حرب ومدحت يكن وفؤاد سلطان وجورج أبيض والسيدة دولت أبيض.. وأطفئت الأنوار.. وصفق الجمهور طويلا لظهور أسماء مصرية لأول مرة على الشاشة في التاريخ .

تدور أحداث الفيلم في عزبة رؤوف بك، حيث نشأت ليلى بعد أن مات أبوها وكفلها شيخ القرية، وحاول رؤوف إغراء ليلى لكنها رفضت، فقد أحبت الشاب أحمد البدوي الذي يعمل دليلا للسياح، وكانت هناك فتاة أمريكية مغرمة بأحمد الذي خطب ليلى، وفي ليلة تحكم فيها الشيطان استسلمت ليلى لأحمد قبل عقد القران إيمانا منها أنه سيكون زوجها، لكن حدث أن سافر أحمد مع الأمريكية المعجبة به إلى بلدها، وحملت ليلى وبدأ أحد الشباب التشهير بها واضطهدها أهل القرية فقررت الرحيل إلى القاهرة، وفي الطريق سقطت مغشيا عليها وكان رؤوف في طريق عودته من العزبة فحملها إلى بيته واستدعى طبيبا قام بعملية الولادة، وأنجبت طفلا مات بعد الولادة.

قامت عزيزة أمير بدور ليلى واستيفان روستي بدور رؤوف وأحمد الشريعي بدور الطبيب، بالإشتراك مع بمبة كشر وماري منصور ومحمود بك جبر زوج منيرة المهدية وحسين فوزي، وقامت بدور الفتاة الأمريكية أليس لازار، ونجح الفيلم وبدأ ميلاد السينما المصرية والعربية بهدا الفيلم.

بقي أن نشير إلى أن الفيلم عرض في مثل هذا اليوم من 93 عاما لسبب واحد وهو أن اليوم يوافق أيضا يوم ميلاد الفنان استيفان روستي، وهو بطل الفيلم ومخرجه.