بعد 16 عامًا.. سعد الجد فرّق بينه وأمه ودار الأيتام جمعتهما
"سعد اليتيم" طفل في الصف الأول الثانوي، قضى 16 عامًا من عمره في مؤسسات رعاية الأيتام بمركز نبروه بمحافظة الدقهلية، حتى ظهرت والدته مؤخرًا لتستلمه، غير مستوعب أن له أسرة وأن جده تخلى عن مسئوليته وأعلن وفاته وهو طفلًا رضيع، وحرم الطفل من أمه.
كان سعد ينتقل من دار رعاية أيتام إلى أخرى حتى وصل إلى مؤسسة نبروه، وهناك عقب الاطلاع على ملفه، تبين أن اسم الجد والأم موجود في محضر رسمي وقد يكون للطفل أسرة تضمه، وتكللت جهود البحث عن الأم على مدار 3 سنوات، بالوصول إليها.
لحظات صعبة جمعت الأم وسعد، فقد كانت تعتقد أن طفلها توفي ودفن مثلما أوهمها والدها، وروت له أن والده رجل كبير في السن وقد مات، وعقب ميلاد الطفل بأيام، أخذه أبوها وتخلى عنه وعنها، وأوهمها "ابنك مات.. انسيه" وعليها أن تنساه وتبين أنه أودعها في دار أيتام دون علمها.
الصمت خيم على الموقف ولم يتحدث سوى الدموع المنهمرة، وتروي الأم أنها كانت تشعر بأن طفلها حي يرزق في مكان ما، وأن أبيها يخدعها، وأنها سترى سعد وتأخذه في أحضانها رغم مرور السنين، وظلت تبحث عنه بين الأطفال في الشوارع وحتى في المقابر.
وأكد سعد لأمه، أنه كان يدعو الله أن تكون له أمًا تحضنه وترعاه مثل أقرانه، وأن لا تكون ماتت أو تخلت عنه كما يصور له خياله، حتى فوجئ بالاخصائية الاجتماعية، تخبره بحضورها لتراه.
أوضح مصدر من التضامن الاجتماعي في نبروه لـ "الهلال اليوم" أن سعد في دور الرعاية، منذ أن كان رضيعًا عمره 7 أيام، تسلمته الدار في محضر رسمي، من رجل مسن قال إنه جده وأن ابنته وضعت الطفل وتركته له ولا يعلم اسم والد الطفل وذكر اسمه واسم ابنته في محضر رسمي، وأنه لن يستطيع تحمل عبأ تربيته، واعتبرته الدار طفلا لقيطًا.
وأضاف: "الجد اختفى طوال تلك السنوات الماضية، ولم يسأل عن حفيده، حتى وصل سعد إلى المؤسسة الاجتماعية، وأثناء الاطلاع على ملفه، عثرنا على محضر تسلمه، وبدأنا رحلة البحث عن أمه".
وتابع: "وصلنا إلى الأم بعد مرور 3 سنوات، أثناء تواجد أم لطفل آخر في المؤسسة من نفس قرية جد وأم سعد، أخبرت الاخصائية الاجتماعية السيدة عن قصته وسألتها عن أي معلومات عن الجد أو الأم، وهي من دلت الأم على مكان نجلها في الدار، وتواصلت معنا وجاءت إلينا لترى نجلها ومعها بطاقة الجد وبطاقتها".
الطفل سعد كان يحظى بحب كل من يراه، كما أنه لاعب في نادي أشبال نبروه الرياضي، ومتفوق دراسيًا في الصف الأول الثانوي، والخبر لم يكن سهلًا عليه، كان على يقين أن أمه موجودة وله أسرة ولكنه عاجز عن الوصول إليهم، وفور رؤية أمه انخرطا سويًا في البكاء ولم يفارقا أحضان بعضهما.
من جهته، أكد الدكتور وائل عبدالعزيز، وكيل وزارة التضامن الاجتماعي بمحافظة الدقهلية، أن النيابة العامة تكثف من جهودها للتحقيق في الواقعة والتأكد من أن السيدة التي حضرت هي أمه، وأن المباحث تكثف التحريات والجهود للتأكد من نسب الطفل للأم التي حضرت لتسلمه.
وأشار لـ"الهلال اليوم" إلى أن الطفل ما زال مقيمًا بالدار، ولا يمكن تسليمه نهائيًا للأم، وإنهاء الإجراءات إلا بعد انتهاء النيابة من تحقيقاتها وإخطارنا بنتيجة التحريات والتحليلات، حفاظًا على حياة الطفل وسلامته.