وزيرالأوقاف: باب الاجتهاد لن يغلق إلى يوم القيامة.. والحاجة للاجتهاد والتجديد قائمة
ألقى أ.د محمد مختار جمعة وزير الأوقاف خطبة
الجمعة بـ “مسجد الإمام الشافعي” بمحافظة القاهرة اليوم بعنوان: ”الإمام الشافعي
ودوره التجديدي في عصره "، بحضور الدكتور خالد العناني وزير السياحة والآثار
واللواء خالد عبد العال محافظ القاهرة، واللواء أركان حرب شريف سيف الدين، مستشار
معالي رئيس الوزراء لمكافحة الفساد،
والمهندس جيهان عبد المنعم نائب محافظ القاهرة للمنطقة الجنونية والمهندس إمام
عفيفى نائب رئيس مجلس إدارة شركة المقاولون العرب، والشيخ جابر طايع، رئيس القطاع
الديني بوزارة الأوقاف، والشيخ خالد خضر مدير مديرية أوقاف القاهرة ولفيف من
القيادات الدينية والتنفيذية بمحافظة القاهرة، وبمراعاة الضوابط والإجراءات
الوقائية.
وفي بداية خطبته
أكد معاليه أن الكمال لله وحده، وأن العصمة لأنبيائه ورسله، وأن كل إنسان يؤخذ منه
ويرد عليه إلا المعصوم (صلى الله عليه وسلم)، وكان صاحب هذا المقام الإمام الشافعي
(رحمه الله) يقول : "إذا صح الحديث فهو مذهبي"، وكان يقول في تواضع جم
وتقدير لآراء الآخرين: "رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأى غيري خطأ يحتمل
الصواب"، مؤكدًا معاليه أنه يجب علينا أن ننظر بعين الاحترام والتقدير إلى تراثنا
وعلمائنا وأئمتنا السابقين، وأننا ننظر بكل الاحترام والتقدير للأئمة الأربعة ؛
الإمام أبي حنيفة رحمه الله، والإمام مالك رحمه الله والإمام الشافعي رحمه الله
والإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، لأنهم
جميعا بذلوا وسعهم واستنفدوا
طاقتهم فى خدمة دينهم.
كما نؤكد أن باب الاجتهاد لم يغلق بعدهم ولن
يغلق إلى يوم القيامة، وأننا في حاجة إلى التجديد المستمر لعصرنا أكثر من أي وقت
مضي نظرا لكثرة مستجدات عصرنا وتتابعها، وأكد أن ما كان راجحًا فى وقت أو زمان أو
مكان معين قد يصبح مرجوحًا إذا تغير الزمان أو المكان أو الحال، وهو ما أكده صاحب
هذا المقام تأكيدًا عمليًا عندما أفتى هنا في مصر في بعض المسائل بخلاف ما كان قد
أفتى به فى العراق؛ نظرًا لتغير البيئة والأحوال آنذاك، فعرف مذهبه في العراق
بالمذهب القديم، ومذهبه في مصر بالمذهب الجديد .
كما أكد معاليه
أننا في حضرة ومقام عالم جليل وفقيه عظيم، وأديب كبير فى الفقه والعلم، يقول
الإمام أحمد بن حنبل عن قول سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " إِنَّ
اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ
يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا" فكان عمر بن عبد العزيز على رأس المائة الأولى،
والشافعي (رحمه الله) على رأس المائة الثانية.
وقد أفنى
الشافعي رحمه الله حياته في العلم والفقه، وكان أديبًا وشاعرا، يقول رحمه الله :
أَخي لَن تَنالَ
العِلمَ إِلّا بِسِتَّةٍ سَأُنبيكَ
عَن تَفصيلِها بِبَيانِ
ذَكاءٌ وَحِرصٌ
وَاِجتِهادٌ وَبُلغَةٌ وَصُحبَةُ
أُستاذٍ وَطولُ زَمانِ
ويقول أيضًا:
أأبيتُ سهران
الدُّجى وتبيتهُ نوماً وتبغي بعدَ
ذاكَ لحِاقي
وكان رحمه الله
سخي النفس كريم اليد، يقول :
وَلا تَرجُ
السَماحَةَ مِن بَخيلٍ فَما في
النارِ لِلظَمآنِ ماءُ
وَمَن نَزَلَت
بِساحَتِهِ المَنايا فَلا أَرضٌ
تَقيهِ وَلا سَماءُ
وَأَرضُ اللَهِ
واسِعَةٌ وَلَكِن إِذا نَزَلَ القَضا
ضاقَ الفَضاءُ
إِذا ما كُنتَ
ذا قَلبٍ قَنوعٍ فَأَنتَ وَمالِكُ
الدُنيا سَواءُ
ويقول المزني:
دخلت على الإمام الشافعي في مرضه الذي توفي فيه فقال له : كيف أصبحت يا أبا
عبدالله؟ فقال الشافعي: أصبحت من الدنيا راحلاً، وللإخوان مفارقًا ، ولسوء عملي
ملاقيًا، ولكأس المنية شاربًا، وعلى الله واردًا، ولا أدري أروحي تصير إلى الجنة
فأهنيها ، أم إلى النار فأعزيها، ثم أنشد قائلًا :
لمَّا قسا قلبي
وضاقَت مذاهبي جعلتُ رجائي نحوَ
عفوِكَ سُلَّما
تَعاظَمني ذنبي
فلمَّا قَرَنته بعفوِكَ ربِّي
كانَ عفوُكَ أعظما
كم أوضح معاليه
أننا عندما نفتتح اليوم بالتعاون مع وزارة الآثار مسجد الإمام الشافعي بعد صيانته
وترميمه إنما نؤكد تأكيدًا عمليا: أننا في الوقت الذي نعني فيه ببناء المساجد في
المجتمعات العمرانية الجديدة؛ فإننا نعنى نفس العناية وأشد بمساجدنا الأثرية
والتاريخية ولا سيما مساجد العلماء ومساجد آل بيت سيدنا رسول الله (صلى الله عليه
وسلم)، وهو نفس النهج الذي تسير عليه الدولة المصرية العظيمة ، فهي تبني الجامعات
الجديدة وتطور جنبا إلى جنب جامعاتها العريقة، وحين تنشئ المدن الجديدة تطور جنبًا
إلى جنب المدن القديمة وعواصم المحافظات وقراها، مؤكدًا أن بناء المدن الجديدة
سيتيح فرصًا أفضل لتطوير المدن القديمة، وتخفيف الضغط على خدماتها، مما يسهم بلا
شك في تحسين الأحوال المعيشية للمقيمين بها، فعين هنا وأخرى هناك، ويد تبني هنا
وأخرى تطور هناك، فلتحيا الدولة المصرية وقيادتها الحكيمة.