إجراءات عاجلة لاحتواء تداعيات الأمطار والسيول بالمحافظات.. الري تخفض منسوب الترع والمصارف وتكثف الاستعدادات.. وخبراء: مراكز التنبؤ تلعب دورًا هاما للتعامل بكفاءة مع المياه
شهدت عدة محافظات موجة من الأمطار الغزيرة ومتوسطة الشدة خلال اليومين الماضيين، فيما كثفت الأجهزة المعنية استعداداتها لاستيعاب مياه الأمطار ومنع حدوث أزمات، حيث اتخذت وزارة الري عددا من الإجراءات من بينها تخفيض منسوب المياه في الترع والمصارف لتصريف مياه الأمطار وكذلك تجهيز محطات الرفع مع استمرار تأهيل منظومة الترع والمصارف والمحطات عبر إنشاء سحارات وتأهيل الجسور.
وأكد خبراء أن تصريف مياه الأمطار يتطلب بنية تحتية ضخمة وموارد مالية كبيرة، ما جعل الدولة تحدد المناطق ذات الأولوية للتعامل معها، حيث اتخذت المؤسسات المعنية إجراءات أفضل هذا العام للتعامل مع الأمطار، مشددين على دور أجهزة التنبؤ في اتخاذ الاستعدادات الكافية والتعامل بكفاءة مع كميات الأمطار.
استعدادات مكثفة من الري:
وفي هذا السياق، قال المهندس محمد غانم، المتحدث الرسمي باسم وزارة الري، إن الوزارة اتخذت عددا من الإجراءات للتعامل مع موسم الأمطار والسيول، ففي مناطق الدلتا المعرضة لأمطار غزيرة تقوم الوزارة بتخفيض مناسيب المياه في الترع والمصارف لمنع حدوث أي غرق، لتستطيع هذه المصارف منخفضة المنسوب استقبال أي كميات إضافية من الأمطار بعد سقوطها على الأراضي الزراعية وتصريف الكميات الزائدة.
وأوضح غانم في تصريح لبوابة "الهلال اليوم"، أن هناك استعدادا كاملا في محطات الرفع للترع والمصارف في كافة أنحاء الجمهورية لمواجهة أي ارتفاع في المناسيب وتجنب حدوث أي أزمات، مشيرا إلى أن وزارة الري خلال السنوات الماضية أنفقت نحو مليار ونصف جنيها لتأهيل منظومة الترع والمصارف والمحطات في غرب الدلتا كالبحيرة والإسكندرية.
وأضاف أن عملية التأهيل شهدت إنشاء سحارات وتأهيل لجسور الترع والمصارف لاستقبال أي كميات للمياه بدون أية مشكلات، مؤكدا أن كميات الأمطار التي شهدتها محافظات مصر لا تزال تحت قدرة الأجهزة على التعامل معها وهي أمر طبيعي يحدث كل عام في الموعد نفسه، والوزارة اتخذت الاستعدادات الكافية للتعامل معها.
وأشار متحدث وزارة الري إلى أن مراكز التنبؤ لها دور هام في إطار الاستعدادات اللازمة، حيث تحدد موقع وكمية سقوط الأمطار قبلها بـ72 ساعة مما يساعد المحافظات والأجهزة المعنية في اتخاذ الإجراءات المناسبة وتوجيه المعدات للمواقع لتستطيع التحرك والتعامل دون وقوع مفاجئات أو أزمات في نطاق المحافظة.
المناطق ذات الأولوية
ومن جانبه، قال الدكتور ضياء الدين القوصي، خبير المياه ومستشار وزير الري السابق، إن ملف التعامل مع موسم الأمطار والسيول ومواجهته للحد من تداعياته السلبية، ليس أمرا بسيطا أو سهلا كما يرى البعض، مضيفا أن المطر له كميات وكثافات ومواقع يهطل عليها، ومياهه تختلف من محافظة إلى أخرى ومن شمال الجمهورية إلى جنوبها.
وأوضح في تصريح لبوابة "الهلال اليوم"، أن مياه الأمطار لا بد من الاستفادة بها بدلا من إهدراها، والاستفادة منها تتطلب بنية تحتية ضخمة وتحتاج إلى موارد مالية كبيرة، مضيفا أن الدولة للتعامل مع هذا الأمر حددت الأولويات وهي المناطق الأكثر تعرضا للأمطار والسيول مثل السواحل كالساحل الشمالي الغربي من الإسكندرية حتى السلوم وكذلك سيناء وبعض مناطق الصعيد.
وأشار إلى أن هذه المناطق تمثل أولوية، وعملت الدولة وفقا للموارد المتاحة على مواجهة السيول هناك عبر عدة إجراءات للحد من تداعياتها السلبية، عبر الوديان والسدود إما لتخزين المياه أو تحويل مسارها، وكذلك تطهير مخرات السيول، مضيفا أنه على مدار الأيام الماضية شهدت الإسكندرية على سبيل المثال كميات كبيرة من الأمطار والسيول أدت لإغراق الشوارع.
وأكد أن مواجهة مياه الأمطار يتطلب جهودا مكثفة من الجهات المعنية مثل وزارة الري وهيئة الصرف الصحي والشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي، لسحب هذه المياه والتعامل معها وتصريفها في البحر، إما عبر شبكة مخصصة لتصريف مياه الأمطار وهي غير متوفرة في كل المحافظات، أو عبر سيارات الكسح وشفط المياه.
إجراءات أفضل هذا العام
فيما قال الدكتور محمود أبو زيد، وزير الري الأسبق، إن الفترة الحالية هي موسم الأمطار في مصر وخاصة مع اقتراب فصل الشتاء، مضيفا أن ما تعرضت له مصر من أمطار خلال الأيام الماضية كشفت استعدادات الدولة وأجهزتها المعنية للتعامل مع مياه الأمطار من حيث تجهيز سيارات شفط المياه في الميادين والشوارع الرئيسية بإجراءات جيدة.
وأوضح في تصريح لبوابة "الهلال اليوم"، أن مصر لم تشهد موجات غزيرة من الأمطار حتى الآن، لكن التعامل مع الموجات الحالية اتسم بالكفاءة، مضيفا أن الدولة أخذت إجراءات احتياطية أفضل هذا العام بتجهيز المعدات وإستراتيجية التعامل مع الأمطار لمنع تراكم المياه وحدوث أزمات كما وقع في السنوات الماضية، والأمر يسير بصورة جيدة.
وأكد أن مياه الأمطار لها فوائد كبيرة حيث توفر مياه لري المناطق الخضراء بما يخفف العبء عن أجهزة الري وتوفر ري كاف للنباتات والمحاصيل، أما بالنسبة للمناطق التي تشهد غزارة في الأمطار والسيول، فهذه يتم توجيهها في مخرات ومجاري مائية إلى الترع أو نهر النيل للاستفادة منها فيما بعد، لأنها توفر كميات معقولة من المياه مما يقلل التصريف من مياه النيل.
وأشار إلى أهمية التنبؤ بالأمطار كأحد أهم إجراءات الاستعداد لمواجهة أية موجات محتملة، مؤكدا أن أجهزة التنبؤ في هيئة الأرصاد الجوية ووزارة الموراد المائية والري مراكز على درجة من الكفاءة في التنبؤ بالأقمار الصناعية والأجهزة الحديثة، وكلما زادت كفاءة ودقة التنبؤ كلما كان الاستعداد والتعامل أكفأ.