رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


الشاعرة أمينة عبد الله: الحضارة المصرية كرمت المرأة.. والإبداع ليس فتوى دينية

22-11-2020 | 18:20



ألقت الشاعرة أمينة عبد الله قصيدة من ديوانها "بنات للألم"، في ختام أمسية مهرجان طنطا الدولي للشعر، فانهالت عليها الانتقادات والاتهامات وتأويلات فقهية ودينية لا تمت لما كتبت بأية صلة وزاد الأمر بنشر أحدهم قصيدة تهجوها وتعرّض بها، بل أن الأمر وصل إلي حد تكفيرها، وبرر هؤلاء هجومهم عليها بأن أشعارها تمس الذات الإهية، وكأنهم حُراس للإيمان، مدافعين عن الذات الإلهية بالطعن في سمعة وشرف من يخالف معتقداتهم وأهوائهم.


تحركت قوى الشر تجاه أمينة عبد الله التي نأت بنفسها عن الانزلاق في وحل الحماقة والتعدي على الاخرين، فلم تتخذ أية تحركات رسمية سوى أنها حررت بلاغا لمباحث الإنترنت ضد كل من هددها، وسعى لتشويه صورتها على مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما بعد أن خذلها اتحاد كُتاب مصر، ولم يتخذ موقفًا جراء ما حدث، رغم أنه الجهة الأولى المنوط بها الدفاع عن الكُتاب والمبدعين.


""الهلال اليوم" التقت الشاعرة أمينة عبد الله، وتحدثت معها حول ما أثير خلال الفترة الماضية، وما ترتب عليه من أحداث.


لم أجد موقفًا تضامنيًا من اتحاد كُتاب مصر


بدأت "أمينة" بقولها: "أغرب ما واجهته في هذه الأزمة أن شخص ما يُعرّف نفسه أنه محامٍ تابع لاتحاد كُتاب مصر قال أنه سيقوم برفع دعوى قضائية ضدي بشكل رسمي، وبعدها بدأ يتفاوض على المال، وقال إن هي دفعت لي مبلغ مالي ربما أتنازل عن الدعوى، وهنا أصبح الدفاع هو الخصم الأول ضدي، لذلك أنا لم ألتجئ إلى إتحاد الكتاب وأطالب بتحويل الموضوع كله إلى لجنة القيم، لأنه تم التعدي عليّ كشخص وككاتب في المقام الأول".


وأضافت الشاعرة، لم ألجأ لإتحاد الكتاب لعدم ثقتي في أي إجراء يأتي من خلاله، وذلك عن تجارب متعددة مع زملاء أخرين في مواقف مختلفة؛ وخلال الأزمة الحالية بدأ الجميع بالتنصل من تحمل مسؤوليته، وكأن الأمر لا يعني أحد، وبعدها، كما أنّ المحامي بدأ يتحدث بصفته الشخصية، وليس ضمن إتحاد الكتاب، فهو يعرّف نفسه كمحامي لإتحاد الكتاب بصفة رسمية، ولكنه ليس إلا محامي حر. و كذلك موقف نائب رئيس الاتحاد الذي ساند المدعين ودعمهم واتهمني بالارهاب الفكري ثم عدل تصريحاته وقال انها بصفة شخصية لا نقابية.


لا يمكن مناقشة الإبداع مناقشة فقهية وكأن القصيدة فتوى دينية


وأوضحت "أمينة"، المثقفين لديهم خطأ فادح في مواجهة الأفكار، فالبعض تجده يحدثك من منظور فقهي، بينما أرفض هذا الأمر، فلا يجب أن يُحاكم النص فقهيًا ودائمًا أقول "أنا لست رجل دين، ناقشني إبداعيًا سوف أناقشك؛ أما تحمل النص فوق ما يحتمل ومطالبتي بالرد عليه دينيًا وفقهيًا فهو أمر مرفوض بالنسبة لي لأنه ليس تخصصي كما أشرت، ولانني شخص مدني في دولة مدنية، ولن يكون هناك رادع في مثل هذه الأزمات إلا من خلال الحل القضائي، وأن يكون الجميع تحت مظلة قانونية واحدة بمعني: أن يكون حل عادل جدا؛ ولكنها مرتبطة بشرطية تطبيقه على الجميع.


وأشارت أمينة عبدالله إلى أن الحل الأمثل لمواجهة الأفكار المتطرفة يكمن في ضرورة وجود خطة أكبر مثلما حدث في التسعينيات من خلال تغيير الخطاب الثقافي، بسلسلة "المواجهة" كانت رخيصة جدًا، قدمت مجموعة كتب ذات معني كبير جدا، ومتواجدة بكميات وافيه قام بنشرها الدكتور جابر عصفور مثل "تخليص الإبريز في تلخيص باريس، بأجزاءه، و"الإسلام وأصول الحكم" للشيخ علي عبد الرازق، ونشر كتاب "ضد التعصب"؛ كان الكتاب حينها ثمنه ربع جنيه وهو ما يُساوي حاليًا خمسة جنيهات تقريبا وهذا يدل أنه كان متاحًا للجميع، ومتوفر بأعداد كثيرة، وتم توزيعها في مكتبات المدارس والجامعات،  وحاليا نفتقد إلي مواجهة التيار الإسلامي المتشدد ثقافيًا.


وواصلت الشاعرة، أثناء إحدى ندواتي في الفيوم كان مشاركني أحد المطربين، فطلبت منه عند الختام أن نختم بالسلام الوطني، فقال أنه لن يفيدني بأي شئ، ورفض عزف السلام الوطني، وهذا يدل أن الحس غير الوطني مقبض على مفاصل الكثير من المراكز الثقافية، فهذا الشخص قد أتى ليحيي حفلًا فنيًا على مسرح هيئة قصور الثقافة ومتوفر له إقامة وبدل إنتقال، إلا أنه يرى أن السلام الوطني لبلاده غير مفيد، فلماذا يُشارك في فعاليات الدولة ويتقاضى المال مقابل ذلك، هذا يبين الفارق بين ممارساتهم وأفكارهم، فقد يبدو البعض أنهم فنانيين أو مثقفين أو كُتاب، إلا أن الفكر المتعصب أو إن شئت قل المتطرف يسيطر عليهم أغلب الوقت. والشاهد هنا من شرح هذا الموقف أنهم كتيار متشدد لا يؤمن بالأوطان ولا يحترمها.


ساقية الصاوي تُصدر مشهد المثقف المتدين


وأوضحت أمينة عبدالله أن هناك بعض من يُطالبون بتطبيق قانون الحسبة الذي ألغي وهم لا يعلمون بذلك، وأصبحت بعض الجهات و الأفراد هم المنوط بهم رفع دعاوى الحسبة، موضحة أن ما يحدث على الساحة الآن من خروج دعوات متطرفة بمحاسبة المبدعين على إبداعهم يعتبر نتيجة وليس سبب، فالسبب هو تصدير نموذج المثقف الإسلامي في المشهد، وتصدير هذا الشكل أو النموذج بدأ من ساقية الصاوي؛ التي تصدر طوال الوقت مشهد الفتيات المحجبات كمثقفات، ومشهد الشباب الملتزمين دينيا، وتأكيدا على الهوية الدينية وليست الثقافية تم انشاء مسجد في مركز ثقافي مثل ساقية الصاوي رُغم أن المسجد على بعد خطوات في مواجتها لست ضد وجود مسجد ـوإنشائه ولكن ان يكون وجوده مهما وليس رمزا او علامة سياسية كما هو حادث. أذكر أنهم رفضوا نشر بعض الصور التي اعترضوا عليها، لأنها تحتوي على أوجه نساء.


المدافعون عن الدين أكثر من يهينون المرأة بأشد العبارات


وانتقدت أمينة عبدالله الهجوم غير المبرر عليها، مؤكدة أنه لا أحد يملك الحق في الدفاع عن الله، لانه سبحانه ليس بحاجة لمن يدافع عنه، قائلة: "لا يجوز أن تكون متصدر المشهد بصفتك مدافعًا عن الدين، والذات الإلهية من خلال الهجوم على أعراض الناس؛ حيث يتمتع الإسلاميين بقدر من السفالة الأخلاقية التي ليس لها مثيل، وأتحدى إن أتيت بشخص مدني التفكير أو غير متأسلم يتطاول على امرأة، فدائمًا نجد نقاشات من يدّعون التدين تبدأ بالتطاول؛ وبوصف الأخر بأوصاف شديدة القسوة، وهو سلوك بدوي وقبلي مرجعيته العنف الصحراوي. 


وأضافت أن هذا أمر للأسف الشديد يحاول مسخ الحضارة المصرية التي قدست الأنثي والتي عبدت فيها الأنثي، وجعلت منها ملكة متوجة عبر التاريخ، فالأنثى المصرية كُرمت كما لم تُكرم امرأة مثلها على مستوى العالم، ولعلنا ننظر إلى الملكة الأكبر والأشهر وصاحبة الأثر الباقي الملكة حتشبسوت، لذا نقول أن تاريخنا المصري كرّم المرأة، وأن من يهينها لا يجب أن يكون محسوبًا على الحضارة أو الثقافة المصرية.