دعا الرئيس اللبناني ميشال عون، أعضاء مجلس النواب إلى التعاون مع السلطة الإجرائية من أجل تمكين الدولة من إجراء التدقيق المحاسبي الجنائي في حسابات مصرف لبنان المركزي، مشددا على أن هذا الأمر يمثل ضرورة لتحقيق الإصلاح، فضلا عن أنه يمثل شرطا أساسيا في سبيل إجراء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وحصول لبنان على مساعدات خارجية تعينه على تجاوز الأزمات.
كانت شركة (ألفاريز ومارسال) الدولي قد أعلنت قبل أيام إنهاء التعاقد المبرم مع السلطات اللبنانية لإجراء عملية التدقيق الجنائي في حسابات البنك المركزي، نظرا لعدم تزويدها بالمستندات والمعلومات اللازمة لتمكينها من أداء المهمة التي كُلفت بها.
واعتبر الرئيس اللبناني - في رسالة وجهها اليوم إلى مجلس النواب اللبناني طالبا مناقشتها في جلسة عامة - أن انسحاب الشركة المكلفة بعملية التدقيق الجنائي، يشكل انتكاسة خطيرة لمنطق الدولة ومصالح الشعب اللبناني الذي يعاني من أزمات نقدية واقتصادية واجتماعية ومعيشية خانقة.
وأشار إلى أن التدقيق الجنائي يجب أن يمتد إلى سائر مرافق الدولة العامة، تحقيقا للإصلاح المطلوب حتى يتمكن لبنان من الحصول على برامج المساعدات التي يحتاج إليها في ظل وضعه الراهن الخانق، ولكي لا يصبح لبنان في عداد الدول المارقة أو الفاشلة بنظر المجتمع الدولي، مع خطورة التداعيات الناجمة عن سقوط الدولة اللبنانية في محظور عدم التمكن من المكاشفة والمساءلة والمحاسبة، بعد تحديد مواضع الإهدار والفساد الماليين.
وأكد أن الإصلاح مرادف للاستقرار السياسي والأمني، وأنه (رئيس الجمهورية) لن يرضخ لأي ضغوط للتخلي عنه، باعتباره الضمانة لعدم سقوط الدولة ووقوع الشعب في حالة من اليأس المطلق نتيجة ضياع أمواله وانخفاض خطير في قدرته على العيش الكريم، الأمر الذي قد يطيح بالاستقرار والأمن ومكانة الدولة المالية.
كان مصرف لبنان المركزي قد سبق وأكد أن أحكام السرية المصرفية المحمية بمقتضى قانون النقد والتسليف، تحول دون تسليم بعض المستندات، لا سيما تلك المتعلقة بحسابات الدولة، إلى الشركة المتعاقد معها لإجراء التدقيق الجنائي، من دون تعديل تشريعي على القانون أو تفويض كتابي تقدمه الحكومة من خلال وزارة المالية.
وجاءت فكرة التدقيق الجنائي بحسابات مصرف لبنان المركزي بعدما اندلع خلاف كبير بين حكومة رئيس الوزراء حسان دياب من جهة ومصرف لبنان المركزي من جهة أخرى، حول أرقام العجز واحتساب الخسائر المالية خلال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، حيث تضاربت الأرقام وتفاوتت بشكل كبير ما بين خطة التعافي المالي والاقتصادي التي وضعتها الحكومة، والأرقام التي قدمها البنك المركزي.