كاتبات عربيات انتصرن لحقوق المرأة.. تعرّف عليهن
يحتفي العالم باليوم العالمي للقضاء على العنف ضد
المرأة، والذي يوافق اليوم الأربعاء 25 نوفمبر، وقد حددت الجمعية العامة للأمم
المتحدة هذا اليوم من أجل رفع الوعي حول المشكلات التي تتعرض لها المرأة حول
العالم مثل الإغتصاب والعنف المنزلي، وغيرها من أشكال العنف المتعددة، وقد حددت
الجمعية موضوع اليوم الدولي لهذا العام وهو "تحويل العالم إلى البرتقالي:
"موّلوا، واستجبوا، وامنعوا، واجمعوا"، وكما في السنوات السابقة سيصادف
اليوم الدولي لهذا العام تدشين 16 يومًا من النشاط الذي سيختتم في 10 ديسمبر 2020،
الذي يزامن اليوم العالمي لحقوق الإنسان.
منذ إندلاع جائحة "كوفيد-19"، أظهرت البيانات
والتقارير التي قدمها العاملين والعاملات الموجودين في الخطوط الأمامية زيادة في
جميع أنواع العنف ضد المرأة والفتاة وبخاصة العنف المنزلي، ويعتبر العنف ضد المرأة أحد الأشكال
التي ظهرت إلى الساحة بشكل ملحوظ في ظل أزمة "كوفيد-19"، الأمر الذي يجب
أن يسترعى الإنتباه إلى ضرورة مواصلة جهد جمعي عالمي لوقف ذلك العنف، ومع تنفيذ البلدان تدابير الإغلاق لوقف
إنتشار "فيروس كورونا"، اشتد العنف المنزلي ضد المرأة، فمع تواصل
استنفاذ حالات "كوفيد-19"، لجهود الخدمات الصحية، وصلت الخدمات الأساسية
مثل ملاجئ العنف المنزلي وأرقام المساعدة إلى حدها الأقصى، حيث زادت المكالمات إلى
أرقام المساعدة خمسة أضعاف.
منذ الأزل لم تغيب قضايا المرأة عن حركة الأدب، حيث تطرق كبار الأدباء
مثل "نجيب محفوظ"، "طه حسين" ،"يوسف إدريس"،
"إحسان عبدالقدوس"، وغيرهم لصورة المرأة من كافة إشكالاياتها المتداولة
في المجتمع كتعرضها للعنف بكافة أشكاله، عدم المساواة بينها وبين الرجل، وإنتفاء
حقوق المرأة في ظل السلطة الذكورية للرجل، ولكن جاء "الأدب النسوي"
محاولاً الظهور في ظل موجة الحداثة والذى جاء حصيلة نضال نسوي غربي طويل، ولكن مع
مطلع الخمسنيات تعالت صيحات نسوية مشحونة بالإحتجاج والثورة والرفض متمثلة في
روايات ليلى بعلبكى "أنا أحيا"، وكوليت الخوري "أيام معه"،
التي تعتبر بدايات ظهور الأدب النسوي حيث محاولة المرأة اقتحام عالم الثقافة
وتشكيل خصوصية أسلوبية موضوعية، لتقول أنها تشعر وتعاني الإضطهاد، ضغطًا وقمعًا، وقهرًا
إجتماعيًا منذ طفولتها.
"الهلال اليوم"، ترصد عددًا
من الكاتبات العربيات الرائدت في الدفاع عن حقوق المرأة ومناصرة قضيتها، للمطالبة
بحريتها ومساواتها ونبذ العنف ضدها.
مى زيادة
"مى زيادة" شاعرة وأديبة شامية، وُلدت في الناصرة عام 1886، أسمها
الأصلي "ماري إلياس زيادة"، تعتبر من رائدات
الحركة النسوية، عاشت حياتها في الناصرة، ثم انتقلت إلى القاهرة مع أسرتها، وقد
عاشت فى حقبة تاريخية نهضوية، في عصر مخضرم أنتج عمالقة النهضة الحديثة في الشرق
العربي، ولم تكن "مى" امرأة عادية، فقد امتزجت في ملامح شخصيتها الريادة
الأدبية، فكانت أولى خطواتها في هذا المجال هي الإقبال على التعليم والتفرغ
للكتابة، وقد دفعها حبها للغة العربية أن تفتح بيتها بتشجيع من والديها لرجال
الأدب فكانت تستمع إلى إبداعاتهم في صالونها الذي كان تعقده كل ثلاثاء، فقصد
الصالون ألمع الأدباء ومفكري العصر، والذي كان يعد ظاهرة متميزة أخذت فيها المرأة
دور المؤثر في مجال حيوي تلتقي فيه نخبة من أسماء المجتمع الثقافي منهم
"لطفية السيد، مصطفى صادق الرافعي،عباس العقاد" وغيرهم.
اهتمت "مي" في رحلاتها وحواراتها، وفي مقالاتها بالبحث عن
الطرق والوسائل التي تُمكّن المرأة العربية والشرقية عمومًا من الوصول إلى حقوقها
الطبيعية التي تبدأ بحق الحياة والتعلم، وكانت تأممل أن تتسع الحقوق لتصل إلى حق
العمل والمشاركة فى الحياة العامة، بل اكتشفت أن المرأة إذا تعلّمت ازدادات جمالاً
وحنانًا واحترامًا للعائلة وإجلالاً للرجل.
كتبت "مي" العديد من المؤلفات منها "باحثة البادية، وردة
الناجي، عائشة التيمورية"، يوميات عائدة، أزاهير حلم"، إلى جانب عدد من
المقالات التي تأخذ بعدًا شعريًا في كتاباتها، ومقالاتها النقدية تم جمعها فى كتب
مثل "سونح فتاة، ظلمات وأشعة".
زينب فواز
ظهر في الربع الأخيرمن القرن الـ19 وبداية القرن العشرين العديد من
الأديبات اللواتي أثبتن أنفسهن على الساحة الفكرية والثقافية فى الوطن العربى ولكن
بعضهن كان معرضًا للتهميش وإختزالهم من قائمة المبدعين منهم الأديبة زينب فواز التي
لم يرد ذكر إسمها فى أدبيات الحركة النسوية رغم نشاطها التحرري والتنويري من أجل
الدفاع عن المرأة وحقوفها المستلبة.
زينب فواز، مؤرخة وشاعرة وروائية، ولدت في تبنين بجنوب لبنان عام
1860، استقرت بالقاهرة لتكرس حياتها للمشاركة بالمناداة بتنوير المرأة وتثقيفها،
فشاركت في جميع الصحف التي كانت تصدر آنذاك، تطرح أفكارها وتدافع عنها فدخلت معارك
ومناظرات عديدة على صفحات الجرائد، دفاعًا عن المرأة ضد المستشرقين الذين يدعون أن
الإسلام قيد المرأة.
ناصرت "فواز" قضايا المرأة وحقها في التعليم والعمل فكانت
من رواد الإصلاح لتحسين وضع المرأة وتحريرها من أغلال الجهل والتخلف، كما رأت أن
الروح الإنسانية جوهر لا ذكر ولا أنثى، فدعت إلى المساواة العادلة بين الرجل
والمرأة في العمل والعلم، السياسية، لذلك كانت رافضة للتمييز الجندري، وكانت تقول "للرجال
عقول وفي النساء من هي أعقل وأقوى عزيمة من الرجل".
تركت زينب عددًا من أعمال الفكرية ويأتى في مقدمة أعمالها من حيث
الأهمية والتأثير كتاب "المنثور في طبقات ربات الخمور"، الذي جمعت فيه
العديد من تراجم النساء الرائدات المؤثرات فى الحياة عبر العصور المختلفة، ثم جمعت
مقالاتها التي كتبتها من أجل الدفاع عن المرأة وحقوقها في المجتمع بعنوان "الرسائل
الزينبية"، ولها ثلاث روايات هم "الملك كورش، الهوى والوفاء، حسن
العواقب"، وتوفيت بالقاهرة في عام 1914 .
ملك حفنى ناصف
ملك حفني ناصف، باحثة وشاعرة مصرية، ولدت عام 1886، سميت بـ"باحثة
البادية"، وكانت تدعو إلى الإصلاح الإجتماعي وتحرير المرأة، وتعد أكبر كاتبة
إجتماعية في تلك الحقبة، التي ظهرت بعد دعوة "قاسم أمين" الجريئة لتحرير المرأة،
وكات تعتبر هذا التحرير إصلاحًا، قامت "ناصف" بتأسيس عدة جمعيات نسائية
منها "الإتحاد النسائي التهذيبي"، ضمن العديد من النساء العربيات والمصريات
والأجنبيات، وقد عقدت مؤتمرًا نسائيًا وأصدرت قرارات أهمها تعليم المرأة وتخييرها
في الزواج.
كتبت "ناصف" كتابها الأول تحت عنوان "النسائيات"،
أما كتابها الثاني جاء تحت عنوان "حقوق النساء"، وقد نظمت الشعر الذي
تتمحور موضوعاته حول قضايا المرأة الإجتماعية، كالزواج والطلاق، السفور، الحجاب،
فكانت تدعو إلى عمل المرأة دون التقصير برسالتها الأولى كأم وزوجة، كما دعت للسماح
للمرأة في شغل المناصب القضائية.
لطفية الزيات
لطيفة الزيات، باحثة وروائية مصرية، أكاديمية ومناضلة سياسية، تُعتبر
إحدى رائدات الأدب النسائي في مصر، ولدت في عام 1923، حصلت على درجة أستاذ في
النقد الإنجليزي، كما نالت شهادة الداكتواره في الأدب عام 1957، من كلية الآداب
بجامعة القاهرة، وتعتبر أسمًا معروفًا في الحركة الوطنية والأدبية المصرية في
النصف الثاني من القرن العشرين، كما ناضلت بلا هوادة في سبيل القضايا الوطنية
وشاركت في الحركة الطلابية في الأربعنيات من القرن الماضي، ووضعت أيضًا موقفها
الخاص، ولم تتنازل عن الدفاع عن قضايا وحقوق المرأة، ولها العديد من الأعمال
الإبداعية أهمها "الباب المفتوح، الشيخوخة، حملة تفتيش، صاحب البيت".
ترى "الزيات" أن تقدم وضع المرأة وحصولها على حقوقها لا يتم
إلا فى خضم الصراع الوطنى والإجتماعي، وليس في سياق معركة إمرأة ضد ذكر، غير أن
ذلك لم يخرج بالطبع دون دراسة خصوصية وضع المرأة وقضاياها العاطفية والجنسية بجرأة
شديدة، كما بحثت من خلال كتابها "صورة المرأة في القصص والروايات العربية"
الصور المتعددة للمرأة في المجتمع العربي، فقد التقطت ما تعيشه المرأة من إستلاب
وتهميش وقمع مركب، وتوفيت "الزيات" في 11 سبتمبر 1996 عن عمر يناهز 73
عامًا، إثر إصابتها بمرض السرطان.
ليلى بعلبكي
ليلى بعلبكي، كاتبة وروائية لبنانية ولدت في عام 1934 نشأت في بيئة
وبيت مثقف جعلها تنطلق بحرية وذكاء وجرأة، اعتزلت مبكرًا الأدب والكتابة، فلم تمتد
رحلتها الأدبية إلى أكثر من 6 سنوات، واتجهت إلى العمل بالصحافة، ومن أهم الصحف
التي عملت فيها "الحوادث، الدستور، النهار، الأسبوع".
نشرت "بعلبكي" خواطرها وقصصها القصيرة منذ سن الرابعة عشر
تحت اسم مستعار، لها العديد من الأعمال منها "أنا أحيا" التي صدرت عام 1958،
وترجمت إلى الفرنسية، ثم أصدرت مجموعتها القصصية الأولى والوحيدة "سفينة حنان
إلى القمر"، لتلحقها برواية أخرى بعنوان "الآلهة الممسوخة".
أصدرت "بعلبكي" أولى أعمالها الأدبية "أنا أحيا"،
ناقشت فيها واقع هويتها الأنثوية التي جعلتها دائمة العطاء وحاولت تفتيت كل مظاهر
الأنوثة، كما كسرت تابوهات المجتمع الثابتة ، فتعرضت لمفاهيم يعد الحديث عنها
مساسًا بالمنظومة القيمية، الأعراف الإجتماعية الراسخة، التي لا يسمح للمرأة
تداولها أو التكلم عنها مثل الجنس وأعلنت أقصى تمردها على القيم والثوابت والأصنام
بحثًا عن الحرية الفردية.
وقد أحدثت هذه الرواية جدلاً واسعًا في الأوساط الثقافية في الوطن
العربي، وقد اختيرت هذه الرواية لتكون أولى الروايات النسوية الحديثة لكونها شكلت
علامة بارزة في تطوير الكتابة الروائية في لبنان.
غادة السمان
غادة السمان كاتبة وقاصة وورائية سورية، ولدت في دمشق عام 1942، ضمن
عائلة شامية عريقة، والدها "أحمد السمان" كان رئيس جامعة دمشق، كما
استلم منصب وزير التعليم السوري لفترة قصيرة، والدتها "سلمى رويحة"
أديبة معروفة قد توفت فى طفولتها، وقد لمع إسمها في أواخر الخمسنيات وأوائل
الستنيات، فيما كانت تنشره من قصص بمجلة "الآداب البيروتية" مثل مجموعة
"عيناك قدري، لا بحر في بيروت، ليل الغرباء"، تنوع إنتاجها الأدبي ما
بين الرواية والقصة وأدب الرحلات، النقد الأدبي والإجتماعي، وترجمت أعمالها إلى
الألمانية والفرنسية والإيطالية والروسية.
نشرت "السمان" في عام 1993 مجموعة من الرسائل العاطفية التي
كتبها لها الروائي الفلسطينى "غسان كنفانى" أثناء فترة إرتباطهما في ستينيات
القرن العشرين، وقد أثار هذا العمل ضجة كبيرة في الوسط الأدبي.
من أهم رواياتها "كوابيس بيروت، ليلة المليار"، والمجموعة
القصصية "القمر المربع"، وحاولت "السمان" في كل ما كتبته أن
تطرح قضية المرأة، والتعبير عن إنسانيتها وحقها فى المساواة، وقد لاقت أعمالها
اهتمامًا واسعًا من النقاد والكُتاب لما تثيره أعمالها من قضايا مهمة سواء على
مستوى الشكل أو المضمون، فكُتب عنها عشرات المقالات إلى جانب العديد من الكتب
والرسائل الجامعية.
نوال السعداوى
نوال السعداوي، إحدى المبدعات الأكثر إثارة للجدل، وأشهر من نادى بحقوق المرأة
وتحريرها من قيود أنساق المجتمع والمنظومة القيمية التي تبروزها في صورة مستهلكة، تلك
الشخصية التي لا يستطيع البعض أن يأخذ منها موقفًا وسطًا، فإما تجد نفسك مناصرًا
لأرائها وأعمالها، وإما معارضًا لها، ومن هنا اختارتها مجلة "تايم"
الأمريكية ضمن أكثر النساء تأثيراً في العالم العربي خلال 100 عام، بسبب نضالها
كناشطة نسوية حتى أن بعض من متابعيها يطلقون
عليها لقب "سيمون دي بوافوار العرب".
ولدت "السعداوي " في 27 أكتوبر من عام 1930
فى قرية كفر طلحة فى محافظة القليوبية، كان والدها محبًا للعلم فقد كان يعمل في
وزارة التربية والتعليم، وقد أنجب من الأبناء عشرة وكان لنوال دورًا كبيرًا في
رعاية إخوتها بعد وفاة والدتها ومع تلك المسئولية استطاعت بفضل تشجيع والدها ومثابرتها
أن تنجح في الثانوية العامة وتدخل كلية الطب، فدرست الطب تخصص أمراض صدرية، وتخرجت
في عام 1955، وبدأت في ممارسة الطب ثم بعد عامين بدأ مشوارها في الكتابة فأصدرت
مجموعتها القصصية الأولى "تعلمت الحب"، وتوالت أعمالها إلى أن أصدرت كتابها
"المرأة والجنس".
تحاول "سعداوي"
من هذا الكتاب أن تفسير معنى العذرية حيث أكدت على أن الكثير من الناس لا يعلمون
شيئًا حول هذا الموضوع الشائك، فالجهل هو سيد الموقف وتحاول سعداوي أن تتصدى له،
وفي نهاية الكتاب تحاول "سعداوي" أن تعقد مقارنة بين الرجل والمرأة
وتنقل لنا إزدواجية المعايير والتناقضات التي تُبنى عليها العلاقات الإنسانية والتي
غالبًا ما تنتهي بقهر المرأة وتعنيفها.
ومن أهم مؤلفاتها كتاب "الوجه العاري للمرأة العربية"،
الذي صدر عام 1977، وتسلط "السعداوي" من خلال هذا الكتاب الضوء على
النظم الأبوية التي تضطهد المرأة بشكل مباشر، فقد استطاعت أن تمثل لنا معاناة
المرأة العربية ومحاولاتها التمرد والخروج عن الصورة المؤطرة للمرأة من خلال أنساق
المجتمع وأعرافه والعادات والتقاليد التي تتحكم في المرأة، فقد استطاعت سبر أغوار
تلك القضية من خلال العودة إلى الموروث الثقافي حيث التراث الديني والإجتماعي
وغيره الذي يرى المرأة بشكل خاطئ، فتحارب الموروثات الشعبية التي تحط من قدر
المرأة وتحرض على العنف في حقها وسلبها أبسط حقوقها ألا وهو حريتها وحقها في
ممارسة حياة طبيعية ففي هذا الكتاب تنقل لنا تجربتها الذاتية جراء عملية الختان
التي أثرت عليها بشكل سلبي وتركت في نفسها أثرًا بغيضًا لا ينسى عندما شاهدت أمها
تضحك وتبتسم بينما هي تنزف الدماء وهي في السادسة من عمرها.