رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


"اليوم الأخير" من مجموعة "جئتك بالحب" لتيسير النجار

28-11-2020 | 10:52


تنشر "الهلال اليوم"، قصة قصيرة من المجموعة القصصية "جئتك بالحب"، للكاتبة الشابة "تيسير النجار"، والصادرة مؤخرًا عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، والقصة بعنوان " الموت الأخير".

 

الموت الأخير

 

«انتهت مراسم الجنازة والعزاء، دفعت حساب قارئ القرآن، والحانوتي وغيرهم، رجاني أحد الأقارب أن أذهب معه إلى منزله لكنني أصررت على البقاء وحدي، شكرت من أرادوا المبيت معي، طلبت أن يذهبوا إلى أحوالهم، فأنا لست خائفًا أو منهارًا، باستطاعتي مواجهة الفقد والفراق، كان الكلام معلبًا ومعد سلفًا لتلك المناسبات، أغلقت الباب خلف صخبهم – لا حول ولا قوة إلا بالله، عائلته كلها، ربنا يقوي قلبه، قلبه قوي لم يبكِ مطلقًا- هذه الجمل تأخرت قليلاً وهم يهبطون الدرج، وصلت إلى أذنيّ، حادث مفاجئ قتل عائلتي، جرجرني الاتصال إلى المستشفى كانوا ما بين ميت ومحتضر، عائلتي التي قاطعتها منذ شهرين، صالحنا الموت بالفراق الأبدي، لم أبكِهم..!

 

هل لأنهم استنزفوا دمعي من قبل؟ أم لأن هذا ليس موتهم الأول؟ لا أعرف ولا أظن باستطاعتي المعرفة.

 

جلست في غرفة الصالون، كان أبي يقرأ جريدة الصباح، كنت هناك طفلاً سعيدًا بلعبته الجديدة، طائرة بيضاء تحلق بين أصابعي بأجنحة من الخيال، اندفعت .. صدمت فنجان القهوة، ضربني أبي وكسرها مثل أي محتل غاشم، لم يخلصني من قبضته سوى مشاجرة جديدة مع أمي، كنت أبكي وارتجف في الركن وأنظر إليّ برجاء.

 

شاب بلحية ملبدة وعيون دامعة لا يستطيع طمأنتي أو ترميم كسر قلبي، خرجت من الصالون وجدت أخي الكبير والسواد ألتهم جفنيه، يريد مالاً لأنه أفلس وجسده ينتفض ما بين بكاء وصراخ، عروقه برزت وأزرق لونها مما حُقنت به، تخلصت منه ودخلت غرفتي، كانت أمي تبكي لأنني أحببت ابنة خالي، خالي الذي قاطعها عند زواجها من أبي ولا يجب التعامل معه، كيف أحب ابنته؟ وأجرؤ على التفكير في الزواج بها أيضًا؟! هرعت إلى الحمام، أختي بالداخل تغني، رجوتها أن تخرج، عنفتها حتى تخرج، جاء أخي الصغير ولعنني لأنه لا يستطيع المذاكرة بسبب صوتي، مضيت إلى الصالة، كانوا يركضون خلفي صارخين "أنت فاشل، خيبت ظنونا بك" صوتهم يعلو، وأنا أخبرهم أنهم موتى، صياحهم كان يقتلني».