كتير مننا يأتي على لسانه مصطلح (المكوك) ، وهو لقب نطلقه على أي شخص دؤوب في عمله ، وجاد ومجتهد في تحقيق طموحاته والوصول لأهدافه ، صفة كل ما تجد الناس تطلقها على شخص ما تجد نفسك بتقول يا سلام لو ابقى زيه كده ، ولا اعرف لماذا قفزت هذه الجملة الي ذهني مساء الجمعة الماضية ، وأنا أشاهد احد التقارير المصورة حول زيارة تفقدية للسيد الرئيس بأحد مواقع العمل بنطاق شرق القاهرة ، تلك المنطقة الهامة التي شهدت طفرة كبيرة حولتها من مصيدة مرورية غاية في الصعوبة للعابرين الي قلب القاهرة وباقي ضواحيها ، الي منطقة رائعة ومنظمة وتتمتع بسيولة مرورية بكافة محاورها وشرينها الرئيسية ، وهو ما خلق حالة من الارتياح والرضاء لدي كل من كانوا يعانون من التكدسات المرورية بهذه المنطقة الهامة ، والتي تمثل مدخل الي القاهرة للقادمين من محافظات القناة وسيناء وأنا واحد من هؤلاء ، وعانيت من تلك التكدسات المرورية مراراً وتكراراً .
واجدني أتساءل مرة تلو الأخرى .. متي يستريح الرئيس ؟
فالرجل يعمل كل أيام الأسبوع بدون راحة ، والرجل في زيارات مكوكية بين بلدان العالم كله تقريباً لتوطيد العلاقات وجلب الاستثمارات ، والرجل تراه في زيارة تحفيزية راكب دراجته الهوائية عقب صلاة الفجر بالكلية الحربية أو كلية الشرطة ، وتجده يتابع أبنائه وجنود المستقبل ممن سيحملون أمانة الدفاع عن أمن الوطن والمواطن في قادم الأيام ، وساعة تقريباً وتجد الرجل جالس في اختبارات المتقدمين للكلية الحربية ، او كلية الشرطة يتناقش مع المتقدمين لنيل شرف الجندية والانخراط في الحياة العسكرية ، والرجل تارة اخري تراه فوق هضبة الجلالة يتابع عن كثب مشروعاتها الواعدة ، وتجد نفسك تقول بعد كل ما شاهدته بأنفاس لاهثة .. ده ها يروح يرتاح بقي ويتنعم في العز والبغددة .. تنام وتصحي تلاقي الرئيس طالع يتابع مشروعات عالمية عملاقة بمدينة العلمين الجديدة (ازاي ده ياجدع) متعرفش بس هذا ما حدث ، تاخدلك تعسيله وتصحي بعد شوية تلاقي الرئيس في زيارة مكوكية لدولة جنوب السودان ، وتجد نفسك تتساءل مثلي ، هو متى ينام هذا الرجل ومتى يصحو ومتى يرتاح ؟
متى يجد هذا الرجل وقت للجلوس مع أسرته ، ومتابعة أحوال أولاده ، ومداعبة أحفاده ، بل متى يجد الرجل الوقت اللازم للاختلاء بنفسه لبرهة يسيرة يرتب فيها أفكاره ، أو ربما تتساءل مثلي أيضاً متى يجد الرجل وقت يستمع فيه بجزء يسير من الترفيه؟
الشاهد من كل هذا أن المواطن عبد الفتاح السيسي هو شخص لا ينام تقريباً (ومش هاقول الرئيس لآني مشوفتش رئيس بيعمل كده) ، كيف هذا وما هي الطريقة؟ ، أنا شخصياً لا أملك الإجابة عن هذا ، ولكني أثق في أن من وهب روحه وفؤاده طواعية واختياراً لوطنه هو شخص مهموم بها وتشغل باله ليل نهار ، هو شخص لا يعرف النوم طريقا إليه مقلتاه ، هو شخص لا يعرف عقله نعمة الراحة من التفكير ، هو شخص زهد متع الحياة ، هو شخص تخلى عن نعمة الصفاء إلى أحباءه وأقربائه وأخلائه ، واستبدل حبهم بحب أعظم وأبقى وأهم، وهو حب بلده الكبيرة والعظيمة مصر حتى ملك عشقها عليه نفسه وجوارحه ، الرجل تملكه حلم كبير وعظيم بأن يري وطنه في المكان والمكانة التي تليق بها ، وتليق بموقعها بين بلدان العالم ، وتليق بقدرها ومكانتها في التاريخ ، الرجل يحدوه حلم كبير ، ولا أسميه مشروع كما يصفه البعض بأن الرئيس يمتلك مشروع كبير وعظيم للنهوض بهذا الوطن ، بل أنني اصر على أن الرجل يمتلك حلم وليس مشروع ، نعم حلم .. فالقضاء على العشوائيات هو حلم ، والنهوض العمراني الغير مسبوق هو حلم ، والقضاء على طوابير الانتظار بالمستشفيات هو حلم ، والقضاء على طوابير فيروس سي هو أيضاً حلم ، والنهوض بمستوي تصنيف جيشك إلى مرتبه متقدمة ضمن أهم 10 جيوش على مستوي العالم ، والخروج من عباءة التسليح الأمريكي وهيمنته على مصادر تسليح الجيش هو حلم لم يكن أحد يتوقعه ، وأن تمتلك مصر أهم وأحدث الطائرات الهجومية وحاملات الطائرات والغواصات ولنشات الصواريخ الشبحية ، كلها كانت أحلام وليست حتى محض أمنيات مشروعة للرجل .
الشاهد من كل هذا أن الرجل خلق أزمة كبيرة في تاريخ من جلسوا على كرسي حكم الدولة المصرية ، منذ عهد المصريين القدماء وحتى الاآ ، السيسي جعل من منصب الرئيس فخ كبير لكل من يطمع في تقلد هذا المنصب الرفيع ، فمن يفكر في اعتلاء هذا المنصب سيجعل نفسه في مواجهة مباشرة مع الجماهير والتي ستعقد مقارنة بينه وبين السيسي ، وما حققه الرجل من إنجازات ونجاحات لم نعهدها منذ عصر الفراعنة ، ثم عصر محمد علي ثم توقف مسيرة البناء والتنمية (الحقيقية) منذ هذا التاريخ وحتى الآن ، نظراً لما خاضته مصر من حروب اقتطعت من وقتها واقتصادها الموجه للتنمية الكثير ، فالسيسي استطاع أن يغير مفهوم ومهام منصب (رئيس الجمهورية) ، فالرجل أعاد للمنصب بهائه وقيمته وهيبته التي أسقطها مندوب الإخوان بقصر الرئاسة (المتخابر محمد مرسي) ، وأعاد الرجل للدولة كلها مكانتها بين بلدان العالم بعد أن تم اسقاطها عمداً منذ 2011 وحتى منتصف 2013 وزوال دولة الإخوان الظالمة ، السيسي حول المستحيل إلى ممكن ، وأصر على جعل الأحلام واقع ملموس ، السيسي خلق أزمة ستواجه كل من تراوده أحلام الترشح لمنصب الرئاسة ، فالناس لن ترضي بغير الإنجازات بديلاً ، ولن ترتضي بغير تحقيق حلمهم وحلم الرئيس السيسي الذي أعلن عنه صراحة أمام جموع الشعب وقال قولته الشهيرة ( مصر أم الدنيا وستبقي قد الدنيا ).