رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


«الهلال اليوم» تنشر «شغفني حزنها» من مجموعة «جئتك بالحب»

1-12-2020 | 17:54


تنشر «الهلال اليوم»، قصة قصيرة من المجموعة القصصية «جئتك بالحب»، بعنوان «شغفنى حزنها» الصادرة مؤخرًا عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، للكاتبة تيسير النجار.

 

"أوصانى بالاعتناء بنفسى ومراعاة الأطفال، رجانى ألا أخجل من طلب أى شيء أريده، لو عاد بى الزمن لاخترته زوجًا لى أيضًا، حبيبى حياة داخل الحياة، لم أفقد دهشتى به طوال سنوات زواجنا وهو يحبنى كثيرًا، تعرفنا فى الجامعة كنت طالبة وهو دكتور فى كلية الآداب، سعى بكل الطرق حتى أدخل عالمه وأشاركه لكننى تمسكت بالهامش ورضيت به، ضللت طموحى فى غمرة كل شيء، معمل التحاليل الذى درست من أجله، التدريبات فى المعامل أمست ذكرى طيبة، أنا زوجة لأديب عظيم وأم لطفلين رائعين، أنا لست ملهمته لكنه يحبنى ولم يجرحنى يومًا، أرى ذاتى مثل حفنة من الحليب الجاف عند إدخالها فجأة فى كوب الشاى تبتل بالخارج وتتشبث بالملعقة لا تذوب، يخرجها الذى قام بتقليب السكر والحليب ويثير ضيقه التصاقها، يزيلها بأصبعه بعد أن تكتلت، هل أنا متكتلة ومغلفة بلون يناسبه ؟ لماذا تعتصرنى الأسئلة ؟ لماذا لم أقبل دعوته وذهبت معه المؤتمر؟ اقترح أن نترك الأطفال لدى والدتى، رفضت، أشعر أننى غير مناسبة لعالمه، لست قبيحة ولم يزد وزنى، لا تجذبنى القراءة، أحببت حبه لها، هو إله صغير، أقرأ ما يكتب، أتأمل عالمه حتى أعرفه.

 

تذكرينى بالعابد الجاهل.

 

 آلمنى حين قال ذلك بسخرية، سألته "كيف؟"

 

 كان يحرك القلم ما بين السبابة والوسطى:

 

يترك الله ويصدق سحر مخلوقاته.

 

الله لا يُرَى.

 

لكننى بجواركِ.

 

أريد أن أعرفك.

 

أنا ملككِ.

 

عاد لقراءة الكتاب الذى بين يديه ووضع الخطوط أسفل السطور التى تعجبه، (لمار سالم) صديقته التى أرقتنى، أشبعنى حديثًا عنها، وقفت أمام مكتبته والتقطت روايتها، قلبت صفحاتها بعشوائية.

 

"أن تركض من أجل الركض فقط وكأن وحشًا يلاحقك، لا وقت للهاث ولا لالتقاط الأنفاس، تركض دون وصول ولا تلوح لك النهاية على مرمى البصر، محض بشر لا ملامح لهم يقفون على الجهتين، ليس من أجل التشجيع ولا يعنى لهم نجاحك، يتابعونك من أجل المتابعة لأن هذه طباعهم مثلما أنت تركض من أجل الركض حينما تصل لن تجد من يصفق لك أو ينتظرك، إنه الدوران فى الحلقات المفرغة".

 

هذه الجملة التى أحاطها زوجى بقوسين من حبر أحمر، هل هو لا يجدنى فى نهاية سباقه ؟ أم أننى لا أصفق له ؟

 

"البحر لا يشعر بالعطش، معلومة بديهية ولن يتوقف أحد أمامها، لكن البحر مالحٌ قد يشتاق إلى الماء العذب، مظلوم البحر باتساعه وكثرة خيراته فلا يحق له الاحتياج، أن تكون بحرًا شيء معذب، لا أعرف لماذا يسعد الأشخاص حين يتم تشبيههم بالبحر، نلقى قاذوراتنا به ولا نعطيه إلا عرقنا وبولَنا، هل رأيت شخصًا يحمل وردة إلى البحر..؟ أن تكون مجرى ماء صغيرًا فى أرض زراعية أفضل كثيرًا سيهتم بك صاحب الأرض لأنك تحيى أرضه بوجودك".

 

وهذا الكلام خططه زوجى وعلى هامشه رسم بحرًا باللون الأسود، هل أصلح لأكون ماء عذبًا ..؟       

 

- صدقنى لا احتاج لمرآة.. لا احتاج لذات نفسى.. لا تتماهى بى .. احتاجك معى وبجوارى .. أريدك أنت بعيوبك قبل مميزاتك.

 

- أنا أحبكِ.

 

- هل تعرف الاحتواء؟

 

- بالطبع.

 

- احتوِنى.

 

- أنا لا أترككِ.

 

- أنت غير موجود.

 

وهذا حوار مقتص من روايتها التى أخبرنى زوجى عنها وقال "كتبت سيرتها الذاتية بشكل روائى، أتمنى امتلاك نصف شجاعتها"، هل زوجى يتألم مثلها هو يكتب بسخرية وشخوصه لا تشبهه، هل لمار تكتبه ؟ هل هو تعيس مثلما صورت ..؟".