رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


المحتوى الرقمي يحقق أرباحا متزايدة لـ «نيويورك تايمز» وتوقعات باختفاء النسخة الورقية

2-12-2020 | 10:54


لم يكن أحد يستطيع في عام 2010، بأن يتم انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة، أو بتفشي فيروس كورونا، غير أن الأخبار المتعلقة بهذين الحدثين على وجه التحديد، هي التي ساعدت صحيفة "نيويورك تايمز" على اجتذاب قراء جدد، وعلى أن تتجاوز مبيعاتها لطبعتها الالكترونية، لأول مرة، مبيعات النسخة الورقية، وذلك خلال الربع الثالث من عام 2020.

ويرجع الفضل في هذه التطورات إلى القرار الذي اتخذته إدارة الصحيفة، قبل عشر سنوات من حدوث هذه الزيادة في مبيعات نسختها الرقمية، أي في نوفمبر 2010، بالإعلان عن أنها ستتيح خدماتها الصحفية من خلال محتوى رقمي نظير اشتراكات مالية، وفي مارس 2011 زاد حجم الاشتراكات في المحتوى الرقمي للصحيفة، ومنذ ذلك الحين توسع هذا النمو، وبمعدلات سريعة.

وقبيل انتخابات الرئاسة الأمريكية المصيرية لعام 2020، كشفت "نيويورك تايمز" عن الأرقام الواعدة لإيراداتها وتوزيعها، حيث بلغ عدد الاشتراكات 9ر6 مليون مشترك حتى نهاية سبتمبر الماضي، منهم أكثر من ستة ملايين مشترك في القطاع الرقمي.

وتمثل هذه الأرقام إنجازا كبيرا، حتى بالنظر إلى عام 2015، عندما كان هذا الرقم 3ر1 مليون مشترك فقط، ثم صار ترامب رئيسا، ومع كل قنبلة صحفية تكشف عنها الصحيفة، كان عدد القراء ينمو.

وأكدت ميرديث كوبيت ليفاين، الرئيسة التنفيذية لشركة "نيويورك تايمز" أن الصحيفة لم تعتمد على أي خبر أو موضوع جديد بشكل حصري، من أجل زيادة عدد قرائها، وقالت إنه في أحد الأيام، لم يقدم المحتوى الرقمي تغطية صحفية للعملية الانتخابية أولا بأول منذ أول نوفمبر الماضي، فحسب، بل أيضا أحدث تطورات جائحة كورونا فحسب، بل قدم أيضا وسائل حول سبل هروب القراء بعيدا عن هذه الأحداث.

وفي الحقيقة، صارت الخدمات الرقمية للصحيفة مهمة بشكل متزايد، وهناك بالفعل نحو 4ر1 مليون مستخدم اشتركوا في خدمات إضافية مثل إرشادات عن الطهي أو حل الكلمات المتقاطعة، وهما من خدمات المحتوى الرقمي التي تعد أكثر جذبا في هذه الأيام، مع اضطرار القراء للبقاء في منازلهم بسبب الجائحة، ولكن ما هي الصورة المتوقعة في هذا الشأن خلال عالم ما بعد الجائحة؟

ما زلنا ننتظر التعرف على ما إذا كانت "نيويورك تايمز" ستستطيع أن تحقق هدفها، بزيادة عدد المشتركين إلى عشرة ملايين بحلول عام 2025، في ظل عدد وجود مثل هذه القضايا الرئيسية المثارة في الوقت الحالي، غير أن ثمة أمر واحد مؤكد، وهو أن نجاح الصحيفة سيتحقق فقط من خلال المحتوى الرقمي، لأنه القطاع الوحيد الذي يسجل نموا، حيث إن تلبية الاشتراكات من خلال النسخة الورقية التي يبلغ إجماليها 800 ألف، أصبحت أكثر تكلفة، كما أن الإيرادات منها تتقلص باستمرار.

ويتضح حجم تأثير الرقمنة عند النظر إلى الإيرادات الإجمالية لشركة "نيويورك تايمز"، ففي عام 2006 تجاوز إجمالي الإيرادات ثلاثة مليارات دولار، وبحلول عام 2012 انخفضت الإيرادات إلى 59ر1 مليار دولار.

ورغم ذلك، ومنذ ذلك الحين، تمكنت "نيويورك تايمز" من تحقيق الاستقرار في حجم نشاطها التجاري وأدائها المالي، ثم بدأت مرة أخرى السير خطوة بخطوة على طريق النمو، وحققت في عام 2019 إيرادات وصلت إلى 81ر1 مليار دولار.

وحدث مؤخرا تغيير بارز للمرة الأولى بالنسبة للإيرادات، ففي الربع الثالث من عام 2020 حققت النسخة الورقية من صحيفة نيويورك تايمز إيرادات بلغت 7ر145 مليون دولار، مما يمثل تراجعا بنسبة 8ر3% مقارنة بإيرادات العام السابق، بينما زادت إيرادات المحتوى الرقمي بنسبة 34% لتبلغ 155 مليون دولار، وفي حالة المقارنة بين القطاعين يتبين أن المحتوى الرقمي حقق إيرادات تزيد عما حققته النسخة الورقية.

وينتظر أن يعوض هذا النمو القوي في القطاع الرقمي، مع انخفاض تكلفته وأيضا انخفاض حجم الإعلانات به، التراجع البطيء للنشاط التجاري الجذاب للنسخ الورقية، ولتحقيق هذا الهدف يتعين مواصلة زيادة عدد قراء المحتوى الرقمي.

وتعد النشرات الصوتية إحدى الوسائل التي تسعى "نيويورك تايمز" من خلالها إلى اجتذاب مزيد من القراء، وفي عام 2017 بدأت نشرتها الصوتية الشهيرة المجانية تحت اسم "اليومي"، والتي تشرح قضية تشغل بال الرأي العام في ذات اليوم، وذلك خلال مدة تستغرق ما بين 20إلى 30 دقيقة، وقد حققت نجاحا هائلا حيث تجاوز عدد المستمعين المليونين خلال اليوم الواحدز

وتريد الشركة البناء على هذا النجاح بإطلاق أحدث استثماراتها، والذي يتمثل في شركة إذاعية رائدة تسمى "سيريال برودكشنز"، واشترتها بمبلغ 25 مليون دولار، وذلك إلى جانب شراء سلسلة من الشركات الناشئة.

ويبدو أن مصير النسخة الورقية من "نيويورك تايمز"، والتي تصل عن طريق الاشتراكات إلى أبواب الكثيرين من قاطني المباني العتيقة المشيدة من الأحجار الرملية بنية اللون، قد أصبح أيضا أمرا مؤكدا، ففي أغسطس 2020، قال مارك طومسون، المدير الإداري السابق للشركة في مقابلة صحفية، إن النسخة الورقية للصحيفة سيكتب لها البقاء على قيد الحياة حتى الثلاثينيات من القرن الحالي.