رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


السخرية السياسية على السوشيال ميديا (3)

4-12-2020 | 10:34


د.شريف درويش اللبان

هناك اختلاف بين الصفحات في نسب استخدام شخصية في المنشورات على الرغم من تشابه كلٍ من صفحتي "أساحبي" و"بابا جاب موز" في ترتيب استخدام شخصيات من عدمه أو الاعتماد على فكرة، حيث النسبة الأعلى لوجود شخصية ثم يأتي عدم وجود شخصية ثم الاعتماد على الفكرة.. ويمكن القول إن صفحات الكاريكاتور اعتمدت أكثر على الفكرة بدون استخدام شخصيات في منشوراتها، في حين تميل الصفحات الساخرة لوجود شخصية.

أوضحت رسالة ماجستير الباحثة عُلا ممدوح عيسى سكرتير تحرير مجلة "النصر" التي تُصدرها إدارة الشئون المعنوية بالقوات المسلحة المصرية، التي شَرُفتُ بالإشراف عليها تعدد الشخصيات الفاعلة سياسيًا الذين تم تناولهم في منشورات عينة الدراسة بدءًا من رئيس الدولة ومرورًا بالوزراء والمسئولين ومرشحي الرئاسة وأعضاء مجلس النواب، كما تم تناول بعض الشخصيات الاعتبارية دون تسمية شخص بعينه (كالحكومة – أو وزارة ما - أعضاء مجلس النواب بشكل عام – المسئولين دون ذكر اسم مسئول محدد) وبعض الهيئات مثل جامعة الدول العربية واللجنة العليا للانتخابات، وعدم وجود شخصية لا يعني أنه لا توجد صورة ذهنية، وأغلب الصور الذهنية في هذه الحالة تكون مسبقة ويخضع لها فئة معينة من الأشخاص مثل نواب البرلمان – المسئولين.

وتناول الشخصيات الفاعلة سياسيًا تم بعدة أشكال، سواء من خلال صورة الفاعل السياسي أو اسم الفاعل السياسي أو المنصب الذي يشغله أو التصريح أو القرار الذي صدر عن الفاعل السياسي، وقد تأتي هذه الأشكال مجتمعة أو جزء منها أو يتم الاكتفاء بإحداها.

وقد تعددت المنشورات التي تتناول أعضاء البرلمان سواء في مرحلة الدعاية الانتخابية أو بعد الحصول على مقعد في البرلمان والصورة المتكررة هي لمرشحي مجلس النواب وقت الدعاية الانتخابية للحصول على مقعد في البرلمان وتواجدهم مع الناخبين وتقديمهم وعودًا كثيرة، إلا أنهم بعد نجاحهم في الانتخابات تنقطع صلتهم بالدوائر التي يمثلونها في مجلس النواب حتى يحين موعد الانتخابات التالية، وتتبخر الوعود الانتخابية بمجرد الوصول لمقعد البرلمان، وفي مرحلة لاحقة يكون دور عضو البرلمان هو الموافقة فقط على كل ما يتم مناقشته داخل البرلمان وأن أي محاولة للاعتراض غير مسموح بها.

وفيما يتعلق بالصورة الذهنية عن المسئولين والفاعلين سياسيًا أن قراراتهم لا تأتي في صالح المواطن وأنهم بعيدين عن واقع المواطن وقراراتهم غير مدروسة ويشوبها قصور في أداء الدور المنوط بهم وأن مصلحة المواطن ليست هي الأولوية مما يدل على عدم كفاءتهم في أداء عملهم، وبشكل عام فكل ما يصدر عن الفاعلين سياسيًا غير صادق وبعيد عن الواقع الفعلي للمواطن، ولا تتوجه السخرية لشخص الوزير أو لسلوكه، ولكن تتناول عمله وأداء المهام الموكلة له بحكم منصبه.

ووجدت الباحثة أن هناك ارتباطًا بين استخدام الشخصية الاعتبارية والصورة الذهنية المسبقة عن هذه الهيئة، فمثلاً جامعة الدول العربية كشخصية اعتبارية ظهرت في منشور ينتقد أداء الجامعة العربية بشكل غير مباشر وتقاعسها عن أداء الدور المنوط بها وأنها لا تصدر قرارات سوى الشجب والإدانة.

ولم تظهر الشخصية الخيالية في الصفحات الساخرة لكن اعتمدت تلك الصفحات على الشخصيات الحقيقية للفاعلين سياسيًا، فهي تعتمد على انتقاد الواقع الفعلي، فلم يكن هناك ابتكار لشخصيات خيالية فيما عدا شخصية "أساحبي" نفسها والتي تمثل المواطن المصري، وفي أحيان كثيرة تستخدم في منشورات تلك الصفحات كشعار للصفحة، وأحيانًا يتم عمل تعديلات طفيفة على صورة الشخصية لتتناسب مع موضوع المنشور كما ذكر سابقًا.. أو تستخدم الشخصية بوضع تعليق على لسانها، وفي هذه الحالة تتحدث بلسان المواطن المصري.

وبالنسبة لمجال عمل الشخصيات المستخدمة: بشكل عام من خلال عينة المنشورات محل الدراسة، وجدت الباحثة أن ترتيب الشخصيات التي ظهرت في المنشورات جاء على النحو التالي: رئيس الدولة يليه أعضاء البرلمان ثم الوزراء ثم الإعلاميون ثم رئيس الوزراء والشخصيات الدينية، وحظيت فئة شخصيات أخرى متنوعة بعدد ضئيل من التكرارات.. وبالنسبة لصفحات الكاريكاتور جاءت شخصية أعضاء البرلمان في المقدمة يليها شخصية رئيس الدولة، أما الصفحات الساخرة، فجاء في المرتبة الأولى شخصية رئيس الدولة ثم شخصيات أخرى متنوعة ويليها أعضاء البرلمان ثم الوزراء.

ومن الشخصيات التي ظهرت كمنصب، لكن دون ذكر اسم الشخص (الحكومة – رئيس الوزراء – أعضاء مجلس النواب – الوزراء – محافظ البنك المركزي – الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء – رئيس البرلمان)، فأحيانًا يكون معروفًا من المقصود عندما يكون شاغل المنصب شخصًا محددًا كرئيس الوزراء مثلاً، أو وزير بعينه عندما يذكر منصبه لكن دون اسمه، وأحيانًا يتناول المنشور الحكومة بشكل عام دون تسمية أشخاص بعينهم، كما اختصت العديد من المنشورات أعضاء مجلس النواب سواء بعد دخولهم مجلس النواب أو في مرحلة الدعاية الانتخابية، ولم يتم تسمية نائب بعينه.

 وجاءت السخرية من التصريحات والقرارات التي تصدر منهم لكن لم يتم التطرق لأي سلوك أو صفة شخصية، فالغرض من المنشور غالبًا هو التهكم والسخرية من القرار الذي يتخذه الفاعل السياسي وطريقة أدائه لعمله، والتي غالبًا تكون مرتبطة بمنظومة إدارة الدولة وتوجهات الحكومة والسياسات التي تنتهجها تجاه المواطنين.

ولعل أكثر الفاعلين السياسيين الذين تم تناولهم وظهرت بوضوح صورة ذهنية عنهم (الوزراء – نواب مجلس النواب – المسئولين)، وكان مضمون تلك الصورة الذهنية هو عدم الكفاءة، وأنهم غير قادرين على اتخاذ قرارات في صالح المواطن، وبالنسبة لأعضاء مجلس النواب أن سعيهم للحصول على مقعد في مجلس النواب يظهر بشدة في فترات الدعاية الانتخابية التي تسبق الانتخابات ويزداد تواجدهم وسط ناخبيهم ووعودهم الانتخابية الكثيرة، إلا أن الأمر يختلف تمامًا بعد الفوز، حيث يقتصر دورهم على الموافقة على ما يطرح داخل جلسات مجلس النواب فلا يقومون بدورهم الرقابي.

اختلفت الصفحات فيما بينها في تناول الشخصيات الفاعلة سياسيًا، فوجدت الباحثة أن صفحة "بابا جاب موز" استخدمت صورة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك في العديد من المنشورات ولتناول موضوعات مختلفة، وكانت هذه المنشورات تركز على فكرة التحسر على أيام حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، ويتندر على ما وصل إليه حال المصريين بعد تنحيه عن الحكم، وتقارن بين حال المصريين في عهده وأحوالهم الآن كموضوع للسخرية، إلا أن السخرية والنقد لم يمساه بالعكس تكاد تكون هذه المنشورات موالية له أو أن مصدرها هم أنصار نظام الرئيس الأسبق مبارك، فاستخدام صورته الشخصية هنا للدلالة فقط على أن الحديث عن أيام حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، ويأتي الكلام كتعليق على لسانه والذي يكون ضمنيًا في حالة مقارنة للأحوال وفيه صيغة تشفٍ وشماتة لما وصلت إليه الأوضاع في المجتمع المصري، ومن محصلة المنشورات التي جاءت لنفس الفكرة يمكن القول إن ذلك كان توجهًا من القائمين على الصفحة، أما صفحة "أساحبي" فلم تستخدم صورة الرئيس مبارك في منشوراتها ولم يأت بها منشورات بالفكرة نفسها.

لم تتناول صفحات الكاريكاتور أيًا من الفاعلين سياسيًا - خاصة المسئولين الحكوميين - بشكل مباشر لكن تناولتهم بشكل عام (فلم يذكر اسم مسئول بعينه)، على عكس الصفحات الساخرة التي تناولت تصريحات المسئولين وانتقدت أداءهم لمهامهم الوظيفية في قضايا محددة، فانتقدت صفحات الكاريكاتور سلوك المسئولين وأعضاء مجلس النواب بشكل عام، بناءً على الصورة الذهنية المسبقة عنهم، ويمكن تفسير عدم تناول شخصيات بعينها بأن رسام الكاريكاتور يتحمل المسئولية كاملة عما يرسمه، خاصة عندما تكون الصفحة الشخصية له، وبالتالي يكون الحذر أكبر لعدم الرغبة في دخول معارك مع الفاعلين سياسيًا.

وكان استخدام الشخصيات الدينية نادرًا، ربما لأن المساس برجال الدين يخضع لاعتبارات كثيرة، ويمكن أن يثير غضب فئات كثيرة من الجمهور، وبالتالي فتناولهم يكون على استحياء، ولم يسمِ شخصية بعينها.

ظهور عدد من الإعلاميين، حيث تكرر ظهور الإعلامي أحمد موسى في عدد من المنشورات، ومن الشخصيات الإعلامية الأخرى التي ظهرت من تحليل صفحة "أساحبي" كل من الكاتب الصحفي مصطفى بكري والكاتب الصحفي ياسر رزق.

وعلى الرغم من استخدام صورة رئيس الجمهورية في عدد كبير من المنشورات الساخرة، فإن عددًا كبيرًا منها لم يكن متعلقًا بتكوين صورة ذهنية عنه، كما أن عددًا كبيرًا من هذه المنشورات تم استخدامه في موضوعات بعيدة تمامًا عن السياسة.

جاء المظهر الخارجي للشخصية غير معبر عن الصورة الذهنية التي تهدف الصفحة لنقلها للجمهور، وجاءت نسبة استخدام المظهر الإيجابي للشخصيات الفاعلة سياسيًا متساوية بين الصفحات الساخرة، لذا يمكن القول إن المظهر الإيجابي ليس دليلاً على إيجابية الصورة الذهنية عن الفاعل السياسي.. فلا توجد علاقة بين المظهر الخارجي للشخصية والصورة الذهنية المتضمنة في المنشور.

كما أن وجود مظهر خارجي إيجابي لا يعني أن المنشور لمدح الشخصية، لكن عند فهم المعنى المتضمن فيه نعرف الصفات السلبية التي يسخر المنشور منها.. فالصفة السلبية هي التي يُلصقها المنشور والقائمون عليه بالفاعل السياسي أو من خلال انتقاد أفعاله، وتسليط الضوء على ما هو سلبي، ولم يحدث تعديل في المظهر الخارجي للشخصية إلا في الصور التي يتم تركيبها والتلاعب بها، وظهرت في عينة الدراسة بالاكتفاء بتركيب وجه الفاعل السياسي على مشهد أو لقطة من فيلم.

وللحديث بقية.