الزيادة السكانية تلتهم جهود التنمية.. خبراء: تؤثر بشكل مباشر على إنجازات الدولة
شدت مصر الأنظار إليها
بنجاحات اقتصادية وطفرة حضارية شهد لها العالم أجمع، خاصة أنها تمت في زمن قياسي
قياساً بحجم الإنجاز الكبير جداً في مختلف القطاعات، لكن على الرغم من الإنجازات
القياسية التي حققها المصريون بمتابعة دقيقة وحازمة إلا أن الزيادة السكانية كانت
ولاتزال تلتهم نتيجة أي إنجاز تنموي، وخاصة بعدما تخطينا عتبة الـ 100 مليون نسمة
في الداخل فقط، ما استوجب أن يتخذ المسئولون إجراءات حاسمة وحازمة للحد من كارثة
الزيادة السكانية التي تقضي على كل النجاحات التي تحققها الدولة المصرية.
وكان الدكتور مصطفى
مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، أعلن أمس عن إطلاق برنامج كبير عن الزيادة السكانية، مشددا
خلال مؤتمر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لإعلان أهم نتائج بحث الدخل
والانفاق، أن التحدى الحقيقى لـ "العشر سنوات" المقبلة على الأقل هو ضبط
معدلات الزيادة السكانية، مشددًا على أن الزيادة السكانية قضية محورية للدولة.
ولا تكمن مشكلة مصر مع
النمو السكاني في افتراسه لثمار النمو فحسب، بل أيضا في تسببه بقضم الأراضي
الزراعية ومصادر المياه المحدودة.
وقد أظهرت خبرات العقود الخمس الماضية أنه كلما
زاد عدد السكان يتم التوسع العمراني على حساب ما تبقى من الأراضي الزراعية التي
كانت حتى ستينات القرن الماضي تنتج ما يزيد على حاجة المصريين، كما تراجعت حصة
الفرد من المياه إلى أكثر من 50 بالمائة خلال الخمسين سنة الماضية.
لذا أقدم الرئيس
السيسي وحكومته على القيام بإصلاحات اقتصادية عميقة وجريئة حظيت بمديح صندوق النقد
الدولي، لكن كما أوضحت هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية فإن الزيادة السكانية تزيد الاختلال بين معدل
النمو السكاني وحجم الموارد، وتحد من نتائج وثمار النمو الاقتصادي الذي استطاعت
الدولة تحقيقه خلال السنوات الأخيرة، فتهدد ذلك بمزيد من الضغوط والتحديات
الاقتصادية والاجتماعية، والتي تؤدي إلى تراجع العائد من جهود التنمية.
المركزي
للتعبئة العامة والإحصاء
أما اللواء خيرت
بركات، رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فقال "قد نعتبر أن الـ
100 مليون مواطن يمثلون مشكلة سكانية، فحينما يكون العجز في معدلات التنمية
الاقتصادية لا يلاحق الزيادة في معدلات النمو السكانى فهذا يشير لمشكلة، وإحصائيات
النمو السكانى في 2019 تشير إلى أن وصول معدل النمو السكانى لـ 1.8% مقابل 5.6%
نمو اقتصادى، ولتحقيق مستوى معيشى آمن للمواطن فإنه لابد أن تفوق معدلات التنمية
الاقتصادية 3 أضعاف النمو السكانى".
وإدراكاً لخطورة قضية
النمو السكاني تم إدراج خطة متوسطة المدى
للتنمية الـمُستدامة حسبما قالت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، بإدراج البُعد
السكاني في جميع مجالات التنمية، وتأكيد أهمية ضبط النمو السكاني، وتفعيل البرامج
الـمعنيّة بذلك بما يكفُل الارتقاء بجودة الحياة للأسرة الـمصرية، ويُحقّق
الاستثمار الأمثل للموارد البشرية في تعزيز الجهود الإنمائية.
وعلى الرغم من نجاح الدولة
فى تحقيق معدلات نمو جيدة رغم " جائحة كورونا " الا ان الخبراء أكدوا ان
الزيادة السكانية ستواجه تلك المعدلات الايجابية وستؤثر فى عملية تحقيق التنمية
الاقتصادية
جهود الدولة فى التنمية
الاقتصادية
أكد الدكتور صلاح
هاشم، مستشار وزارة التضامن الاجتماعى للسياسات الاجتماعية، أن الزيادة السكانية
تؤثر بشكل مباشر على الجهود التى تبذلها الدولة وليس فقط على جهود التنمية
الاقتصادية
.
وأضاف أن الزيادة
السكانية تلعب دورا فى زيادة معدلات الفقر إلا أن الدولة بدأت تنتهج سياسات مغايرة
على السياسات المتبعة منذ فترة الخمسينيات فكان معدل الفقر 27% وتعداد مصر وقتها
لا يتجاوز 40 مليون نسمة، أما الآن تجاوزنا الـ 100 مليون نسمة، ووصل المعدل إلى
29% إلا أن المعدل وصل فى 2015 إلى 27.8%
ثم وصل في 2019 إلى 32.4% وخلال العامين
الآخرين انخفض من 32.4% إلى 29%.
وأوضح " هاشم
" أنه على الرغم من الزيادة السكانية إلا أن هناك سياسات جديدة اتبعتها
الدولة تسببت فى هذا الانخفاض الكبير فى معدل الفقر، وهذه السياسات هى اختلاف
مفهوم الدولة للفقر لأن الدولة سابقا كانت تنظر إلى الفقر على أنه الفقر المادى
فقط وعدم قدرة الفرد على إشباع حاجاته الأساسية، لكن منذ 2015 والدولة اتبعت
مفهوما جديدا للفقر وهو الفقر متعدد الأبعاد، بمعنى أن الفقر ليس الفقر المادى فقط
لكن من الممكن أن يكون فقرا صحيا، لذا تم عمل العديد من المبادرات الرئاسية التى
أدت إلى توفير الخدمات الصحية والعلاجية وتشخيصها للمواطن بالإضافة إلى التأمين
الصحى الشامل وتقديم مبادرات صحية مثل 100 مليون صحة وغيرها، الأمر الذى أدى إلى
توفير الرعاية الصحية، الأمر الذى امتد إلى بقية القطاعات مثل تقديم الخدمات
التعليمية .
وأشار إلى أن وزارة
التضامن منذ 2015 قامت بعمل قاعدة معلوماتية للفئات الأولى بالرعاية (الفقيرة)،
إلا أنه ما زال أمام الدولة تحديات كبيرة لتوفير التغطية الشاملة حتى ينخفض معدل
الفقر خلال العامين لقادمين إلى 25% خلال 2022 ومهو المعدل المستهدف فى اطار
السياسات الرشيدة للحد من الفقر المتعدد لأبعاد خاصة بعد التطور الكبير الذى حدث
فى البنية التحتية
.
الزيادة السكانية وجهود التنمية
أكدت الدكتورة يمن
الحماقى أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس أن الزيادة السكانية لا تؤثر فقط على جهود
التنمية الاقتصادية، ولكن على جهود تحقيق التنمية الشاملة وهذه حقيقة مُسلم بها.
ولفتت إلى أن القضية السكانية لها أبعاد اقتصادية مهمة جدا لا تؤخذ دائما
فى الاعتبار، بجانب أنها تلتهم أى زيادة فى معدلات النمو الاقتصادى.
وأضافت أن ما يسبب
الأزمة هو أن الزيادة السكانية أغلبها فى الأسر الفقيرة، لأن بالنسبة لهذه الأسر
الطفل مصر دخل، وبدون تحملهم لأى تكلفة، أما بالنسبة للأسر المتوسطة والغنية
فالطفل مصر للإنفاق لافتة إلى ضرورة تفعيل بعض القوانين التى من شأنها الحد من تلك
الظاهرة.
وأشارت أستاذ الاقتصاد
إلى وجود العديد من القوانين التي لم
تطبق، موضحًا أن هناك قانون مفاده أن من لا يدخل أبناءه للمدارس يتعرض للسجن، هذا
فى ظل وجود نسب تسرب من التعليم مرتفعة جدًا ومتزايدة.
وأوضحت يمن الحماقى أن
الزيادة السكانية تمثل قضية أمن قومى، وذلك لأنها تلتهم موارد الدولة الأمر الذى
يستوجب وضع حوافز تشجيعية للأسر الملتزمة بترشيد الإنجاب مع الاهتمام بالجانب
التوعوى من قبل وسائل الإعلام بمخاطر الزيادة السكانية وتأثيرها على كافة القطاعات
سلبا نتيجة تلك الزيادة
.
وأشارت إلى أن الزيادة
السكانية تؤدى إلى انخفاض الادخار والاستثمار، وتضعف من قدرة الأسرة على الادخار،
وبالتالى انخفاض مستوى دخلها بالمقارنة مع عدد أفرادها.