رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


نحو مواطن فاعل في محاربة الفساد

9-12-2020 | 20:35


أحمد محمد توفيق

في دائرة الظل رجالٌ، يعملون بصمت، دُون ضجيج، لايخرجون إلى النور إلا لحظة الإنقضاض على عُنصرٍ فاسد، أو وجه قصور، يُعيدون الأمور لنصابها الصحيح، يُرجحون كفة الحق، ويقطعون دابر الباطل، ولايخشون في ذلك لومة لائم.


يحتفي العالمُ اليوم ٩ ديسمبر من كل عام، باليوم العالمي لمُكافحة الفساد، وشرفتُ بحُضور احتفال هيئة الرقابة الإدارية بهذا اليوم في قاعة مهيبة بمقرها الشامخ، ليزداد جلالُ وهيبة الحدث، بوجودنا في قلب هذا الصرح المهيب، وبين رجالاته الشرفاء، الذين قطعوا خلال سنوات، أميالَ شاسعة في دحر الفساد وبتر أطرافه، مهما علا شأنه، وتضخمت مكانة المتورطين به.


أطلقت هيئة الرقابة الادارية رسالة هامة هذا العام هي "مُتحدون على مكافحة الفساد"، لتشير إلى أن دور "الفرد" لا يقل عن جهد الجهات الرقابية في التصدي لظاهرة الفساد التي تغتال الحاضر والمستقبل، فأية جهة مهما امتدت أذرعها ستظلُ قاصرة عن رصد ومُراقبة كافة أوجه القصور والفساد فوق رقعة شاسعة تمتدُ فوق مليون كم، يسكنها ١١٠ مليون نسمة، في نحو 250 مدينة، و5 آلاف قرية بـ 27 محافظة، لتصبح "المشاركة المجتمعية" ركيزة أساسية في رصد الفساد ومواجهته.


كما كان لرئيس الوزراء عبارة هامة في كلمته خلال الاحتفالية، قال نصاً: "الضررُ الذي يقعُ على المال العام، يَمسُ حتماً جَيْبَ كل مواطن"، وهي الحقيقة الدامغة التي إن استوعبها كل مصري، لن يتوانى عن أن يشير باصبعه بشجاعة تجاه كل مظهر فساد، أو وجه قصور يكتشفه، فالفسادُ لم يعُد يتوقف عند مبلغ رشوة يوضع خلسة في جيب مُوظف مُرتشي، ولكنه مفهومٌ شامل يمتد إلى مخالفة إشتراطات تنفيذ مشروع، أو تعطيل إجراءات إقامة مشروع إستثماري، وربما وضع عناصر لا تتميز بالكفاءة في مناصب تنفيذية تؤثر على أداء المنظومة ككل.


إن أخطر أنواع الفساد وأكثرها شراسة هي التي تجد بيئة مواتية لنموها، ولعل الظرف الاقتصادي هو أكثر الفرص التي تسمح بنمو وتوغل هذا الورم السرطاني، ولابد أن الجميع يُدرك أن جائحة فيروس كورونا قد فرضت آثاراً سلبية على الاقتصاد العالمي لن تتوقف عند هذا اللحظة بل تستمر لأعوام مُقبلة، وتضرر مصدر الدخل لشريحة واسعة من سُكان العالم يدفع نحو انتشار الفساد وتوحشه، لذا يعدُ نشر الوعي بأهمية "المشاركة الإيجابية" في محاربة الفساد ضرورة حتمية.


يقول الحكيم كونفوشيوس :"إذا صلح القائد فمن يجرؤ على الفساد ؟" ، وبمصر الآن إرادة سياسية حقيقة لمواجهة هذه الظاهرة، ولكنها تحتاج إلى وعي شعبي ومشاركة من الأفراد كي تتكامل جهود محاصرة الفساد وبتر أعوانه، والمواطن المصري الذي عاش لعقود طويلة "مفعولاً به"، آن له أن يكون "فاعلاً".