رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


د. نبيل فاروق يكتب: حتى‭ ‬التقنية.. حروب

10-12-2020 | 20:29


التقنية‭ ‬مصطلح‭ ‬عربى‭، ‬مرادف‭ ‬لمصطلح‭ ‬التكنولوجيا‭، ‬ولكن‭ ‬التقنية‭، ‬التى‭ ‬سنتحدَّث‭ ‬عنها‭ ‬هنا‭، ‬ليست‭ ‬هى‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬المعروفة‭ ‬فى‭ ‬عالمنا‭ ‬الآن‭،‬‭ ‬ولكنها‭ ‬الوسائل‭ ‬المختلفة‭، ‬التى‭ ‬استخدمت‭ ‬عبر‭ ‬التاريخ‭، ‬لنقل‭ ‬الأسرار‭، ‬أو‭ ‬حمايتها‭، ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬الحصول‭ ‬عليها‭، ‬وضمان‭ ‬عدم‭ ‬توصّل‭ ‬العدو‭ ‬لها‭، ‬عبر‭ ‬عدة‭ ‬أساليب‭ ‬مبتكرة‭، ‬بعضها‭ ‬بسيط‭ ‬وبدائى‭، ‬وبعضها‭ ‬تطوّر‭، ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬يفوق‭ ‬إدراك‭ ‬وتصوّر‭ ‬المواطن‭ ‬العادى‭ ‬البسيط‭، ‬الذى‭ ‬لا‭ ‬يشغل‭ ‬باله‭ ‬بالحروب‭ ‬الدائرة‭ ‬من‭ ‬حوله‭، ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬يقلق‭ ‬بشأنها‭، ‬ببساطة‭ ‬لأنه‭ ‬فى‭ ‬معظم‭ ‬الأحيان‭، ‬لا‭ ‬يشعر‭ ‬بوجودها‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬يدركها‭.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬


ففى‭ ‬زمن‭ ‬فراعنة‭ ‬مصر‭ ‬القدامى،‭ ‬عندما‭ ‬كانت‭ ‬الشعوب‭ ‬كلها‭ ‬تتقاتل‭ ‬وتتحارب؛‭ ‬للفوز‭ ‬بغنيمة،‭ ‬أو‭ ‬بموقع‭ ‬على‭ ‬البحر،‭ ‬أو‭ ‬بأرض‭ ‬خصبة،‭ ‬ابتكر‭ ‬أجدادنا‭ ‬وسيلة‭ ‬بسيطة‭ ‬وفعَّالة؛‭ ‬لنقل‭ ‬الأسرار،‭ ‬إلى‭ ‬المواقع‭ ‬البعيدة،‭ ‬فكانوا‭ ‬يأتون‭ ‬بعبد،‭ ‬ويحلقون‭ ‬شعره‭ ‬تماماً،‭ ‬ثم‭ ‬يوشمون‭ ‬الأسرار‭ ‬على‭ ‬جلد‭ ‬رأسه،‭ ‬وينتظرون‭ ‬حتى‭ ‬ينمو‭ ‬الشعر‭ ‬قليلاً،‭ ‬ويخفى‭ ‬الوشوم‭ ‬أسفله،‭ ‬ثم‭ ‬يرسلونه‭ ‬إلى‭ ‬حيث‭ ‬قياداتهم،‭ ‬فى‭ ‬الجبهات‭ ‬البعيدة‭.. ‬وخلال‭ ‬الرحلة،‭ ‬من‭ ‬الطبيعى‭ ‬أن‭ ‬ينمو‭ ‬شعر‭ ‬العبد‭ ‬أكثر،‭ ‬ويخفى‭ ‬الوشوم‭ ‬تماماً،‭ ‬حتى‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬مبتغاه،‭ ‬وهناك‭ ‬يقوم‭ ‬القائد‭ ‬بحلاقة‭ ‬رأس‭ ‬العبد،‭ ‬وقراءة‭ ‬الرسالة،‭ ‬وبعدها‭..‬‭ ‬وياللأسف،‭ ‬يقوم‭ ‬بقتل‭ ‬العبد،‭ ‬وسلخ‭ ‬جلد‭ ‬رأسه‭ ‬وحرقه،‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تقع‭ ‬الرسالة‭ ‬فى‭ ‬يد‭ ‬أحد‭ ‬الأعداء‭.. ‬ثم‭ ‬تطوّرت‭ ‬الأمور،‭ ‬وراح‭ ‬بعضهم‭ ‬يستخدم‭ ‬الحمام‭ ‬الزاجل،‭ ‬فى‭ ‬إرسال‭ ‬المعلومات،‭ ‬وتلقِّى‭ ‬التعليمات،‭ ‬حتى‭ ‬ظهر‭ ‬التليجراف،‭ ‬فى‭ ‬عام‭ ‬1835م،‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬العالم‭ ‬صمويل‭ ‬فينلى‭ ‬بريز‭ ‬مورس‭ (‬27‭ ‬أبريل‭ ‬1791‭- ‬2‭ ‬أبريل‭ ‬1872م‭)‬،‭ ‬وبتطوير‭ ‬مساعده‭ ‬البروفيسير‭ ‬ليونارد‭ ‬جيل،‭ ‬أستاذ‭ ‬الكيمياء‭ ‬بجامعة‭ ‬واشنطن،‭ ‬وهنا‭ ‬أمكن‭ ‬نقل‭ ‬الرسائل‭ ‬والمعلومات‭ ‬والتعليمات،‭ ‬لمسافة‭ ‬عشرات‭ ‬الكيلو‭ ‬مترات،‭ ‬ولكن‭ ‬مع‭ ‬عقبة‭ ‬كئود‭.. ‬لقد‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬يتم،‭ ‬عبر‭ ‬أسلاك‭ ‬تمتد‭ ‬بطول‭ ‬المسافة،‭ ‬وكان‭ ‬قطع‭ ‬تلك‭ ‬الأسلاك،‭ ‬كفيل‭ ‬بقطع‭ ‬الاتصالات‭ ‬تماماً،‭ ‬بين‭ ‬القيادة‭ ‬والجبهة،‭ ‬فى‭ ‬زمن‭ ‬الحروب،‭ ‬أو‭ ‬بين‭ ‬المراكز‭ ‬الرئيسية‭ ‬والفروع،‭ ‬فى‭ ‬أزمنة‭ ‬السلم،‭ ‬وبعدها‭ ‬ظهرت‭ ‬أجهزة‭ ‬التليفون؛‭ ‬التى‭ ‬ابتكرها‭ ‬الإيطالى‭ ‬أنطونيو‭ ‬ميوتشى،‭ ‬والذى‭ ‬ظل‭ ‬منسياً‭ ‬كمخترع،‭ ‬ونسب‭ ‬الفضل‭ ‬إلى‭ ‬جراهام‭ ‬بيل،‭ ‬الذى‭ ‬صنع‭ ‬أوَّل‭ ‬هاتف،‭ ‬عبر‭ ‬تصميمات‭ ‬ميوتشى،‭ ‬حتى‭ ‬اعترف‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬الأمريكى،‭ ‬فى‭ ‬عام‭ ‬2002م‭ ‬فقط،‭ ‬بأن‭ ‬ميوتشى‭ ‬هو‭ ‬المخترع‭ ‬الحقيقى‭ ‬للهاتف‭.. ‬ولكن،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ابتكار‭ ‬التليفون،‭ ‬عام‭ ‬1889م،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬المشكلة‭ ‬نفسها‭ ‬بقيت‭.. ‬مشكلة‭ ‬الأسلاك،‭ ‬والاتصالات‭ ‬التى‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬امتدادها،‭ ‬ولذلك‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬على‭ ‬العدو‭ ‬سوى‭ ‬قطع‭ ‬الأسلاك،‭ ‬لفصل‭ ‬قيادة‭ ‬عدوه‭ ‬عن‭ ‬جبهاتها،‭ ‬ولذلك‭ ‬بدأت‭ ‬مرحلة‭ ‬ابتكار‭ ‬تقنيات‭ ‬جديدة،‭ ‬لنقل‭ ‬واستقبال‭ ‬المعلومات،‭ ‬وخاصة‭ ‬خلال‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الأولى‭ (‬28‭ ‬يوليو‭ ‬1914‭ ‬–‭ ‬11‭ ‬نوفمبر‭ ‬1918م‭)‬،‭ ‬ففى‭ ‬تلك‭ ‬المرحلة،‭ ‬راح‭ ‬المتحاربون‭ ‬يبتكرون‭ ‬الوسيلة‭ ‬تلو‭ ‬الأخرى،‭ ‬مثل‭ ‬الخطابات‭ ‬المشفرة،‭ ‬وقطع‭ ‬الأثاث،،‭ ‬التى‭ ‬تحوى‭ ‬فجوات،‭ ‬وأزرار‭ ‬المعاطف‭ ‬الكبيرة،‭ ‬التى‭ ‬تختفى‭ ‬داخلها‭ ‬المعلومات،‭ ‬فى‭ ‬أوراق‭ ‬صغيرة،‭ ‬مكتوبة‭ ‬بخط‭ ‬دقيق‭.. ‬ومن‭ ‬الطريف،‭ ‬فى‭ ‬تلك‭ ‬المرحلة،‭ ‬أن‭ ‬تقنية‭ ‬أزرار‭ ‬المعاطف‭ ‬هذه‭ ‬ظلت‭ ‬ناجحة‭ ‬لعام،‭ ‬حتى‭ ‬اكتشف‭ ‬العدو،‭ ‬أنه‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬أدار‭ ‬الزر‭ ‬إلى‭ ‬اليمين،‭ ‬انفتح،‭ ‬وظهرت‭ ‬الرسالة‭ ‬داخله،‭ ‬فما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الطرف‭ ‬الآخر،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬ابتكر‭ ‬أزراراً‭ ‬تغلق‭ ‬بإدارتها‭ ‬إلى‭ ‬اليمين‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬العكس،‭ ‬ولقد‭ ‬نجح‭ ‬هذا‭ ‬فى‭ ‬خداع‭ ‬العدو،‭ ‬حتى‭ ‬نهاية‭ ‬الحرب،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬بساطته‭.. ‬ولكن‭ ‬فى‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية،‭ ‬كان‭ ‬جوليلمو‭ ‬ماركونى‭ (‬25‭ ‬أبريل‭ ‬1974‭ ‬–‭ ‬20‭ ‬يوليو‭ ‬1937م‭) ‬قد‭ ‬ساهم‭ ‬فى‭ ‬كشف‭ ‬الموجات‭ ‬الكهرومغناطيسية،‭ ‬وأرسل‭ ‬أول‭ ‬إشارة‭ ‬لا‭ ‬سلكية‭ ‬عبر‭ ‬الأطلسى،‭ ‬من‭ ‬أوروبا‭ ‬إلى‭ ‬أمريكا،‭ ‬عام‭ ‬1901م،‭ ‬وحصل‭ ‬على‭ ‬جائزة‭ ‬نوبل‭ ‬للفيزياء‭ ‬عام‭ ‬1909م،‭ ‬بالاشتراك‭ ‬مع‭ ‬كارل‭ ‬فرديناند‭ ‬براون،‭ ‬عن‭ ‬اختراعهم‭ ‬للتلغراف‭ ‬اللا‭ ‬سلكى،‭ ‬لذا‭ ‬فلم‭ ‬يكن‭ ‬على‭ ‬المهندسين‭ ‬دونالد‭ ‬هنجز‭ ‬وألفريد‭ ‬جروس،‭ ‬سوى‭ ‬تطويره،‭ ‬خلال‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية،‭ ‬لصنع‭ ‬جهاز‭ ‬إرسال‭ ‬عسكرى،‭ ‬أشبه‭ ‬براديو‭ ‬محمول،‭ ‬ولكنه‭ ‬يمتلك‭ ‬القدرة‭ ‬ليس‭ ‬على‭ ‬الاستقبال‭ ‬فحسب،‭ ‬ولكن‭ ‬على‭ ‬الإرسال‭ ‬أيضاً‭.. ‬ولأن‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬ليست‭ ‬حكراً‭ ‬على‭ ‬أحد،‭ ‬فقد‭ ‬توصّلت‭ ‬الأطراف‭ ‬الأخرى‭ ‬أيضاً‭ ‬إلى‭ ‬اللا‭ ‬سلكى،‭ ‬وصارت‭ ‬المشكلة‭ ‬كلها‭ ‬تكمن‭ ‬فى‭ ‬معرفة‭ ‬موجة‭ ‬الاتصال،‭ ‬لسماع‭ ‬واستقبال‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تنقله‭ ‬أجهزة‭ ‬اللا‭ ‬سلكى،‭ ‬عند‭ ‬الطرف‭ ‬الآخر‭.. ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬بدأت‭ ‬تقنية‭ ‬التشفير،‭ ‬لمنع‭ ‬العدو‭ ‬من‭ ‬فهم‭ ‬فحوى‭ ‬الرسالة،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬أمكنه‭ ‬اعتراضها‭.. ‬كانت‭ ‬الرسائل‭ ‬أيامها،‭ ‬وبخاصة‭ ‬السرية‭ ‬منها،‭ ‬ترسل‭ ‬بوساطة‭ ‬إشارات‭ ‬مورس،‭ ‬أو‭ ‬شفرة‭ ‬مورس،‭ ‬التى‭ ‬ابتكرها‭ ‬صمويل‭ ‬مورس،‭ ‬عام‭ ‬1820م،‭ ‬والتى‭ ‬تعتبر‭ ‬أول‭ ‬استخدام‭ ‬تقنى‭ ‬للغة‭ ‬الصفر‭ ‬الواحد‭ ‬المستخدمة‭ ‬فى‭ ‬الرقميات‭ ‬اليوم،‭ ‬وكانت‭ ‬الرسائل‭ ‬كلها‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬ثلاث‭ ‬مجموعات‭ ‬من‭ ‬الأرقام،‭ ‬المجموعة‭ ‬الأولى‭ ‬تمثل‭ ‬رقم‭ ‬الصفحة،‭ ‬فى‭ ‬نسخة،‭ ‬من‭ ‬كتاب‭ ‬متفق‭ ‬عليه،‭ ‬بين‭ ‬المرسل‭ ‬والمستقبل،‭ ‬والمجموعة‭ ‬الثانية‭ ‬هى‭ ‬رقم‭ ‬سطر‭ ‬فى‭ ‬الصفحة،‭ ‬أما‭ ‬المجموعة‭ ‬الثالثة،‭ ‬فهى‭ ‬رقم‭ ‬كلمة‭.. ‬ولكى‭ ‬تفهم‭ ‬فحوى‭ ‬الرسالة،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬تم‭ ‬اعتراضها،‭ ‬يتحتم‭ ‬عليك‭ ‬معرفة‭ ‬عنوان‭ ‬الكتاب،‭ ‬وطبعته‭ ‬بالتحديد،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬هذا‭ ‬سهلاً،‭ ‬فى‭ ‬وجود‭ ‬آلاف‭ ‬الكتب،‭ ‬التى‭ ‬تملأ‭ ‬أرفف‭ ‬المكتبات،‭ ‬ولكى‭ ‬يصبح‭ ‬الأمر‭ ‬أكثر‭ ‬صعوبة،‭ ‬ابتكر‭ ‬الألمان‭ ‬إضافة‭ ‬جديدة‭ ‬لتلك‭ ‬الشفرة،‭ ‬ألا‭ ‬وهى‭ ‬ثلاثة‭ ‬أرقام،‭ ‬توضع‭ ‬كمفتاح،‭ ‬يضاف‭ ‬الرقم‭ ‬الأوَّل‭ ‬على‭ ‬الأرقام،‭ ‬فى‭ ‬العمود‭ ‬الأول،‭ ‬والثانى‭ ‬على‭ ‬الأرقام‭ ‬فى‭ ‬العمود‭ ‬الثانى‭ ‬وهكذا‭.. ‬وفى‭ ‬تلك‭ ‬المرحلة،‭ ‬كان‭ ‬يتحتم‭ ‬على‭ ‬أى‭ ‬جهاز‭ ‬أمنى،‭ ‬معرفة‭ ‬الجاسوس‭ ‬مستخدم‭ ‬الشفرة،‭ ‬ومعرفة‭ ‬الكتاب‭ ‬المستخدم،‭ ‬ومفتاح‭ ‬الاتصال‭ ‬أيضاً،‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬يمثله‭ ‬هذا‭ ‬من‭ ‬صعوبة‭.. ‬وكشف‭ ‬شفرة‭ ‬اتصالات‭ ‬العدو،‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬وأصعب‭ ‬وأعقد‭ ‬العمليات،‭ ‬لدى‭ ‬كل‭ ‬جهاز‭ ‬مخابرات،‭ ‬وهناك‭ ‬عشرات‭ ‬من‭ ‬العمليات‭ ‬المدهشة،‭ ‬والتضحيات‭ ‬الكبيرة،‭ ‬التى‭ ‬بذلت؛‭ ‬للفوز‭ ‬بشفرة‭ ‬الاتصالات‭ ‬اليابانية‭ ‬والألمانية،‭ ‬فى‭ ‬زمن‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭.. ‬وعندما‭ ‬كشفت‭ ‬انجلترا‭ ‬وثائق‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية،‭ ‬عام‭ ‬2005م،‭ ‬تبين‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬كشفت‭ ‬شفرة‭ ‬الاتصال‭ ‬اليابانية‭ ‬قبل‭ ‬عام‭ ‬من‭ ‬ضربة‭ ‬بيرل‭ ‬هاربور‭ ‬تقريباً‭ (‬7‭ ‬ديسمبر‭ ‬1941م‭)‬،‭ ‬ولكنها‭ ‬لم‭ ‬تعلن‭ ‬هذا‭ ‬أو‭ ‬تبديه،‭ ‬بل‭ ‬قامت‭ ‬بتسريب‭ ‬شفرة‭ ‬قديمة‭ ‬لها‭ ‬إلى‭ ‬اليابانيين،‭ ‬ثم‭ ‬استخدمتها‭ ‬للحديث‭ ‬عن‭ ‬ضربة‭ ‬قاصمة،‭ ‬يستعد‭ ‬الأسطول‭ ‬الأمريكى‭ ‬للقيام‭ ‬بها؛‭ ‬لتدمير‭ ‬الأسطول‭ ‬اليابانى‭ ‬تماماً،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬هذا‭ ‬حقيقياً،‭ ‬ولكن‭ ‬إنجلترا‭ ‬كانت‭ ‬تحتاج‭ ‬بشدة‭ ‬إلى‭ ‬دفع‭ ‬أمريكا‭ ‬للحرب؛‭ ‬حتى‭ ‬تربح‭ ‬حليفاً‭ ‬قوياً،‭ ‬فى‭ ‬مواجهة‭ ‬ألمانيا‭ ‬واليابان‭..‬‭. ‬ولقد‭ ‬نجحت‭ ‬لعبتها‭ ‬بالفعل،‭ ‬إذ‭ ‬بادر‭ ‬اليابانيون‭ ‬بشن‭ ‬هجوم‭ ‬بيرل‭ ‬هاربور،‭ ‬على‭ ‬الأسطول‭ ‬الأمريكى،‭ ‬متصورين‭ ‬أنها‭ ‬ضربة‭ ‬وقائية،‭ ‬لمنعه‭ ‬من‭ ‬تدمير‭ ‬أسطولهم‭ ‬مسبقاً،‭ ‬ولم‭ ‬يتصوَّروا‭ ‬لحظة،‭ ‬أنهم‭ ‬بهذا‭ ‬ينفذون‭ ‬المخطَّط‭ ‬الإنجليزى؛‭ ‬لدفع‭ ‬أمريكا‭ ‬إلى‭ ‬الدخول‭ ‬فى‭ ‬الحرب،‭ ‬والذى‭ ‬كان‭ ‬السبب‭ ‬الرئيسى‭ ‬فى‭ ‬هزيمة‭ ‬اليابان‭ ‬بعدها‭ ‬بأربع‭ ‬سنوات‭.. ‬فى‭ ‬تلك‭ ‬الفترة،‭ ‬كان‭ ‬الألمان‭ ‬قد‭ ‬ابتكروا‭ ‬آلة‭ ‬كاتبة،‭ ‬أطلقوا‭ ‬عليها‭ ‬اسم‭ (‬اينجما‭)‬،‭ ‬أو‭ ‬اللغز،‭ ‬ولقد‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬أبرع‭ ‬وأقوى‭ ‬تقنيات‭ ‬التشفير،‭ ‬التى‭ ‬ابتكرت،‭ ‬فى‭ ‬ذلك‭ ‬العصر‭ ‬كله،‭ ‬ولقد‭ ‬كانت‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬آلة‭ ‬كاتبة،‭ ‬تستخدم‭ ‬أقراصاً‭ ‬دوَّارة،‭ ‬لها‭ ‬ترتيب‭ ‬مخالف‭ ‬للحروف‭ ‬العادية،‭ ‬بحيث‭ ‬يقوم‭ ‬أحدهم‭ ‬بطبع‭ ‬رسالة‭ ‬مباشرة‭ ‬على‭ ‬الآلة،‭ ‬فتسقط‭ ‬أحرفاً‭ ‬مختلفة‭ ‬على‭ ‬الورق،‭ ‬كأن‭ ‬تضغط‭ ‬مثلاً‭ ‬حرف‭ ‬الألف،‭ ‬فتطبع‭ ‬الآلة‭ ‬حرف‭ ‬صاد،‭ ‬أو‭ ‬تضغط‭ ‬رقم‭ ‬واحد،‭ ‬فتطبع‭ ‬هى‭ ‬حرف‭ ‬فاء‭ ‬مثلاً،‭ ‬وكان‭ ‬على‭ ‬مستقبل‭ ‬تلك‭ ‬الرسالة،‭ ‬أن‭ ‬يستخدم‭ ‬آلة‭ ‬مماثلة،‭ ‬ولكنها‭ ‬تقوم‭ ‬بعمل‭ ‬عكسى،‭ ‬بواسطة‭ ‬أقراص‭ ‬دوَّارة‭ ‬أيضاً،‭ ‬فيكتب‭ ‬ما‭ ‬وصله‭ ‬من‭ ‬حروف،‭ ‬لتطبع‭ ‬له‭ ‬الآلة‭ ‬رسالة‭ ‬واضحة‭ ‬مقروءة،‭ ‬بالأحرف‭ ‬والأرقام‭ ‬الصحيحة‭.. ‬الفكرة‭ ‬كانت‭ ‬عبقرية،‭ ‬ولم‭ ‬ينجح‭ ‬كل‭ ‬خبراء‭ ‬الحلفاء‭ ‬فى‭ ‬كشفها،‭ ‬حتى‭ ‬الأشهر‭ ‬الثلاثة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬قبل‭ ‬سقوط‭ ‬الرايخ‭ ‬الثالث‭.. ‬وربما‭ ‬يحتاج‭ ‬تاريخ‭ ‬التشفير‭ ‬إلى‭ ‬كتاب‭ ‬كامل‭ ‬لشرحه،‭ ‬وليس‭ ‬مجرَّد‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬مقال،‭ ‬ولكن‭ ‬يكفى‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬إن‭ ‬عصر‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬جعل‭ ‬حتى‭ ‬الرسائل‭ ‬بين‭ ‬الأفراد‭ ‬العاديين‭ ‬مشفرة‭ ‬رقمياً،‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬ربما‭ ‬تعجز‭ ‬أجهزة‭ ‬كمبيوتر‭ ‬أخرى‭ ‬عن‭ ‬حله،‭ ‬ولهذا‭ ‬فيمكننا‭ ‬الانتقال‭ ‬إلى‭ ‬وسيلة‭ ‬أخرى،‭ ‬أو‭ ‬سلاح‭ ‬آخر،‭ ‬فى‭ ‬حرب‭ ‬التقنية‭.. ‬فقديماً،‭ ‬وحتى‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية،‭ ‬كان‭ ‬التنصّت‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬الجواسيس،‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬استئجار‭ ‬شقة‭ ‬مجاورة‭ ‬لهم،‭ ‬وعمل‭ ‬فتحات‭ ‬دقيقة‭ ‬فى‭ ‬الجدار،‭ ‬وزرع‭ ‬ميكروفونات‭ ‬كبيرة،‭ ‬فى‭ ‬فتحات‭ ‬صناعية،‭ ‬وبعد‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية،‭ ‬صارت‭ ‬هناك‭ ‬أجهزة‭ ‬تنصّت‭ ‬صغيرة،‭ ‬فى‭ ‬حجم‭ ‬عملة‭ ‬معدنية‭ ‬عادية،‭ ‬وممغنطة‭ ‬أيضاً،‭ ‬بحيث‭ ‬يمكن‭ ‬زرعها،‭ ‬أسفل‭ ‬مائدة،‭ ‬أو‭ ‬أعلى‭ ‬باب،‭ ‬أو‭ ‬فى‭ ‬أى‭ ‬ركن‭ ‬خفى،‭ ‬وأحياناً‭ ‬فى‭ ‬سماعة‭ ‬الهاتف‭.. ‬ومع‭ ‬التطوّر‭ ‬المستمر‭ ‬للتقنية،‭ ‬صارت‭ ‬تلك‭ ‬الأقراص‭ ‬أصغر،‭ ‬وأصغر‭ ‬وأصغر‭.. ‬ثم‭ ‬تطوَّرت‭ ‬التقنية‭ ‬أكثر،‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬هناك‭ ‬داع‭ ‬لزرع‭ ‬أى‭ ‬شىء،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬حرب‭ ‬التقنية،‭ ‬تضم‭ ‬أيضاً‭ ‬التقنية‭ ‬المضادة،‭ ‬فأنت‭ ‬تبتكر‭ ‬شيئاً،‭ ‬فيبتكر‭ ‬عدوّك‭ ‬مضاداً‭ ‬له،‭ ‬وتسعى‭ ‬أنت‭ ‬لابتكار‭ ‬مضاد‭ ‬للمضاد،‭ ‬وهكذا‭.. ‬وبلا‭ ‬نهاية‭.. ‬فلقد‭ ‬تم‭ ‬ابتكار‭ ‬كواشف‭ ‬أجهزة‭ ‬التنصت،‭ ‬التى‭ ‬تكشف‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬زرعه‭ ‬فى‭ ‬المكان،‭ ‬وكان‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬نقل‭ ‬الحرب‭ ‬إلى‭ ‬المستوى‭ ‬الثالث‭.. ‬وبهذا‭ ‬تم‭ ‬ابتكار‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬باسم‭ ‬الميكروفون‭ ‬البندقية‭ (‬Gun‭ ‬mice‭)‬،‭ ‬وهو‭ ‬جهاز‭ ‬ميكروفون،‭ ‬مزوَّد‭ ‬بطبق‭ ‬لاقط،‭ ‬ذا‭ ‬حساسية‭ ‬كبيرة،‭ ‬بحيث‭ ‬يمكنه‭ ‬استقبال‭ ‬والتقاط‭ ‬الأصوات‭ ‬من‭ ‬بعيد،‭ ‬ودور‭ ‬الطبق‭ ‬اللاقط‭ ‬هنا،‭ ‬هو‭ ‬استبعاد‭ ‬وعزل‭ ‬كل‭ ‬الأصوات‭ ‬الأخرى‭ ‬المحيطة،‭ ‬فى‭ ‬محاولة‭ ‬لتنقية‭ ‬الصوت‭ ‬المستهدف،‭ ‬بقدر‭ ‬المستطاع‭.. ‬ولكن،‭ ‬وكالعادة،‭ ‬ظهر‭ ‬الكمبيوتر،‭ ‬وظهرت‭ ‬الرقميات،‭ ‬وتطوَّرت‭ ‬التقنيات‭ ‬تطوراً‭ ‬غير‭ ‬مسبوق،‭ ‬فصار‭ ‬هناك‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬بميكروفون‭ ‬الليزر‭ (‬Laser‭ ‬Mic‭)‬،‭ ‬وهو‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬شعاع‭ ‬دقيق‭ ‬من‭ ‬الليزر،‭ ‬موصول‭ ‬بجهاز‭ ‬كمبيوتر‭ ‬دقيق،‭ ‬كل‭ ‬دور‭ ‬الشعاع‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬يمس‭ ‬الجدار‭ ‬فحسب،‭ ‬فينقل‭ ‬كل‭ ‬ترددات‭ ‬الصوت،‭ ‬التى‭ ‬تحدث‭ ‬خلفه،‭ ‬ومهمة‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬هى‭ ‬استقبال‭ ‬الترددات،‭ ‬العائدة‭ ‬عبر‭ ‬شعاع‭ ‬الليزر،‭ ‬وفصلها‭ ‬وتنقيتها،‭ ‬بحيث‭ ‬يمكنك‭ ‬أن‭ ‬تجلس‭ ‬فى‭ ‬شقة،‭ ‬مطلة‭ ‬على‭ ‬النيل،‭ ‬وتستمع‭ ‬بكل‭ ‬وضوح،‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يدور‭ ‬خلف‭ ‬نافذة‭ ‬مغلقة،‭ ‬على‭ ‬الجانب‭ ‬الآخر‭ ‬من‭ ‬النيل‭ !!!.. ‬هكذا‭.. ‬وبكل‭ ‬بساطة‭.. ‬أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬للتصوير،‭ ‬فحدّث‭ ‬ولا‭ ‬حرج‭.. ‬قديماً‭ ‬كان‭ ‬الجواسيس‭ ‬يتسلّلون‭ ‬إلى‭ ‬المواقع‭ ‬الحساسة،‭ ‬مع‭ ‬كاميرات‭ ‬ضخمة،‭ ‬وعدسات‭ ‬أضخم،‭ ‬لالتقاط‭ ‬بعض‭ ‬الصور‭ ‬العسكرية،‭ ‬ثم‭ ‬صارت‭ ‬الكاميرات‭ ‬أصغر،‭ ‬وكذلك‭ ‬العدسات،‭ ‬ونشأ‭ ‬التصوير‭ ‬الجوى‭.. ‬وفى‭ ‬مرحلة‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية،‭ ‬تم‭ ‬ابتكار‭ ‬كاميرات‭ ‬شديدة‭ ‬الصغر،‭ ‬تستخدم‭ ‬أفلاماً‭ ‬دقيقة‭ ‬للغاية،‭ ‬ذات‭ ‬حساسيات‭ ‬عالية،‭ ‬لنقل‭ ‬الصور‭ ‬والوثائق،‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬بالميكروفيلم،‭ ‬وهو‭ ‬فى‭ ‬حجم‭ ‬حبة‭ ‬عنب‭ ‬متوسّطة،‭ ‬وكان‭ ‬تهريبه‭ ‬وإيصاله‭ ‬إلى‭ ‬الطرف‭ ‬الآخر،‭ ‬هو‭ ‬مشكلة‭ ‬المشاكل،‭ ‬وبسببها‭ ‬ظهرت‭ ‬عشرات‭ ‬الابتكارات‭ ‬والأفكار،‭ ‬وبسببها‭ ‬أيضاً‭ ‬سقط‭ ‬عشرات‭ ‬الجواسيس‭.. ‬إيلى‭ ‬كوهين‭ (‬26‭ ‬ديسمبر‭ ‬1924‭ ‬–‭ ‬18‭ ‬مايو‭ ‬1965م‭)‬،‭ ‬ذلك‭ ‬الجاسوس‭ ‬الإسرائيلى،‭ ‬الذى‭ ‬عاش‭ ‬لسنوات‭ ‬فى‭ ‬سوريا،‭ ‬تحت‭ ‬اسم‭ ‬كامل‭ ‬أمين‭ ‬ثابت،‭ ‬كان‭ ‬يتخفى‭ ‬تحت‭ ‬مهنة‭ ‬تاجر‭ ‬أثاث،‭ ‬يقوم‭ ‬بتصدير‭ ‬قطع‭ ‬الأثاث‭ ‬النادر‭ ‬والجيد‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا،‭ ‬وبعد‭ ‬إلقاء‭ ‬القبض‭ ‬عليه،‭ ‬تبيَّن‭ ‬أن‭ ‬قطع‭ ‬الأثاث‭ ‬تلك،‭ ‬كانت‭ ‬تحوى‭ ‬فجوات‭ ‬سرية،‭ ‬توضع‭ ‬داخلها‭ ‬أفلام‭ ‬الميكروفيلم،‭ ‬التى‭ ‬كان‭ ‬يلتقطها،‭ ‬عبر‭ ‬آلة‭ ‬تصوير‭ ‬دقيقة،‭ ‬مخبأة‭ ‬فى‭ ‬قداحته،‭ ‬بحيث‭ ‬يتسلّمها‭ ‬وكيله‭ ‬المزعوم‭ ‬فى‭ ‬أوروبا،‭ ‬والذى‭ ‬كان‭ ‬عميلاً‭ ‬إسرائيلياً‭ ‬آخر‭ ‬فى‭ ‬الواقع‭.. ‬ولكن‭ ‬تقنية‭ ‬التصوير‭ ‬وإرسال‭ ‬الصور‭ ‬تطوَّرت،‭ ‬مثلها‭ ‬مثل‭ ‬أية‭ ‬تقنية‭ ‬أخرى،‭ ‬وأصبحت‭ ‬آلات‭ ‬التصوير،‭ ‬المدمجة‭ ‬فى‭ ‬أقلام‭ ‬وولاعات،‭ ‬وحتى‭ ‬المناظير‭ ‬الشمسية‭ ‬العادية،‭ ‬متاحة‭ ‬للبيع،‭ ‬فى‭ ‬متاجر‭ ‬أوروبا‭ ‬وأمريكا،‭ ‬للمواطن‭ ‬العادى‭ ‬والبسيط،‭ ‬أما‭ ‬نقل‭ ‬الصور،‭ ‬فصار‭ ‬يتم‭ ‬عبر‭ ‬تقنية‭ ‬رقمية،‭ ‬تعرف‭ ‬باسم‭ ‬استجنوجراف‭ (‬Stegnography‭)‬،‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬الصور‭ ‬الرقمية‭ ‬فى‭ ‬طبيعتها،‭ ‬هى‭ ‬أصلاً‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأرقام‭ ‬والمعادلات،‭ ‬ويمكن‭ ‬دس‭ ‬مجموعة‭ ‬أخرى‭ ‬داخلها،‭ ‬تحوى‭ ‬صوراً‭ ‬مختلفة،‭ ‬لا‭ ‬تظهر‭ ‬لمن‭ ‬يطالع‭ ‬الصورة‭ ‬الأصلية،‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬لديه‭ ‬الشفرة‭ ‬المناسبة،‭ ‬لاستخراج‭ ‬الصورة،‭ ‬المزروعة‭ ‬داخل‭ ‬صورة‭ ‬أخرى،‭ ‬أو‭ ‬المعلومات‭ ‬المخبأة،‭ ‬داخل‭ ‬صورة‭ ‬رقمية‭ ‬ما‭.. ‬التقنية‭ ‬إذن‭ ‬تتطوَّر،‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬متسارع‭ ‬للغاية،‭ ‬بحيث‭ ‬تصعب‭ ‬ملاحقتها،‭ ‬إلا‭ ‬لمن‭ ‬تهتم‭ ‬مهنتهم،‭ ‬أو‭ ‬يقتصر‭ ‬عملهم‭ ‬على‭ ‬هذا،‭ ‬وبخاصة‭ ‬أنهم،‭ ‬ما‭ ‬أن‭ ‬يمكنهم‭ ‬كشف‭ ‬تقنية‭ ‬ما،‭ ‬وإيجاد‭ ‬المضاد‭ ‬لها،‭ ‬حتى‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬تقنيات‭ ‬أخرى‭ ‬قد‭ ‬ظهرت‭ ‬إلى‭ ‬الوجود،‭ ‬وخرجت‭ ‬إلى‭ ‬النور،‭ ‬وعليهم‭ ‬ملاحقتها‭ ‬أيضاً‭.. ‬السؤال‭ ‬الذى‭ ‬يطرح‭ ‬نفسه،‭ ‬بعد‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬هو‭: ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الأسرار،‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬وجود‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬الجيوش،‭ ‬التى‭ ‬تتطوَّر‭ ‬بسرعة‭ ‬الصاروخ،‭ ‬فى‭ ‬عالم‭ ‬غلبت‭ ‬عليه‭ ‬التقنية‭ ‬الرقمية‭ ‬؟‭!.. ‬الجواب‭ ‬بكل‭ ‬بساطة،‭ ‬هو‭ ‬عدم‭ ‬كشف‭ ‬الأسرار‭ ‬نفسها،‭ ‬وحمايتها‭ ‬بقدر‭ ‬الإمكان،‭ ‬فكل‭ ‬ما‭ ‬ذكرناه‭ ‬هنا‭ ‬هو‭ ‬وسيلة‭ ‬نقل‭ ‬المعلومة،‭ ‬فإن‭ ‬لم‭ ‬يحصل‭ ‬عليها‭ ‬العدو،‭ ‬فلن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬سبيل‭ ‬لنقلها‭.. ‬أما‭ ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬الحفاظ‭ ‬عليها‭ ‬؟‭!.. ‬فهذا‭ ‬سؤال‭ ‬آخر‭..