بقلم : عاطف بشاي
هل مازال الأمل قائماً .. أم أن رعباً أكثر من هذا سوف يجىء؟!
أعتقد أن الأمل مازال ممكناً رغم تلك الردة الحضارية التي يقودها الإرهاب السادي الأسود والتي تسعى إلى تدمير الدولة من خلال إسقاطها سياسياً عن طريق نزع وجهها المدني ليجابه فاشية دينية وروحاً وهوى جاهلياً وطائفياً وصحراوياً .
وبواعث الأمل تكمن في دعوة السيسي إلى إنشاء المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب ومواجهته أمنياً وتشريعياً وفكرياً .. فهو طوق النجاة الوحيد .. وسفينة "نوح" التي تمثل الفرصة الأخيرة ..
فما الذي يدعو إلى التفاؤل إلى هذا الحد وقد كنا نكرر نفس تلك العبارات ونحن نتحدث عن أهمية تصحيح وتجديد الخطاب الديني الذي أخفق في العبور بنا من النفق الضيق.. بل تم وأده قبل أن يولد؟!
أسباب التفاؤل عديدة ومنها أو لنقل على رأسها، أننا لا يمكننا الآن أن نكابر بالإدعاء أن الحل الأمني وحده يكفي .. بل باجتثاث جذور الإرهاب الفكرية .. لا التصدي لحوادثه الإرهابية التي تتفاقم وتتوحش وتتجاوز دوائر محددة وتتسع لتشكل خطراً داهماً على جميع مناحي الحياة .. إن البيئة الحاضنة للإرهاب تفرض على الجهات البحثية في شئون علم الاجتماع وعلم النفس دراسة تلك التربة الخصبة التي تتوافر فيها ظروف الفقر والجهل والمرض التي ساهمت مساهمة فعالة في غسيل المخ الذي يمارسه التكفيريون لمراهقين يتجهون إلى العنف والتدمير والتحول السيكوباتي الذي يعكس كراهية وشراً لمجتمع يراه ظالماً يناصبه العداء ويحرمه من أقل حقوقه .. لكن السماء سوف تنصفه وتضعه في أعلى مراتب الجنة!.
إن مواجهة الإرهاب فكرياً تشمل الثقافة والفنون والإعلام .. والتوجه الوطني .. وقيادة حركة تنوير شاملة يشترك فيها بدور فعال ومؤثر وبلا تحفظات أو مواءمات أو مراجعات أو قيود أو وصايا قديمة.. أو أوراق صفراء .. أو أحكام تحددها ثقافة السلف أو فقه الحلال والحرام.
الكمان وفرشاة الألوان والكاميرا وبقع الضوء والتمثال وعصافير الشعر والإلهام تقهر التطرف وتعانق الحياة وتلفظ الموت الذي يعشقه المفخخون .. الفنون ترتقي بالوعي الجمعي ضد الهمجية والدمامة.. والتهجير .. والمذابح .. الإبداع يخلق حباً لا عنفاً .. سلاماً لا كراهية ..