ارتبط تاريخ الطرب في مصر بتاريخ آخر طريف.. تاريخ عادات المطربين والمطربات الذين واتتهم الشهرة واقبل عليهم الجمهور كان لكل مطرب أو مطربة زي خاص يرتديه علي المسرح ويعزف به بين الجمهور الذي يرتاد مسارح الطرب ولعل أبرز هذه الأزياء هو ما كانت تلجأ إليه كل مطربة جديدة من ابتكار وتنويع في الغطاء الذي تضعه فوق رأسها كانت كل واحدة منهن تعتز بهذا الغطاء كأنما هو تاج يجلل هامتها توجها به جمهور في ولاء..
عندما ظهرت كوكب الشرق أم كلثوم في سماء الغناء كانت تضع علي رأسها العقال العربي وكان هذا الرداء بدعة في القاهرة ولا سيما فوق رأس مطربة تغني علي المسرح بغض النظر عن ريفيتها أو القصائد التي كانت تغنيها.
واشتهرت أم كلثوم بالعقال إلي جانب مما اشتهرت به من صوت نادر واقترن الحديث عن صوت أم كلثوم بالحديث عن عقالها الذي كان بمثابة تاج علي رأس ملكة.
وعندئذ قام بين المطربات علي تعاقب ظهورهن نوع من المبادارة في ابتكار غطاء للرأس يميزهن ويشهرهن.
العلم المصري ونجومه!
وكانت فتحية أحمد عند بداية عهدها بالمسرح تضع علي رأسها «القمطة» التي كانت غطاء تقليديا لرءوس السيدات في ذلك الحين ولكن القمطة لم تكن من أغطية الرأس الملفتة للنظر أو التي تصلح لأن تكون تاجا.
ومن هنا فكرت فتحية أحمد في غطاء آخر للرأس واخترعت قلنسوة خضراء رسمت عليها الهلال والنجوم الثلاثة رمزا للعلم المصري.
وكان زوجها يريد أن يضيف إلي الهلال والنجوم أبا الهول والأهرامات الثلاثة ولكن بعض الاصدقاء اشاروا عليه بالاكتفاء بشكل العلم المصري حتي لا يصبح رأس مطربة القطرين أكبر منها.
تاج فرعون
وجاءت المطربة نجاة علي بعد ذلك وسارت عن النهج فابتدعت غطاء للرأس ذا شكل فرعوني ويشبه تاج ملكات الفراعنة فكانت تظهر علي المسرح وكأنها الملكة نفرتيتي!
ولكن بعض الاصدقاء نصحوها بالاقلاع عن ارتداء هذا التاج الذي لم ينل حظه من إعجاب الناس!
إيشارب أزرق!
وعندما كنت ليلى مراد تغني علي المسرح قبل ظهورها في السينما اختارت لنفسها غطاء للرأس يتماشي مع روح العصر ويناسب صغر سنها.
وكانت تغطي رأسها بإيشارب أرزق اللون ينعقد من الخلف حول شعرها وتطورت موضة التيجان فأصبحت تميل إلي الزينة أكثر منها إلي الرمزية.
وقد كانت المطربة شهر زاد تصعد علي المسرح وقد وضعت في شعرها وردة حمراء كبيرة.
وكانت رجاء عبده تضع فوق قمة رأسها تاجا من الحلي يشبه ما ترتديه العرائس في حفلات الزفاف.
ولا تكاد تظهر مطربة علي المسرح اليوم دون أن تضع وردة في شعرها وقد حدث أن غنت فتحية أحمد في حفلة أقيمت بمسرح معهد الموسيقي العربية منذ سنوات تكريما لأم كلثوم فظهرت علي المسرح وهي تضع فوق رأسها باقة من الورد الأبيض والأحمر!
الكواكب عدد 342- 18 فبراير 1958