د. رانيا أبو الخير
في عالم يموج
بالبيانات والمعلومات والإحصاءات المتعددة والتقديرات المختلفة، تبزر قيمة
البيانات ومكانتها الاقتصادية والأمنية معا.
وإذا كان الحديث عن أهمية البيانات والمعلومات أمنيا
أمر معلوم بالضرورة، فإن أهميتها الاقتصادية لا تزال تحتاج إلى المزيد من الدراسات
والتحليلات رغم الاتفاق على تلك الأهمية ولكن التباين يأتي من الكيفية التي يمكن
من خلالها تحقيق مردودات اقتصادية من هذه البيانات أو ما يعرف بعملية تسييل
البيانات والتي تعنى الاستفادة اقتصاديا من البيانات المتوفرة لما تدره من عوائد
قابلة للقياس، إذ نجد أن توافر كم هائل من البيانات يدفع العديد من الشركات إلى
استثمار هذا المخزون الكبير فيما يدر عليها من عوائد، من خلال استغلالها في نشاطات
قد تختلف كليا عن نشاطاتها المعتادة أو التقليدية، مع الأخذ في الاعتبار أن الأمر
لا يتعلق بجميع أنواع البيانات وإنما يتوقف على مدى توافر مجموعة من الخصائص في
هذه البيانات حتى تكتسب قيمها التجارية وتحقق عوائد ربحية، منها: ما الذي تحتويه
هذه البيانات من معلومات، وما حجم الطلب على هذه البيانات، وطبيعة القطاعات
المرتبطة به، ومدى ندرتها واستخدامها.
وغنى عن البيان
إن استثمار هذه البيانات وتعظيم عوائدها يتوقف على شكل هذا الاستثمار، حيث يمكن أن
نميز بين شكلين: الاستثمار المباشر في البيانات وهو ما يتحقق من خلال قيام الشركات
أو المؤسسات المالكة لهذه البيانات ببيعها أو ترخيصها من خلال اشتراكات دورية.
أما الشكل الثاني من الاستثمار يتعلق بالاستثمار
غير المباشر والذي يرتبط بقيام الشركة أو المؤسسة بتوظيف هذه البيانات في أنشطتها
الرئيسية بما يضمن كفاءتها في الأداء، وما يترتب على ذلك من زيادة عملاءها،
وبالتبعية زيادة حصصها السوقية، وتقليل تكاليفها من خلال التعرف على أفضل السبل
لتسهيل استثماراتها وتعظيمها.
ما نود قوله إن
البيانات ومدى توافرها ونوعيتها تمثل حجرا رئيسيا في اتخاذ القرارات وبناء
الاستراتيجيات ووضع الخطط والاقتراحات ليس فقط على مستوى الشركات والمؤسسات وإنما
على مستوى الدول والمنظمات العالمية والإقليمية، ولعل الذاكرة الوطنية لأية دولة
تمثل ركيزة أساسية في مساعدة صانعي القرار في اتخاذ قراراتهم المناسبة في ظل تعاظم
التحديات وتشابك الأزمات وتعقد الأوضاع.
وفي هذا الخصوص
يجدر بنا الإشارة إلى نقطة في غاية الأهمية ترتبط بطبيعة هذه البيانات وأهميتها،
إذ كثير من الأفراد يتخذون قراراتهم ومواقفهم بناء على بيانات ومعلومات وردت إليهم
من مصادر غير موثوقة بل مضللة، وهو الأمر الذي قد ينسحب على الدول هي الأخرى،
حينما يضعف جهازها المعلوماتي في جمع بيانات صحيحة وأرقام حقيقية عن الواقع
الراهن، وهو ما يحد من قدرة خططها واستراتيجياتها من التعامل بكفاءة مع هذا الواقع
بتحدياته.
نهاية القول إن
البيانات هي نقطة الانطلاق الأولى في حياة الفرد والمؤسسة والدولة، غيابها يبدد
الجهد، وتشويشها يربك الموقف، وخطأها يجلب الأخطار، وصحتها تحقق الأمن والاستقرار.