«مظلات هونج كونج».. من كتاب «أحجار على رقعة الأوراسيا»
تنشر بوابة «الهلال اليوم» جزءًا من الفصل الخامس من كتاب «أحجار على رقعة الأوراسيا»، للكاتب عمرو عمار، والصادر عن دار «سما» للنشر والتوزيع، وجاء فيه:
مظلات هونج كونج
جزيرة (هونج كونج).. هذه المستعمرة البريطانية في أعقاب حرب الأفيون الأولى، كما أوردنا في الجزء الأول من المؤلف، عادت إلى البيئة الصينية عام 1997، كمنطقة إدارة خاصة بنظام (دولة واحدة ونظامين).. ومن بعدها عادت جزيرة ماكاو (30 كم2) على ساحل الصين الجنوبي أيضًا كمنطقة إدارةٍ خاصة، بعد أن كانت مستعمرة برتغالية حتى 20 ديسمبر 1999.
ولم يتبقَ على اكتمال المثلث الاقتصادي الذهبي للصين، سوى الضلع الأخير، بعودة جزيرة تايوان إليها، وهو ما تقف واشنطن بشدةٍ ضده، وتقوم بدعم حكومة الكومينتاج الموالية لها تاريخيًّا.
وتبلغ مساحة هونغ كونغ (1.1كم2) وعدد سكانها يتجاوز (7 مليون نسمة) واحدة من المراكز الاقتصادية الرائدة في العالم، تمتاز باقتصادٍ رأسمالي مزدهر، وتعتبر عملة المدينة (دولار هونج كونج) هي العملة الثامنة الأكثر تداولًا في العالم، وتتميز الجزيرة بمراتب دولية متقدمة في مجالاتٍ عديدةٍ مثل: الحرية الاقتصادية، وجودة الحياة، ومكافحة الفساد، والتنمية البشرية وغيرها.
والجزيرة التي تقع على ساحل الصين الجنوبي كمنطقةٍ إدارية تابعة للصين تتمتع بالحكم الذاتي، ينص دستورها على الاستقلالية في جميع جوانب الدولة عن الصين، فيما عدا العلاقات الدبلوماسية الدولية، والبنية العسكرية، وتعد هي الميناء التجاري الأهم للصين، ولهذا كانت هدفًا لوكالة الاستخبارات المركزية، وهيئة نيد، ومعهد ألبرت آينشتاين.
وفي 26 سبتمبر 2014، وبعد أيامٍ قليلة من مناشدة الرئيس الصيني (شي جين بينغ) عودة تايوان إلى البيئة الصينية، على غرار هونج كونج بنظام (دولة ونظامين ).. اندلعت ثورة ملونة على الجزيرة، أطلقت عليها واشنطن (ثورة المظلات) حينما تظاهر دعاة الديمقراطية خارج مقر الحكومة، واحتلوا عدة تقاطعات في المدينة الرئيسية، اعتراضًا على الإصلاح المقترح من الحكومة المركزية بشأن النظام الانتخابي.
وبغض النظر عن الحالة الاقتصادية المزدهرة لشعب الجزيرة، وحالة الرفاهية التي يعيشها هؤلاء المواطنون، إلا أن الاعتراض السياسي على النظام، والتعبير عنه بالطرق السلمية، يُعد حقًّا أصيلًا لمواطني الجزيرة.
ولكن حينما يرتبط هؤلاء الطلاب، من الحركة الطلابية الذين أشعلوا الثورة، بهيئة (نيد)!! وحينما يكشف النقاب أن (بيني تاي) زعيم الحركة الطلابية التي قادت الثورة، كان حاضرًا في العديد من المنتديات الدولية، تحت رعاية هيئة (نيد) والمعهد الديمقراطي الوطني التابع له، وحينما تقوم هيئة (نيد) بتنظيم رحلةٍ لمؤسس الحزب الديمقراطي الصيني (مارتن لي) إلى البيت الأبيض ليحظى بمقابلة نائب الرئيس الأمريكي (جون بايدن) قبل خمس شهور على اندلاع ثورة المظلات(4)!.
وهذا يعني أن الجزيرة السعيدة ليست أمام مطالب وطنية، ترفعها حركة طلابية تدعي الوطنية، وتعلن العصيان المدني، حتى يتم تنحي (ليونج تشون بينج) الرئيس التنفيذي للمدينة، والمؤيد للصين؛ بل هم غلمان الدولارات البرتقالية، التي تنفذ أهداف أمريكية خالصة ضد مصالح الجزيرة، واستقرارها السياسي، ومن ثم زعزعة استقرار الصين الأم.
ولأن هؤلاء الغلمان هم جنود الولايات المتحدة، فبعد ثلاث سنوات على فشل ثورة المظلات، نشرت شبكة (سي إن إن) الإخبارية الأمريكية، تحقيقًا مطولًا في الأول من أكتوبر 2017، بمناسبة تجدد التظاهرات المطالبة بالإفراج عن السجناء السياسيين، متباكية على قادة الحركة الطلابية، الذين واجهوا أحكامًا قضائية بعد إخماد ثورة المظلات، وطالبت بالإفراج عن (بيني تاي) ورفاقه المسجونين.