التنوع الحزبي وعدم الاحتكار.. حكاية «برلمان 2020»
تختلف الحياة السياسية والحزبية والنيابية بغرفتيها التشريعيتن " النواب " و"الشيوخ"، عن الحياة السياسية والنيابية في مصر، قبل 30 يونيو ووصول الرئيس عبد الفتاح السيسي، وما تلا ذلك من مراحل خارطة الطريق لبناء مصر الحديثة بشكل ديمقراطي، يراعي العدالة الاجتماعية والتمثيل الحزبي والسياسي العادل داخل المجالس النيابية في مصر الجديدة.
فقبل ثورة 30 يونيو، سيطر رجال الحزب الوطني المنحل وأعضاء جماعة الإخوان الارهابية على أغلب مقاعد مجلس النواب والشوري خلال السنوات الماضية، ولم يكن للمرأة والشباب وذوي الإعاقة نصيب من التمثيل العادل داخل الغرفتين التشريعيتن، كما لم يكن للأحزاب أي شكل من أشكال العدالة أو نسبة مقبولة للمجلسين أيضا.
وحتى حل الحزب الوطنى رسميا غداة حكم قضائي صادر عن المحكمة الإدارية العليا في 16 إبريل 2011، ففي عام 2000، تحصل الحزب على 388 مقعدا في مجلس الشعب باحتساب المستقلين الذين انضموا إلى كتلته بعد الانتخابات. في انتخابات سنة 2005، انخفضت كتلته إلى 311 مقعداً. وفي عام 2010 استطاع ان يفوز بأغلبية ساحقة تقارب 97% من مقاعد مجلس الشعب المصري وسط انتقادات واتهامات عديدة بالتزوير.
انتخابات مجلس النواب المصري 2020 (الغرفة الأولى للبرلمان) هي أول انتخابات لمجلس النواب في مصر بعد تعديل الدستور المصري عام 2019 الذي أقرّ استحداث غرفة تشريع ثانية للبرلمان هي مجلس الشيوخ، وأُقيمت على مرحلتين في الفترة من أكتوبر وحتى ديسمبر 2020 لانتخاب أعضاء مجلس النواب الذي يُشكَّل من 568 عضواً يُنتخَبون بالاقتراع العام السري المُباشر، وخُصِّص للمرأة ما لا يقل عن 25% من إجمالي المقاعد، و لرئيس الجمهورية حق تعيين عدد من الأعضاء بالمجلس بنسبة لا تزيد على 5%َ. يُذكر أنه ينتهي الفصل التشريعي (2016-2021) لمجلس النواب 2015 في 9 يناير 2021.
تقدَّم للترشح 568 مرشحاً أساسياً (دون احتساب المرشحين الاحتياطيين) في 4 قوائم بنظام القائمة المُغلقة المُطلقة (القائمة الوطنية من أجل مصر، قائمة تحالف المستقلين، قائمة نداء مصر، قائمة أبناء مصر).
وجاء إتمام الغرفتين التشريعيتن " النواب " و" الشيوخ" لإعادة بناء الدولة المصرية على أسس جديدة قوية، بعد ثورتين أفرزتا تطلعات الشعب المصري المشروعة نحو مزيد من التنمية والرخاء والتمكين لكافة الفئات بدون تمييز أو تحييد، وبدون تحقيق التمكين الحقيقي والفعًال للمرأة لن يكتمل أي مشروع تنموي ولن تتحقق أهدافه.
وبالنظر لتركيبة مجلس النواب بعد انتهاء الانتخابات، تتضح الصورة العامة لشكل المجلس، والتي تعكس التنوع والتعددية الحزبية، وتمثيل كل فئات وطوائف المجتمع، مرأة وشباب وعمال وفلاحين وذوي احتياجات خاصة ومسيحيين ومصريين بالخارج، بالإضافة إلى أن المجلس الجديد يضم شخصيات عامة وممثلين وخبرات في كل التخصصات من شخصيات علمية وقانونية واقتصادية وإعلامية مثقفين ورياضيين، كما يضم كافة المهن من أطباء وأستاتذة جامعات ومحاميين ومهندسين وصحفيين وغيرهم، وهو سيساهم في إثراء الحياة النيابية والحزبية.
كما يضفي تشكيل مجلس النواب الجديد قوة للحياة الحزبية السياسية في مصر، حيث يمثل في المجلس المقبل عدد 13 حزبا سياسيا، بالإضافة إلي تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، من بينهم 12 حزبا تم تمثيلهم من خلال القائمة الوطنية من أجل مصر، وبعضهم فاز بمقاعد فردية أيضاً، وحزب واحد فاز بمقاعده من خلال النظام الفردي.
وشهدت انتخابات مجلس النواب 2020، فوز عدد من المرشحين المحسوبين على المعارضة، ما يعكس تمثيل كل التيارات تحت قبة البرلمان، هذا بالإضافة إلي تمثيل المستقلين، كما أنه لا يوجد حزب مستحوذ علي الأغلبية المطلقة في المجلس، فحزب مستقبل وطن يستحوذ علي الأكثرية البرلمانية لكنها أغلبية تتجاوز نصف عدد الأعضاء بأعداد قليلة، وبالتالي ذلك يعكس تمثيل مهم لباقي الأحزاب والمستقلين تحت القبة، وما سيؤدي بدوره لتقوية الحياة الحزبية في مصر، ويكون بداية لوجود أحزاب قوية.
وعبرت القائمة الوطنية من أجل مصر والتي فازت بمقاعد دوائر القوائم الأربعة، عن التوافق الوطنى بين الأحزاب السياسية المختلفة، حيث ضمت 12 حزبا سياسيا على اختلاف أيديولوجياتهم وأفكارهم، وهي "مستقبل وطن، الوفد، حماة الوطن، مصر الحديثة، المصرى الديمقراطى، الشعب الجمهورى، والإصلاح والتنمية، التجمع، إرادة جيل، الحرية المصرى، العدل، المؤتمر، بالإضافة لتنسيقية شباب الأحزاب".
وضمت القائمة الوطنية من أجل مصر عدد كبير من الشباب، منهم 26 شاب من تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، فضلا عن التمثيل القوى للمرأة، إعمالا لحكم الدستور والقانون بتمثيل المرأة فى مجلس النواب بنسبة 25 % من إجمالى عدد المقاعد، وأيضا تمثيل الفئات المميزة إيجابيا من العمال والفلاحين والاقباط والمصريين في الخارج والأشخاص ذوي الإعاقة وفقا للدستور والقانون.
تمثيل الأحزاب الفائزة في نظام القائمة المُغلقة
فاز حزب مستقبل وطن بأغلبية المقاعد المُخصصة لنظام القائمة المُغلقة في المرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب المصري (الغرفة الأولى للبرلمان) وعددها 73 مقعداً، وحصد حزب الشعب الجمهوري 15 مقعداً، بينما فاز حزب الوفد بـ 11 مقعداً، كما حصد المستقلون 11 مقعداً، وحزب حُماة الوطن حقق فوزاً بـ 10 مقاعد، ثم حصص أقل لصالح باقي الأحزاب السياسية المنضوية أسفل "القائمة الوطنية من أجل مصر" وهي: حزب الإصلاح والتنمية 5 مقاعد، حزب المؤتمر 4 مقاعد، الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي 4 مقاعد، حزب مصر الحديثة 4 مقاعد، حزب الحرية المصري 3 مقاعد، حزب التجمُّع 1 مقعد وحزب العدل مقعد واحد
تمثيل الأحزاب الفائزة في النظام الفردي
فاز حزب مستقبل وطن بأغلبية المقاعد المخصصة للنظام الفردي في المرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب المصري (الغرفة الأولى للبرلمان) وعددها 25 مقعداً، وحصد المستقلون 3 مقاعد، وحزب الشعب الجمهوري حقق فوزاً بـ 4 مقاعد؛ وجميعهم حصلوا على الأغلبية المُطلقة للأصوات الصحيحة (التي أُعطيت في الانتخاب بالدائرة الانتخابية) والتي يُمكن التعبير عنها حسابيًا بالمعادلة (50% + 1)
كما يضم تشكيل مجلس النواب الجديد شخصيات وأسماء بارزة فى العمل السياسى والحزبى، وشخصيات لها تاريخ نيابى، وهو ما يسهم فى إثراء الحياة النيابية، كما ضمت القائمة العديد من الوجوه الجديدة من مختلف الفئات والتخصصات، جاء تمثيلهم من خلال القائمة الوطنية من أجل مصر، وآخرين من خلال المقاعد الفردية.
والقائمة ضمت بعض الأحزاب المعارضة، مثل التجمع والمصري الديمقراطي، والإصلاح والتنمية وإرادة جيل ومصر الحديثة والحرية، وبذلك يضم المجلس جميع أطياف الوطن، وأحزاب تمثل مختلف الأيديولوجيات السياسية، وهو ما يُعد خطوة كبيرة على طريق إثراء الحياة السياسية والحزبية والنيابية، وينعكس ذلك على شكل البرلمان من حيث الأداء والتركيبة، إذ أنه مجلس متنوع الرؤى، ويشهد نسبة أعلى من المعارضة الوطنية، وسيجد المواطنون بمختلف توجهاتهم وفئاتهم من يعبر عن آرائهم المختلفة، بالإضافة إلى جانب إثراء الحياة التشريعية بتشريعات مختلفة وفقًا للأجندة التشريعية لكل حزب داخل القائمة.
تمثيل المرأة بالبرلمان الجديد:
على مستوى نظام الانتخاب بالقائمة المُغلقة المُطلقة؛ فازت 71 سيدة تم انتخابهن ضمن "القائمة الوطنية من أجل مصر" من إجمالي 142 عضو مجلس نواب مُنتخَبين بنظام القائمة المُطلقة في المرحلة الثانية بنسبة مئوية قدرها (50%).
وتعد المرأة المصرية صاحبة أقدم تجربة برلمانية في المنطقة العربية. حيث بدأت الحياة البرلمانية عام 1957 حينما قرر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر حق الانتخاب والترشيح للمرأة المصرية بموجب دستور 1956.
وجديرًا بالملاحظة أن الانتخابات البرلمانية الأولى بعد ثورة 30 يونيو، شهدت زيادة ملحوظة في نسبة النساء اللاتي رغبن في خوض المعركة الانتخابية حيث قدرت نسبتهن بحوالي 17.19%، وخاضت المعركة الانتخابية 949 مرشحة من أصل 5518، ويمكن تفسير زيادة عدد المرشحات إلى اهتمام العديد من النساء بخوض العملية الانتخابية إضافًة إلى أن الدستور كفل للمرأة إلى حدٍ كبير حق تمثيلها بنسبة 15% مما ساعد في أن يصبح برلمان 2015 هو أكبر البرلمانات في تاريخ الحياة البرلمانية المصرية، فقد بلغ عدد النائبات في مجلس النواب 2015 حوالي 90 نائبة منهن 76 منتخبة بالإضافة إلى 14 سيدة معينة، بنسبة 15% من جملة الأعضاء، فقد نافست المرأة في انتخابات حرة نزيهة فحازت ثقة الناخبين، كما أن نسبة الناخبات من السيدات والفتيات وصلت إلى 55% وفقًا للهيئة العامة للاستعلامات.
كان قد صدر القانون رقم 140 لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية الصادر بالقانون رقم 45 لسنة 2014، وقانون مجلس النواب الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 2014، والقانون رقم 198 لسنة 2017 في شأن الهيئة الوطنية للانتخابات.
ويتضمن مشروع قانون مجلس النواب : - عدد الأعضاء بالانتخاب 568 عضوا يخصص للمرأة 25% منهم أي 142 مقعدًا.
- خصص 4 دوائر للانتخاب بنظام القوائم لدائرتين 42 مقعدا لكل منها على أن يخصص للمرأة 21 مقعدًا على الأقل، ودائرتين آخرتين 100 مقعد لكل منهما يخصص للمرأة 50 مقعدًا على الأقل.