رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


السخرية السياسية على السوشيال ميديا (5-5)

17-12-2020 | 13:40


د.شريف درويش اللبان

وجدت الباحثة علا ممدوح عيسى أن (73.3%) من أفراد العينة يفضلون "السخرية التي تقدم النقد المباشر الواضح والصريح بعيدًا عن استخدام الرموز" على السوشيال ميديا، و(18.8%) يفضلون السخرية "التي تعتمد على الرموز الضمنية لإيصال المعنى"، و(7.9%) يفضلون السخرية "التي تعتمد على الأسلوب الدرامي في عرض القصة".

يتضح من ذلك أن النسبة الأكبر من عينة الدراسة، والتي يبلغ قِوامُها 400 مفردة، ترى أن المباشرة والتطرق الصريح للموضوع هو الأفضل، وهذا يتفق مع إيقاع الحياة السريع، الذي لا يتوافر فيه وقت للتكهنات أو البحث فيما وراء المعنى الظاهر والصريح.. وهذا يتماشى مع الرغبة في عدم بذل مجهود حتى لو كان مجهودًا ذهنيًا، ويتوافق هذا مع ما جاء من تحليل المنشورات في الدراسة التحليلية من الاعتماد على الطريقة المباشرة في السخرية، فعلى ما يبدو أنها الخيار الأمثل لكل من مسئولي الصفحات والجمهور.

ووجدت الباحثة أن (89%) من أفراد العينة يفضلون الصور المأخوذة من المسلسلات الدرامية والأفلام والمسرحيات كشكل من أشكال السخرية، في حين أن (11%) فقط من أفراد العينة يفضلون الرسوم الكاريكاتورية، ويتضح هنا تفضيل العينة لاستخدام الصور المأخوذة من الأفلام لأنها الأقرب للواقع ويتجسد الموضوع أمام الجمهور، ويكاد يسمع الحوار الأصلي بنفس لهجة الممثلين وطريقة تحاورهم وتهكمهم وسخريتهم، مما يختصر جزءًا كبيرًا من الجهد المطلوب لاستيعاب المنشور الساخر، ويساعد ذلك في تقريب الفكرة الساخرة للجمهور الذي شاهد هذه الأفلام مرارًا وتكرارًا، ويتفق هذا مع ما سبق وذكرناه من تفضيل العينة للسخرية التي تقدم النقد المباشر الواضح والصريح بعيدًا عن استخدام الرموز.

وعن أسباب تفضيل الصور المأخوذة من المسلسلات والأفلام، اتضح أن حوالي (41%) من أفراد العينة الذين يفضلون الصور المأخوذة من المسلسلات والأفلام بسبب أنها تستخدم الوجوه الحقيقية للشخصيات التي يتم نقدها، بينما (40%) يفضلون ذلك بسبب أن النص المرافق بسيط ومكتوب باللغة العامية، في الوقت الذي يرى (14.3%) منهم أن الصور المأخوذة من المسلسلات والأفلام هو أكثر الأشكال واقعية، في حين يفضلها (5%) من العينة لأنها نتاج مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي.

وفيما يتعلق بمساهمة فيس بوك (الصفحات الساخرة) في تشكيل الصورة الذهنية، حظيت عبارة "تسهم الصفحات الساخرة بإيصال المحتوى في طريقة سريعة وسهلة حول الشخصيات السياسية" بأكبر نسبة موافقة من قبل المبحوثين، حيث بلغت نسبة الموافقة على هذه العبارة (63.1%)، يليها كل من العبارتين "أتعرف على مواقف الأفراد من الشخصيات السياسية عبر الصفحات الساخرة" و"الهدف من الصفحات الساخرة توضيح العيوب من أجل الإصلاح"، وهو ما يتفق مع ما توصلت إليه دراسة (أسامة محمد عبد الرحمن، 2014) إذ تحول موقع "فيس بوك" إلى مصدر المعلومات الأول عن قضايا الفساد.

أما الأقل في الموافقة فهي "تسهم الصفحات الساخرة في تكوين صورة إيجابية عن الشخصيات السياسية"، وبلغت عدم الموافقة عليها (79.1%)، وهو ما يتفق مع ما توصل إليه (وليد فرغلي مهدي، 2018) من أن الصورة الذهنية للناشط السياسي اتسمت لدى عينة دراسته بالسلبية.

وقد جاء متوسط الصورة الذهنية للعينة أقرب إلى الموافقة على أن "فيس بوك" يساعدهم على تكوين صورة ذهنية عن الشخصيات السياسية؛ حيث أن (62.8%) من العينة كانوا "موافقين إلى حد ما" على أن "فيس بوك" يساعدهم على تكوين صورة ذهنية عن الشخصيات السياسية، بينما (33%) من العينة كانوا "موافقين" على أن "فيس بوك" يساعدهم على تكوين صورة ذهنية عن الشخصيات السياسية، وفقط (4%) من العينة كانوا "غير موافقين" على أن "فيس بوك" يساعدهم على تكوين صورة ذهنية عن الشخصيات السياسية.

من هنا يمكن القول إن عينة الدراسة ترى بشكل كبير أنه يوجد دور لفيس بوك في تكوين الصورة الذهنية وإن اختلفت درجة هذا الدور ما بين الموافقة التامة، والموافقة إلى حد ما، ونسبة قليلة هي التي لا توافق على هذا الدور، ويمكن تفسير ذلك بناء على ما توصل له (وليد فرغلي مهدي، 2018) من أن تشكيل الصورة الذهنية لا يمكن أن يقتصر على وسائل الإعلام، وإنما قد تتدخل عوامل وسيطة أخرى كالخبرة الشخصية وتغير المناخ السياسي العام، ومستوى الوعي السياسي.

كما أكدت (نشوة سليمان عقل، 2010) طبيعة العلاقة التكاملية بين وسائل الإعلام التقليدية والجديدة منها، إذ يدعم كلاهما الآخر، وأن من أسباب اعتماد الشباب على كلتا الوسيلتين تحقيق جملة من دوافع الاتصال التي من أهمها مراقبة البيئة، وتكوين الآراء والمشاركة بها

وبالنسبة للصفات التي تقدمها الصفحات الساخرة عن الشخصيات الفاعلة سياسيًا، حصلت الصفات الإيجابية على النسب الأقل من ناحية الموافقة عليها، أما الصفات السلبية فحصلت على النسب الأعلى في الموافقة، فجاءت في المرتبة الأولى صفة (غير مؤهلين)، حيث جاءت نسبة الموافقة على هذه الصفة (78.1%)، يليها في المرتبة الثانية صفة (اتخاذ قرارات غير حكيمة) (76.3%)، ثم في المرتبة الثالثة صفة (له دور في الأزمات التي تمر بها البلاد) بنسبة بلغت (73.2%).. وهو نفس ما جاء في دراسة (وليد فرغلي مهدي، 2018) وفيها تمثلت أبرز ملامح الصورة الذهنية للناشط السياسي في أنهم يتسمون بضعف الخبرة والتأهيل السياسي والاندفاع وانعدام الرؤية السياسية.

وهذا يتماشى مع النسب التي حصلت عليها الصفات الإيجابية من عدم الموافقة، وبالتالي تصب في مصلحة الصفات السلبية، حيث إن النسب الأعلى في عدم الموافقة جاءت للصفات الإيجابية، ففي المرتبة الأولى جاءت صفة (صبور) بنسبة عدم موافقة بلغت (62.5%)، يليها في المرتبة الثانية من حيث عدم الموافقة صفة (متدين) بنسبة بلغت (62.4%)، ويليها في عدم الموافقة كل من الصفات (أمين – جدي - عقلاني – متواضع – ذو أخلاق حميدة – طيب – خفيف الدم).

في حين تراوحت الآراء غير الموافقة على الصفات الإيجابية بين 62.5% و57.6% وهي نسبة كبيرة تدل على اتجاه الجمهور نحو الفاعلين سياسيًا، بينما كانت الموافقة على الصفات الإيجابية جاءت بنسب تراوحت بين 18.4% و1.5% وهي النسب الأقل.

من هنا، توصلت الدراسة إلى أن متوسط الصورة الذهنية السلبية أكبر من الإيجابية أي أن المبحوثين وافقوا أكثر على الصفات التي تعبر عن الصورة الذهنية السلبية، ويمكن تفسير أن (62.8%) من أفراد العينة كانوا "موافقين إلى حد ما" أن ذلك يتفق مع ما ورد في الدراسات الأجنبية من كون "فيس بوك" يسهم في تشكيل الرأي العام، لكن تأثيره ليس كبيرًا ومباشرًا، إلا أنه يعزز وجهات النظر السياسية بمرور الوقت.

وقد أوضحت دراسة (ماجدة مراد، 2012) أن لمواقع التواصل الاجتماعي بما فيها فيس بوك القدرة على إثراء الجانب المعرفي السياسي للشباب، إذ توصلت إلى وجود علاقة ارتباط إيجابية بين معدل استخدام مواقع التواصل الاجتماعي بوجه عام، ومستوى كل من المعرفة والوعي والمشاركة السياسية، وهو أيضًا ما أكده الباحث (محمود حمدي عبد القوي، 2009) في دراسته عن دور هذه المواقع في تفعيل المشاركة السياسية، وإن كانت مواقع التواصل الاجتماعي لا تعمل منفردة في تشكيل الصورة الذهنية، فهناك تأثير الجماعات المرجعية والخبرات الشخصية ووسائل الإعلام الأخرى.

 

د. شريف درويش اللبان