بول كلي.. علامة بارزة في الفن التشكيلي الألماني
تحل اليوم الجمعة 18 ديسمبر ذكرى ميلاد الفنان والرسام الألماني بول كلي المولود في مثل هذا اليوم من عام 1879 في قرية مونشن، من أم سويسرية تدعي إيدا فريك، وأب ألماني اسمه هانز كلي، وكانت له أخت واحدة أكبر منه بثلاث سنوات.
كان والداه يأملان أن ينخرط في حقل العمل الفني الموسيقي، لكن كان يخطط لشيء أخر، حيث غادر بيت الأسرة إلى مدرسة خاصة في ميونخ بألمانيا لدراسة الرسم، وذلك بعد شهرين فقط من رحيل أمه من البيت بقي "كلي" 4 سنوات كاملة بعيدًا عن بيت الأسرة غيرت هذه الفترة الكثير في مسار حياته؛ فقد أنهي دراسة الفن وتعرف على زوجته المستقبلية، وسافر للمرة الأولى إلى إيطاليا ثم كانت العودة إلى مونشن في عام 1902، وكان يعيش من خلال إكتسابه من كتابة النقد المسرحي والعزف في الحفلات الموسيقية ورغم ذلك بقي الرسم ملازمًا معه طوال أوقات فراغه.
لكن لم تدم هذه الفترة طويلًا فقد كانت الفترة ما بين عامي 1903، 1905 مرحلة تحول كبيرة في حيات بول؛ حيث قام ببعض التجارب في الطباعة بالحفر على النحاس، وترك من تلك المرحلة 11 عملا ويبدو أن تلك الإنجازات قد شجعته على مغادرة سويسرا مرة أخرى، ففي عام 1906 تزوج بعازفة البيانو الألمانية ليلي شتومبف وأقام معها في ميونخ، ثم بعد عام أتي فيليكس إبنه الوحيد الذي قام برعايته بين ميونخ ومونشن؛ بينما كانت الأم منهمكة في حفلات العزف الموسيقي لتأمين حياة الأسرة، وعلى الرغم من أنه ألماني كانت سويسرا تعتبره رسام سويسرا حيث أنه قدم للفن التشكيلي أسلوبًا معاصرًا في الرسم، ولكنه كان يرفض الموسيقى الحديثة ويتمسك بالكلاسيكية القديمة.
ابتكر "بول" تقنية جديدة تعتمد على النقش بإبرة مدببة على لوح زجاجي مطلي بالسناج، وأنتج بهذا الأسلوب 60 عملا وكانت جديدة في ذلك العصر وملفتة للنظر؛ بدأ بتطوير بعض التقنيات التجريبية في بدايات 1900، بما في ذلك الحفر والرسم بواسطة إبرة على قطعة سوداء من الزجاج.
كان يعمل على سلسلة من النقوش تسمى "الإختراعات" التي صور من خلالها العديد من الشخصيات البشعة خلال هذا الوقت كان يعزف أيضًا الكمان في الأوركسترا، ويكتب نشرات وتعليقات الحفلات، وإلتقي بألفريد كوبين في عام 1911 وشجعه كوبين لتصوير تحفة فولتير، وكان كوبين داعمًا جدًا للفنان الشاب، ويحترم ميله نحو العبث والسخرية ومن خلال كوبين إلتقي بالعديد من الفنانين ونقاد الفن، وبحلول الشتاء إلتحق بفريق التحرير لمجلة فرانز مارك الذي شارك في تأسيسها واسيلي كاندينسكي، وفي هذه الفترة بدأ كلي بالتجريبية لأول مرة بالألوان في المناظر الطبيعية، ووصلت أعماله إلى مستوى جديد من النضج والعمق خلال الحرب العالمية الأولى وقد قتل العديد من أصدقائه بما في ذلك أوغست ماك، وفرانز مارك، وقد أثر ذلك بشدة على بول؛ حيث صنع العديد من المطبوعات الحجرية بالقلم والحبر تعبيرًا عن أسفه لخسارة أصدقائه، وانضم إلى الجيش الألماني في عام 1916، وكان يعمل كاتب وواصل عمله كفنان خلال الحرب بأكملها وتمكن أيضًا من عرض أعماله في العديد من المعارض، وأصبح مشهورًا جدا في عام 1917، وكان يشار إليه كأفضل الفنانين الألمان الجدد؛ بعد ذلك بدأ كلي مهنة التدريس في أكاديمية دوسلدورف في عام 1931، ومع ذلك تم طرده من العمل تحت حكم النازية لذا إنتقل مع عائلته إلى سويسرا وكان في ذروة حياته المهنية في هذا الوقت، وسرعان ما بدأ يعاني من سوء الصحة وإنخفاض إنتاجه بشكل كبير على الرغم من أنه واصل الرسم حتى سنواته الأخيرة.
عاني بول في سنواته الأخيرة من مرض الهزال، ومرض تصلب الجلد، وكان يتألم باستمرار وإنعكس هذا الألم الذي لا يطاق في واحدة من لوحاته الأخيرة بعنوان: "الموت والنار"؛ الذي يصور الجمجمة البشرية بجانب الكلمة الألمانية للموت، وتوفي في 29 يونيو عام 1940 في مورالتو بسويسرا.