تخلو
مدينة بيت لحم هذا العام، مع اقتراب عيد الميلاد، من السياح والزوار ويخيم اليأس على أصحاب متاجر الهدايا
والتحف، بينما يستعد رجال الدين لإحياء قداديس بدون مصلّين تضفي شيئاً من السكينة
في ظلّ الظروف الصعبة التي تمرّ بها المدينة.
ويختلف مشهد العيد هذا العام عمّا كان عليه في العام
الماضي حين كانت مواكب من الحافلات تقلّ عشرات الآلاف منالسياح إلى هذه المدينة
الفلسطينية الصغيرة التي تبعد نحو عشرة كيلومترات عن القدس.
وتأوي بيت لحم كنيسة المهد حيث المغارة المحفورة
بالصخر، التي يعتقد المسيحيون أنها مكان مولد المسيح منذ أكثر من ألفي عام، والتي
غالباً ما تعج بأعداد كبيرة من المصلين في مثل هذا الوقت من العام.
لكن القيود المفروضة لاحتواء وباء كوفيد-19، تحرم
المدينة من زوارها المعتادين كما في السنوات السابقة.
ويقول كاهن رعية بيت لحم الأب رامي عساكره "في
بعض الأحيان، كان يأتي أكثر من نصف مليون شخص في كل عام لزيارة كنيسة المهد خلال
الأعياد، لكن في هذا العام وبسبب كورونا هناك قيود صحية كثيرة، والعدد محدود".
لكنه يردف أن "حب الله يملأ هذا المكان، هذا
المكان المقدس، ليقول لنا لا تخافوا أنا معكم ، كل هذا سيمضي وسأبقى (...) والحمد
لله أن عيد الميلاد لا يزال موجودا و يعطي معنى لكل شيء. إنه يجلب الأمل والسلام
ويشجع العطاء".
وفيما اخترقت أشعة الشمس نوافذ الكنيسة الملونة شبه
الخالية، كان يمكن سماع صدى صوت أربعة رهبان يتلون الصلاة بالأرمنية قرب المغارة
بوضوح تام، بينما غمرت رائحة البخور المكان.
وهذا العام، سيقتصر قداس ليلة الميلاد في 24 ديسمبر على رجال الدين والكهنة، فيما سيفتقد السكان للسهرات الكبيرة
التقليدية لمثل هذه الليلة.
في الأيام الأخيرة قبل العيد، أعاد السكان فتح كنيسة
القديسة كاترين المحاذية لكاتدرائية المهد، وحضروا إليها بأبهى حللهم، مثل نقولا
الزغبي أحد سكان المدينة.
ويوضح الرجل "في الواقع عيد الميلاد هو عيد
الفرح والسلام لجميع الشعوب ولكن هذه السنة جائحة كورونا هي المسيطرة، وسط حزن
وألم بسبب الفقر الذي أصلب الناس العاطلين عن العمل والخوف من الوباء".
وأضاف "الكآبة تسيطر أكثر من الفرح".
أثّرت الجائحة بدرجة كبيرة على الاقتصاد المحلي
خصوصاً بسبب غياب السياح.
ومن متجره في بيت لحم، يتساءل بدوره جورج بعبول وهو
تاجر من المدينة "من أجل ماذا سوف يأتي السائح؟"، مضيفاً أنه طالما
فيروس كورونا منتشر، "لا يوجد سياحة".
وقال"في الإغلاق، منذ تسعة أشهر، لم نبع شيئاً،
طوال هذه المدة لم تفق قيمة المبيعات 170 شيكلاً (حوالى 52 دولاراً)".
وتابع "لا يوجد سياح، ولا يوجد عيد، الناس
حزانى، وغير قادرين على الخروج خوفا من كورونا".
ويعمل بعبول في هذه المهنة منذ 60 عاماً، كما يروي،
وهذه المرة الأولى التي يرى فيها مثل هذا الجفاف في عدد السياح وقلّة العمل،
"حتى أثناء الانتفاضات الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة".
وزيادةً على غياب السياح الأجانب، لن يتمكن التجار
في بيت لحم هذا العام من الاعتماد على بضع مئات من المسيحيين من قطاع غزة
الفلسطيني الخاضع لحصار إسرائيلي، يعبرون كل عام لإحياء عيد الميلاد في بيت لحم،
فمنع الوباء هؤلاء أيضاً من المجيء.
وقال الأب يوسف أسعد من دير اللاتين في غزة "لم
نحصل على تصريح هذا العام (للعبور) بسبب وباء كورونا".
وكما المساجد في القطاع الذي تسيطر عليه حركة حماس،
فإن كنيسة اللاتين أيضاً مغلقة أمام المصلين، وسيستعاض عن ذلك ببث القداس على
الإنترنت.
لم يتمكن عيسى أبو جورج البالغ من العمر 43 عاماً،
من شراء الزينة وشجرة الميلاد وحلوى العيد هذا العام، لكنه سوف يحيي الصلاة عبر
الانترنت. ويقول "سأصلي أنا وعائلتي إلى الله من أجل إنهاء الوباء وليعم
السلام في الأرض المقدسة وفي العالم".