رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


أطفئ سيجارتك الأخيرة واغتنم "كورونا" !

22-12-2020 | 13:25


أحمد محمد توفيق

 وباء كورونا اللعين يُغير وجه الكرة الأرضية، ويُعيد رسم شكل جديد لكافة أوجه الحياة، والاقتصاد، والسياسة، والرياضة، والفن، كما يفرضُ قيود على الحركة عبر حدود الدول التي كادت تتلاشى بفعل تطبيقات "العولمة"، فإذا كانت الحُكومات تُغير قناعاتها وتُعدل سياساتها ومُوازانتها، وأولويات برامجها التنموية، فهل يقفُ الإنسان عاجزاً عن تغيير سلوكه وعاداته ؟ 

 

العادة الأسوء التي عرفها الإنسان على مر العصور هي "التدخين"، فبينما تحترقُ السيجارة بين شفتيك، تتآكل رئتيك، ويتليفُ كبدك، ويتضاءلُ على الجانب الآخر دخلك اليومي، ورغم ذلك يظلُ المُدخن مُتمسكاً بالسيجارة بين إصبعيه السبابة والوسطى، ينفثُ دُخانها بنهم، حتى تصدمه أزمة صحية طاحنة، تُجبره على الإذعان لأمر الطبيب بوقف التدخين فوراً، ليعاود "التدخين" فور تعافيه بأسرع من هجمة مُرتدة مُباغتة لصلاح أو رونالدو.

 

"يقتلُ التبغ نصف من يتعاطونه تقريباً"، حقيقة تُؤكدها أرقام مُنظمة الصحة العالمية، حيث يودي بحياة نحو 8 ملايين شخص سنوياً، منهم حوالي 7 ملايين يمارسون التدخين مُباشرة، و 1.2 مليون مُدخن سلبي يتعرضُ لدخانه القاتل، ولعل الشريحة الأوسع من المدخنين تتشبثُ بهذه العادة القاتلة، مُتسلحة بالأمل في أن التأثير الصحي السلبي لهذه العادة هو على المدى البعيد، فالأرقام تشير إلى أن كل سيجارة لا تُقصر الحياة إلا مبقدار 11 دقيقة، وبالتالي فإن أمامهم دوماً فرصة سانحة للتوقف، ولكن متى وكيف ؟   

 

أعتقد أن التوقيت بات حرجاً يفرضُ على من يُمارس عادة "التدخين" أن يُقلع على الفور، فرغم عدم تكامل الدراسات حتى الآن التي تربط بين ضرر دخان السجائر وشراسة فيروس كورونا، إلا أن الثوابت تشير إلى أن كلا الخطرين يخترقان الجسم من بوابة الحلق والجهاز التنفسي، كما أن التدخين هو عامل رئيسي في الإصابة بالأمراض التنفسية التي تضاعف من قسوة الأعراض التي تصيب مرضى كورونا، ناهيك عن أن ممارسة هذه العادة تتضمن ملامسة الأصابع للشفاه وبالتالي فرص أكبر لإنتقال الفيروسات من اليد إلى الفم، ليزداد الأمرُ خطورة مع مشاركة السجائر أو "الشيشة"، ليكون المدخن الحالة الاكثر حرجا عند الإصابة بكورونا بما يستلزم ضرورة وضعه على جهاز تنفس وايداعه غرفة العناية المركزة.

 

بلغة الأرقام، فبينما تسبب فيروس كورونا خلال 12 شهراً بدأت في يناير 2020، في قتل 1.7 مليون شخص على مستوى بلدان العالم، أودت "السيجارة" في ذات الفترة بحياة 8 ملايين مُدخن، بواقع حالة وفاة كل 6 ثوان بفعل هذه العادة المقيتة، لتطرح لنا الأرقام علامة استفهام كبيرة، وراء سؤال بديهي : أما زلت تترقب انتشار فيروس كورونا بقلق بينما الخطر الأعظم يجثم في فمك ؟

 

القرار بيدك، وحاول أن تتأمل معي النتائج المرضية السريعة لهذه الخطوة، فبحسب توصيات منظمة الصحة العالمية لمُدخني التبغ، فإن 12 أسبوعاً فقط من التوقف عن هذه العادة السيئة "التدخين"، كافية للمُساهمة في تحسين الدورة ‏الدموية، وتعزيز وظائف الرئتين بصورة أكثر فعالية، وبعد شهر واحد تقريباً، ستتراجعُ حدة السُعال، وتخفُ المُعاناة من ضيق التنفس، ليكون الجسمُ قد تخلص من جانب كبير من هذه السموم التي تودي بحياتك، وتؤذي أحبائك، وتضعك على عتبات طريق الإدمان، لتعود شخصاً حراً تخلص من عبودية لفائف "التبغ" القاتلة، ونتائجها الوخيمة المُظلمة، لذا رجاء .. أطفئ سيجارتك الأخيرة واغتنم أزمة كورونا لتخلق المنحة من رحم المحنة !