«النخبة المصرية».. اختفت عمدًا أم سقطت سهوًا؟!
◄ «وحيد عبد المجيد»: الدولة لا تترك مجالًا للتنفس لا لنخب سياسية أو اجتماعية
◄ يسري العزباوي: «مصر مليئة بالنخب ولكن محتاجه اللي يفتش»
كتبت: إيمان البصيلي
أين النخبة؟ سؤال ربما لم يطرحه الشارع المصري، ولكن فرضته الظروف والأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها مصر السنوات الأخيرة.
في كل دول العالم هناك دائمًا نخبه في كل المجالات، تعمل دائمًا على تحريك الأوضاع، والتعبير عن هموم وتطلعات مجتمعاتها، وتساهم بشكل أساسي في حماية النظام المجتمعي، وتسعى لتقدم وخدمة بلدها وحفظ السلام المجتمعي والتحول الديمقراطي به.
وبالعودة إلى مصر، نجد أننا ومنذ سنوات طويلة لم نعرف هذه النخبة، وربما شاهدنا جزءًا صغيرًا منها متمثلًا في حركة تمرد، وجبهة الإنقاذ الوطنى، وغيرها من الكيانات التي ساعدت على التغيير، ولكنها سرعان ما خفت نجمها، وغابت عن الأنظار بعد انتخاب الرئيس والبرلمان، حتى أننا وجدنا كل قادة جبهة الإنقاذ الوطنى يعودون إلى مكاتبهم، وعياداتهم، وأعمالهم الخاصة، مبتعدين تمامًا عن العمل السياسي، أو الحديث عنه، فأين عمرو موسي، ومحمد أبوالغار، وأحمد البرعى، وحمدين صباحى، وعبدالجليل مصطفى، وغيرهم؟! أين الأحزاب السياسية، والحركات الشبابية، أين الحركات والتنظيمات الجامعية، أين النقابات، والهيئات ومنظمات المجتمع المدني؟! كل هؤلاء نخبة مصر الذين نبحث عنهم ونسأل أين النخبة؟!
يقول الدكتور وحيد عبدالمجيد مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن المرحلة الحالية لا تشهد وجود نخب سياسية والدولة الآن لا تترك مجالًا للتنفس لا لنخب سياسية أو اجتماعية أو حتى اقتصادية ولا للمجتمع بشكل عام.
وحول طريقة التعامل مع هذا الوضع قال عبدالمجيد، إن هذا الوضع ليس له "روشتة" للتعامل معه مضيفًا أن هذا النوع من الأمراض يعالج نفسه بنفسه عندما تتوفر مقوماته الموضوعية في المجتمع نفسه والتي تختلف من لحظة لأخرى ومن مرحلة لأخرى.
عبدالمجيد أكد، أن محاولة تغيير الوضع الحالي ليس لها طريق معين أو مرتبط بالأحزاب أو الجمعيات أو الحركات السياسية، فهو يعالج نفسه من خلال التفاعلات التي تحدث في المجتمع والتي تُحدث تأثيرها في قطاعات من المجتمع يصعب تقديرها أو تحديدها أو التنبوء بأنها ستسعى لفتح مساحات في هذا المجال المغلق.
وبدوره قال الدكتور يسري العزباوي رئيس وحدة النظام السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن النخبة – للأسف ـ اختفت مع الأزمات الموجودة فيها الدولة المصرية منذ 25 يناير وحتى هذه اللحظة، مضيفًا أنها في البداية كانت نخبة إعلامية الجميع يتحدث، الجميع يبحث عن السلطة، ومع الاستقرار النسبي الذي يحدث في مصر يحدث تراجع لأداء النخبة إضافة إلى أنه حدث بروز لنخبة أخرى غير مدنية يعتمد عليها السيسي بشكل كبير .
العزباوي قال، إن مصر للأسف اختصرت النخبة على بعض الأعداد المعدودة التي تظهر في الإعلام فقط وهذا خطأ كبير فالنخبة موجودة في المستشفيات والجامعات وفي الحياة العامة ولكن ليس لها صوت وغير ظاهرة للناس، مضيفًا أن ضعف الأحزاب هو الذي ساعد على موت النخبة، فالنخبة، إما بيروقراطية، وإما فنية، وهذه لم تنضم للأحزاب وبالتالي ضعف الأحزاب أدى لتراجع النخبة.
ويضيف الخبير بمركز الأهرام أن غياب النخبة الآن يعود لعدم تصعيد تدريجي للنخب، فالشباب الذي قام بالثورة وغيره لم يساعد نفسه في عمل كيانات يتولى من خلالها زمام المبادرة ويصنع نخبة قادرة على التغيير، مضيفًا أن تراجع الطبقة الوسطى في مصر هو أحد أسباب تراجع النخبة فهنا كعلاقة طردية بينهما، خاصة أن النخب التي تساعد على عملية الحراك وتلعب دورًا في التغيير التدريجي الطبيعي في مصر هي الطبقة الوسطى والتي تآكلت في السنوات الأخيرة؛ نتيجة لعوامل اقتصادية طاحنة وظهور الانتهازية واقتصار النخبة على فكرة الشلة والتوريث الموجودة فى كل مكان في مصر.
وحول التعامل مع هذا الأمر قال العزباوي، إن هناك ما يسمى بصناعة النخبة والنظام السياسي يتحمل جزءًا من هذه المسئولية بمعنى إتاحة مساحات للقيادات الطبيعية والأحزاب وأساتذة الجامعات وصناع الرأي وغيرهم للتعبير عن أنفسهم وعن طبقاتهم وممارسة العمل العام "فمصر مليئة بالنخب ولكن محتاجه اللى يفتش".