الإدمان لم يعد يقتصر على المخدرات والكحوليات بينما هناك إدمان من نوع آخر، وهو إدمان الإنترنت و الكمبيوتر والهواتف الأندرويد، التي أصبحت هوس لشباب بكافة أعمارهم، وباتت تلازمهم في كل مكان لأهميتها الكبيرة بالنسبة لهم، مما يجعلهم في مرمى إدمان الإنترنت وعدم القدرة على التخلي عنها أغلب الوقت، دون اكتراث إلى خطورة الاستمرار لفترات طويلة في استخدامها، ومدى تأثيره على صحة الإنسان النفسية والعقلية بشكل بالغ الضرر.
مدمن الإنترنت
حالة من العصبية المفرطة والتوتر انتابت "محمد شرف، 29 عاما، لاستخدامه المفرط للإنترنت والكمبيوتر بحكم عمله كمهندس برمجيات، مما أثر على حياته بشكل سلبي وخطير، ما جعله يعيد التفكير في تعاملاته مع أفراد أسرته التي أصبحت تشتكي من تصرفاته غير المعتادة.
الإرهاق و التوتر
يوضح شرف إنه عانى من اضطرابات في النوم وأرق شديد لم يستطيع التغلب عليها مما أدى إلى عصبيته و توتره من كثرة التفكير وعدم قدرته على التوقف في النظر إلى هاتفه أو حاسوبه بشكل شبه مستديم، ما اضطره إلى الذهاب إلى أأحد الأطباء النفسيين لتشخيص حالته وسبب اضطراباته النفسية.
وتابع أن الطبيب شخصه كأحد حالات الإدمان لعدم قدرته على الاستغناء عن استخدام الإنترنت لمدة تتجاوز 19 ساعة في اليوم، ما جعله يستشعر باضطرابات نفسية تشبه أعراض الإدمان والعزلة عن المجتمع، لافتا إلى أن الطبيب نصحه بالتوقف عن الاستخدام الإنترنت بشكل تدريجي وتقليل عدد ساعات استخدامه، وكان هذا الأمر بالنسبة إليه شبه مستحيل.
مواجهة الإدمان
ويصف "محمد" أن الأمر في البداية كان صعبا وقاسيا عليه وكأنه يعاني من أعراض انسحاب مخدر من جسم مدمن، ما جعله أكثر عصبيه من السابق ولكن مع الإصرار والمقاومة، تمكن من تقليل ساعات استخدامه للحاسوب والانترنت، وخلال 3 أشهر استطاع إحكام السيطرة على تصرفاته والعودة إلى طبيعته حتى تمكن من التوقف من استخدام الإنترنت لأيام بعد أن كان غير قادرا على الاستغناء عنه طيلة الوقت.
الاستمرار يصله للجنون
ويؤكد مهندس البرمجيات، أنه إذا لم يتوجه إلى الطبيب النفسي لساءت حالته إلى درجة كبيرة قد تصل به إلى الجنون أو الإصابة بمرض نفسي وعضوي يصعب علاجه، كالهلاوس و الوسواس القهري بحسب ما قاله الطبيب له، مشيراً إلى أن الاستخدام المفرط للإنترنت مخاطرة شديدة ويمكن أن يفسد حياة الإنسان بالكامل إذا سيطر عليه الأمر كما حدث معه فى السابق.
دراسة لإدمان الانترنت
وفقاً لدراسة حديثة أثبتت أن ظاهرة إدمان الإنترنت مشكلة تؤثر على 6% من سكان العالم، وأن أكثر المناطق تأثراً بهذه الظاهرة منطقة الشرق الأوسط، بنسبة تصل إلى 11%، فيما تدنت النسبة إلى 2.4% في شمال وغرب أوروبا.
وأوضحت الدراسة، التي نشرت نتائجها في مجلة "علم نفس الإنترنت والسلوك والشبكات الاجتماعية" أن إدمان الإنترنت يؤثر سلباً على حياة الأشخاص وصحتهم وعلاقاتهم الاجتماعية.
فإن كان الشخص يفضل الاتصال بالإنترنت، عوضاً عن الجلوس مع الآخرين، فهو واحد من 182 مليون شخص يعانون من الإدمان.
و رصدت الدراسة، التي اعتمدت على تحليل دراسات تتعلق بسلوك 89 ألف شخص في 31 دولة، أعراض الإدمان على الإنترنت، والمتمثلة في زيادة عدد الساعات أمام الإنترنت، والإصابة بالتوتر والقلق في حال أعيق الاتصال بالإنترنت، وإهمال الواجبات الاجتماعية والأسرية والوظيفية، والاستيقاظ من النوم بشكل مفاجئ لمشاهدة البريد الإلكتروني أو قائمة المتصلين في برامج الدردشة، فضلاً عن عدم شغل وقت الفراغ بهوايات متنوعة، وهو ما حذرت من تأثيره سلباً على حياة الأشخاص، وصحتهم وعلاقاتهم الاجتماعية.
الجانب النفسي
يقول الدكتور "جمال فرويز" أستاذ الطب النفسي، بجامعة القاهرة، إن الإدمان بتعريفه هو إهمال العمل الأساسي فى حياة الشخص مثل الأكل والشراب والدراسة وغيرها من أمور طبيعية، لافتاً إلى أن إدمان الإنترنت يعتبر مرضاً إذا جعل الشخص يتوقف عن ممارسته الطبيعية في الحياة وأن يسخر كل وقته للتصفح والتعليق على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي خوفاً من أن يفوته شيء أثناء غيابه عن الهاتف أو الحاسوب.
أعراض الإدمان
ويوضح أستاذ الطب النفسي، أن أعراض إدمان الإنترنت هي العصبية الشديدة و التوتر في حال الابتعاد عن استخدامه، بالإضافة إلى الإهمال في النوم و الأكل والدخول فى حالة اكتئاب وعزلة، مشيراً إلى أن تلك الأعراض تختلف عن إدمان المخدرات ولا تتشابه معه.
ويضيف أن إدمان الإنترنت ليس له سن معين ولكن يشمل كافة الأعمار، موضحاً أنه قام بعلاج أحد الحالات التي تعاني من إدمان الإنترنت وكان عمره 75 عاماً، حيث عانى من استخدامه المفرط للإنترنت وعدم القدرة على الابتعاد عنه حتى في حال دخوله إلى الحمام، وذلك لهروبه من الاكتئاب من خلال الإنترنت، لافتاً إلى أن كبار السن هم الأكثر عرضة لإدمان الإنترنت لأنهم يتعيشوا به بعكس الشباب الذين يتعايش معهم.
الإصابة بأمراض المخ
ويفيد "فرويز"، أن إدمان الإنترنت بالذات لأصحاب الوظائف التى تحتم استخدامه أغلب الوقت في العمل، يمكن أن يؤثر على أعصابهم و يزيدهم توتر علاوة على إصابتهم بالكهرباء الزائدة في المخ والتأثير على وظائفهم المعرفية مثل التركيز و وضعف الذاكرة والاستيعاب.
نصائح لتجنب الإدمان
وينصح أستاذ الطب النفسي، باستخدام الانترنت لمدة ساعة و أخذ راحة لمدة 15 دقيقة ثم العودة إلى استخدامه، بالذات لأصحاب المهن المرتبطة بالحاسوب والإنترنت، وفي حال ظهور أعراض الإدمان يمكن تناول مهدئات للتقليل من العصبية والتوتر بمعرفة الطبيب المعالج، حتى يتمكن المريض من الراحة والنوم بشكل طبيعي لحين التعود على تقليل استخدامه.