مناقشة كتالوج أعماله فى ذكرى ميلاده .. مكتبة الاسكندرية تحتفى بالتشكيلى الكبير محمود سعيد
رسالة الإسكندرية: أحمد إبراهيم أحمد
أقامت مكتبة الإسكندرية - في السادسة مساء السبت الثامن من إبريل 2017 م بقاعة محاضرات مركز المؤتمرات بمكتبة الإسكندرية - ندوة لمناقشة كتالوج أعمال الفنان التشكيلي الكبير محمود سعيد في ذكرى ميلاده بهدف زيادة الوعي ونشر المعرفة الأكاديمية حول حياة وأعمال هذا الفنان الكبير.
ويعد هذا الكتالوج - الذي أعده الدكتور حسام رشوان الباحث الفني، وخبيرة الفنون التشكيلية وتاريخ الفن الفرنسية فاليري هس.. مرجعاً متكاملاً وموسوعة فنية تضم كافة الأعمال المعروفة حتى الآن لمحمود سعيد، وعدداً كبير من الأعمال غير المعروفة، إضافة إلى مجموعة مقالات لكبار الكتاب والأكاديميين حول محمود سعيد.
رائد المدرسة الحديثة
ويعتبر الفنان التشكيلي محمود سعيد المولود في الإسكندرية يوم 8 إبريل 1897 م لعائلة عريقة ثرية تسكن قريباً من مسجد أبي العباس المرسي (والده محمد باشا سعيد رئيس وزراء مصر السابق) رائد المدرسة المصرية الحديثة في الفنون التشكيلية ومن أكثر الفنانين المصريين الذين كتبت دراسات عن حياتهم وأعمالهم سواء في مصر أو في المجلات العالمية المتخصصة.
حصل على ليسانس الحقوق الفرنسي عام 1919 م وسافر إلى باريس لاستكمال دراسته العليا للقانون فاغتنم هذه الفرصة والتحق بالقسم الحر بأكاديمية جراند شومبير لمدة عام ثم أكاديمية جوليان، واستفاد من تأمل الثروات الفنية في متاحف ومعارض باريس ودراسة تاريخ الفن في إيطاليا وفرنسا وبريطانيا.
عُين بمدينة المنصورة بسلك نيابة المحاكم المختلطة حين رجع لمصر، وظل يترقى في سلك القضاء حتى أصبح مستشاراً قضائياً، ثم طلب الإحالة إلى المعاش في سن الخمسين، وبقى يمارس الإبداع الفني طوال عمره.
الشخصية المصرية
تأثر البناء التكويني في لوحات محمود سعيد بمرجعيات فنية عدة كونت بناء هندسياً متفرداً يبدو واضحاً في لوحاته، يُظهر تأثره الكبير بالفن والحياة والشخصية المصرية رغم التأثير الثقافي والفني لحياته ودراسته في الغرب، فتبدو التأثيرات الفنية للفن الفرعوني والإسلامي والقواعد الكلاسيكية للفنون الأوروبية في عصر النهضة في لوحاته، مؤكدة معايشته للواقع المصري الذي يعاصره واستيعابه لتقنيات التشكيل الحديثة في نفس الوقت؛ لذلك يعتبر أسلوب محمود سعيد نموذجاً لتوظيف الأساليب الغربية في التعبير عن الذات الوطنية ويتجلى ذلك في أعماله التي أبدعها منذ منتصف العشرينات حتى أواخر الثلاثينات.
تمحور فنه في مرحلة الأربعينات حول البورتريه أو الصورة الشخصية الفردية التي اهتم فيها بإبراز عمق الشخصية النفسي من خلال الاهتمام بدقة الملامح وتعبيرات الوجه، ثم تحول محمود سعيد تحولاً شديداً في الخمسينات فساد لوحاته الهدوء وعم الضوء والألوان الباردة لوحاته، واختفت المشاعر المتأججة ليحل محلها الضوء الغامر والمناظر الطبيعية الواسعة والصمت في جو هادئ.
معارض داخلية وخارجية
تعددت المعارض التي شارك فيها محمود سعيد في مصر وخارجها فقد أقام من المعارض الخاصة معرضين لأعماله في نيويورك عام 1937 م وفي عام 1943 م أقام معرضاً بأتيلييه الإسكندرية ثم في عام 1945 م أقام معرضاً بجمعية الصداقة المصرية الفرنسية بالإسكندرية، ثم أقام معرضاً بالقاعة المستديرة بأرض المعارض بالقاهرة في عام 1951 م أقام بعده في عام 1960 م معرضاً بمتحف الفنون الجميلة بالإسكندرية ضم 120 لوحة وفي عام 1964 م أُقيم معرض شامل للوحاته بمتحف الفنون الجميلة بالإسكندرية عقب وفاته ضم 137 لوحة.
شارك محمود سعيد في العديد من المعارض الجماعية المحلية مثل معرض الربيع بالقاهرة عام 1953 م كذلك في المعارض الجماعية الدولية كمعرض باريس الدولي عام 1937 م وفي بينالي فينيسيا الدولي أعوام 1938 ، 1950 ، 1952 م ومعرض اليونسكو للفنانين العرب في بيروت عام 1953 م ومعرض الفن المصري بالخرطوم سنة 1953 م والمعرض المصري بموسكو عام 1958 م.
اشتهرت أعمال محمود سعيد في أوساط المثقفين ومحبي الفنون التشكيلية وأصبحت من الأعمال المعروفة ومن أشهر هذه الأعمال لوحات (الدراويش - الشادوف - المدينة - بنات بحري - بائع العرقسوس - بنت البلد - الشحاذ - ذات الرداء الأزرق - ذات الجدائل الذهبية - الخريف) إضافة للوحة نادرة لافتتاح قناة السويس سجلت الاحتفال بالافتتاح التاريخي لقناة السويس في عهد الخديوي إسماعيل ولوحات عديدة لأفراد عائلته وأصدقائه ومن بينها صورة تاريخية للملكة فريدة في طفولتها.
بيعت لوحته (الدراويش) المرسومة في 1935 م في أبريل 2010 م في صالة مزادات كريستيز العالمية بلندن بمبلغ 2.434 مليون دولار كأغلى لوحة رسمها فنان من الشرق الأوسط في العصر الحديث، وكانت قد نالت ميدالية الشرف الذهبية في معرض باريس الدولي 1937 م عند عرضها في الجناح المصري.
تقدير الدولة
منحته فرنسا عام 1951 م وسام اللجيون دوبنر، وكان أول فنان تشكيلي يحصل علي جائزة الدولة التقديرية للفنون وتسلمها من الرئيس جمال عبد الناصر في عام 1960 م.
خصصت الدولة بعدما رحل عن دنيانا في 8 أبريل 1964 م متحفاً يحمل اسمه (متحف محمود سعيد بالجزيرة) ليضم أعماله الفنية باعتبارها تراثاً فنياً وطنياً كما أن الإدارة المركزية للمعارض والمتاحف بوزارة الثقافة ترعى مركز محمود سعيد للمتاحف بالإسكندرية وهو من أجمل المتاحف التشكيلية المصرية ويقع بحي جاناكليس الذي يعتبر من أرقى أحياء المدينة، ويقدم أنشطة تشكيلية وثقافية متنوعة على مدار العام كان آخرها يوم التاسع من إبريل 2017 م تحت مسمى (احتفالية محمود سعيد) تحت رعاية الصحفي حلمي النمنم وزير الثقافة والدكتور خالد سرور رئيس قطاع الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة، وأشرف على تنفيذ الاحتفالية كل من السيدة إيمان البرعي مديرة مركز محمود سعيد والأستاذ مجدي الخطيب القائم بأعمال مدير إدارة النشاط الثقافي، وقد تضمنت الاحتفالية افتتاح معرض الفنان السكندري الراحل منير فهيم، والمعرض الجماعي (المرأة برؤية معاصرة) ثم حفلاً موسيقياًغنائياً لفرقة النور للمكفوفين، ثم عُقدت ندوتان يوم 11 إبريل 2017 م الأولى أدارها الفنان التشكيلي جرجس بخيت عن (بنت البلد المصرية بين محمود سعيد ومنير فهيم) والثانية عن (المرأة في إبداعات محمود سعيد) أدارها العميد السابق لكلية الفنون التشكيلية بالإسكندرية الفنان الأستاذ الدكتور محمد شاكر.