بائع الكتب «عم خالد» يروي ذكرياته مع «هيكل» و«محفوظ».. ويكشف عن الروايات الأكثر رواجا.. ويطالب وزارة الثقافة بإعادة تبني مشروع «مكتبة الأسرة»
على
ضفاف النيل يجلس عم خالد محمد على كرسيه، بجوار مجموعة كبيرة من الكتب والروايات، فمنذ
نعومة أظافره، حرص على الجلوس بجوار والده الذي أورثه هذه المهنة، فتعلم منه كل
شيء يخصها، وعلى الرغم من حصوله على بكالوريوس التجارة، إلا أنه فضل المضي في نفس
الدرب، وإكمال مسيرة والده.
يقول
عم خالد لـ"الهلال اليوم"، إن مهنة بيع الكتب اختلفت أحوالها عن السابق،
فلم يعد القراء يقبلون على الشراء، فعلى الرغم من أنها كانت تجارة مربحة، في ظل
الأسعار المتوسطة التي كانت تمكن قطاعات كبيرة من الناس شراء ما يحتاجونه من كتب
وروايات، إلا أنها الآن باتت مهنة بلا روح مع الارتفاع الكبير في أسعار الكتب.
ولفت
إلى أن ذروة رواج تجارة الكتب بالنسبة له هو عهد مكتبة الأسرة، التي كانت تقدم كتب
كثيرة ومتنوعة بأسعار زهيدة، تسمح لقطاعات كبيرة من الشباب أن يقدم على القراءة
دون وضع الأموال كعائق في حسبانهم، حيث كان سعر الرواية أو الكتاب بين 50 قرشا إلى
جنيه أو 5 جنيهات، لكن الآن ومع اختفاء هذا المشروع العملاق لا يجد القارئ من
يدعمه.
وطالب
عم خالد وزارة الثقافة، بضرورة إعادة تبني مشروع مكتبة الأسرة، ودعم الكِتاب، لأن القضية
ليست رفاهية كما يتصورها البعض، فهي هامة لبناء المجتمعات والشعوب، خاصة عندما
يضطلع الشباب على الثقافات المختلفة من خلال الكِتاب، في ظل وصول سعر بعض الكتب من
70-80 جنيها، بعدما كان في حدود 20 و30 جنيها منذ سنوات قريبة.
وعن
إمكانية تأثير التكنولوجيا على حركة سوق الكُتب، في ظل إمكانية تحميلها من على
شبكة الإنترنت، نفى أن يكون هذا الأمر هو السبب في تراجع بيع الكُتب، مؤكدا أن القراءة
والكِتاب في اليد، متعة لا يزال يفضلها الكثيرون، ويمنعهم عنها ارتفاع
أسعارها.
ولفت
إلى أن روايات نجيب محفوظ، وإحسان عبد القدوس، لا تزال تحظى باهتمام قطاع كبير من
الجمهور المحب للقراءة، لكن مع ارتفاع أسعار الورق والطباعة، فضلا عن مطالبة بعض
الكُتاب الكبار الآن بمبالغ كبيرة جعل بعض دور النشر تلجأ إلى تعويض ذلك من خلال
رفع سعر الكِتاب، مما أثر على حركة الشراء، واضطر البعض إلى استعارة الروايات منه،
مقابل مبلغ قليل من المال لمدة أسبوع أو 10 أيام.
وعن
حركة بيع الجرائد والمجلات قال إن التداول والإقبال عليهم قل، فكان يضطر إلى إعادة
أعداد كثيرة، حتى قرر أن يكتفي ببيع الكتب والروايات، خاصة أنها ليست مرتبطة بوقت
زمني معين، ولها جمهور يتابعها ويحرص على معرفة الجديد.
ولفت
عم خالد إلى أنه كان يحب كتابة الشعر، وظل الشاعر الكبير صلاح جاهين، مثله الأعلى،
كما أنه كان حريصا على قراءة أشعار أحمد فؤاد نجم، وبيرم التونسي، فضلا عن متابعته
للأجيال الجديدة من الشعراء مثل هشام الجخ.
ويروي
عم خالد ذكرياته مع الكُتاب قائلا إن الأستاذ محمد حسنين هيكل، كان من أحرص الناس
على الاطمئنان على حركة بيع كتبه، فكان يسأله باستمرار عن المبيعات، وهل هناك
إقبال على كتبه أم لا، كما كان يحرص على معرفة رأي القراء، مضيفا أن الأديب الكبير
نجيب محفوظ كان يشتري منه الكتب، ويسأله على حركة بيع رواياته.
وعن
أحلامه قال دون تردد: "يجب أن تعود الدولة لدعم الكُتاب من جيل الشباب لنشر
أعمالهم وتوفيرها بأسعارها زهيدة ليكون في تناول القارئ العادي حتى يتمكن الشباب
بشكل خاص من قراءتها، لأنهم أهم فئة في البلاد، ويمثلون المستقبل".