البُقعَة
سفر حزقيال 37 : 1
كانتْ عليَّ مُدَى اللّيَالي...
والرُّوحُ فيَّ كصَرخةٍ شَهّاءَ يأخذُني
نحوَ البقاعِ الدّامسَهْ،
تلكَ البَراحاتِ الشّريدَةِ والتّلالِ،
فطَويتُ خَيمَةَ غُربَتي.. وَطني.
ومَشَيتُ بينَ الرّيحِ والدِّمَنِ،
بينَ المنائرِ والظِّلالِ النَاعِسَهْ
بينَ الكَريهِ منَ الرَّوائحِ والتّآكلِ والزَّوالِ،
أستَحضِرُ الأفلاكَ من رَحِمِ العِظامِ اليابسَهْ
وتَخرُّقِ الكَفَنِ.
يا بُقعَةَ الصَّمتِ النَّذيرِ
فيكِ الوُجوهُ تلاحَمَتْ روحًا على روحِ،
وصَديدُ عُمري فوقَ أحجارِ المَعابرِ كالسَّعيرِ..
عَبَثٌ!
وبَعضُ نبوْءَةٍ.. وطيوْبْ..
لَملمْتُ قلبَ الشَّرقِ مِن وادٍ وَطيْبِ سُفوحِ
وَهرَقتُ مِلئِي من فراغِ جروحي.
وتدَحرجَ الصَّخَبُ الكبيرُ منَ الغيوبْ
وبَرا صَداهُ مَبَاخِري وفَطيري..
ثمَّ انتَهى نَغمًا على وَجهِ الدّروبْ،
وقوافلاً بَيضَاءَ
في طَلٍّ حَسيْرِ.
يا بُقعَةَ الضَّوْءِ الرّهينْ..
يا رَقصَةَ الأمَلِ الشّهيدَهْ،
هذي الجَمَاجمُ والمَفاصِلُ واليَبابْ..
مِزَقٌ مِنَ الشَّمْسِ الفتيَّةِ والضَّبابْ،
ومنَ الرَّمادِ!
أصداءُ رُهبانِ القِطاراتِ البَعيدَهْ
وصَفيرُ نفّاثِ اليَقينْ.
خَمري وقرباني وزادي
والياسَمينْ:
شبَقٌ وتَطوافٌ ودَوراتٌ جَديدَهْ.
وهَديلُ بابِ حَديقتي:
غَثَيانُ فانوسٍ. ولَونُ مَدادي:
عَرَباتُ لذَّاتٍ.. وحوذيٌّ عَنيْنْ.
وكسَرتُ من غُصُني.. وعِطرٍ زائفِ
ورَمَيتُ في بئرٍ قديمْ،
وأخَذتُ مِن سرِّي ودِفْءِ مَطارفي
ونَثرتُهُ فوقَ الرَّميمْ.
ونظَرتُ في تلكَ السِّباخِ العاريَه
فرَأيتُ أشباهي وَبَاءْ...
المَوتُ يُشبهُني! أنا مَيْتٌ؟! وَأوردَتي
في كلِّ حَيٍّ. هَل أنا حَيٌّ؟
ومائدَتي
في كلِّ ذِكرًى باقيَه
في أُمسياتٍ أو ضِيَاءْ؟
والأرضُ تأكلُ من طواحينِ الرِّياءْ
وَلَهيبِ مَوقِدَتي!
مَوتًا.. وتشرَبُ من وَعَاءِ الزَّانيَه..
والدَّاليَه
قَيْحَ السَّمَاءْ.