فرانتس جريلبارتسر.. فقيد الحزن على وطنه
يوافق يوم غد الجمعة 15 يناير ذكرى ميلاد الكاتب المسرحي، الشاعر والسياسي النمساوي فرانتس جريلبارتسر، الذي قضى عمره يحلم بمستقبل أفضل للنمسا وشعبها ومات بحزنه على أحوالهم.
ولد فرانتس في عام 1791 في ڤيينا بالنمسا وقد بدأ يتعلم القراءة والكتابة في سن مبكر، وفي عام 1804 ألتحق بجامعة ڤينا ليدرس دراسة تمهيدية للفلسفة فيها وقد أكملها بالفعل عام 1807.
بعد انتهاء فرانتس من الدراسة التمهيدية ألتحق بكلية الحقوق، ولكن كان لايزال في السنة الأولى بها حين توفي والده فجأة، مما أضعف من مستوى عائلته المادي فكان أمام خيارين أما يترك دراسته أو يعمل لينفق عليها!، أختار فرانتس الحل الثاني فأتجه لإعطاء دروس خصوصية لأبناء ڤيينا ومن نقود العمل كان ينفق على دراسة الحقوق، حتى تخرج في عام 1811.
بعد تخرج فرانتس وحتى منذ مولده شهدت حياته العديد من التغيرات السياسية والأحداث المهمة، فقد تمدد تأثير الثورة الفرنسية, وامتدت شعلتها داخل وخارج فرنسا، وفي الوقت ذلك كانت النمسا قد أصبحت قوة سياسية مستقلة، وفي نفس الوقت كانت تعتبر جزءً سياسياً وفكرياً من المنطقة الألمانية كلها. وقد ظل ذلك حتى وقت انفصالها التام عن ألمانيا في حرب عام 1866، وقد أثرت هذه الأحداث في فرانتس تأثيراً كبيراً.
فتعتبر كل أعمال فرانتس أعمال مأساوية ويعكس ذلك مدى تأثره بالحالة السياسية والاجتماعية أنذاك لا على النمسا فقط بل على مستوى المواطنين أيضاً.
"يبدو أنه ليس لي مكان في هذه البلاد , ولكن أحب إلى نفسي أن أفعل وأقاسي كل شيء من أجلها"، كانت هذه عبارة لخص بها فرانتس جريلبارتسر معاناته في النمسا بسبب طغيان النظام السياسي وتضييق خناق الرقابة والبوليس في هذا الوقت.
وفي عام 1848 انطلقت الثورة الشعبية في النمسا، وقتها رأي فرانتس مدى التسيب والانهيار الذي سيتسب فيه الناس بجون إدراك أو وعي مما جعله يعرف أن الحريات الشخصية المطلقة ما هي إلا تحطيم للنمسا وقومياتها.
وفي عام 1859 وحتى عام 1866 كانت معاناة فرانتس على أوجها بسبب هزائم النمسا المتلاحقة في أيطاليا، فترك فيينا وسافر إلى ألمانيا الذي كان معتاد على زيارتها أنذاك، حتى إنه في زيارة منهم عام 1826 قد قابل الفيلسوف والكاتب الألماني الكبير جوته.
من أهم الشخصيات تأثيراً في حياة فرانس كان "چوزيف شرايفجول" والذي شجعه ودعمه في كتاباته لدرجة تقديمة لعالم الكتابة المسرحية وعرض مسرحيته الأولى والتي كانت بعنوان "الجدة".
أحب فرانتس جريلبارتسر صديقته المخلصه لأعماله الأدبية وهي "كاتارينا فرولش" وتقدم لخطبتها وبعده فترة أفترقا، ولكنهما حافظا على صداقة هادئة بعد افتراقهم لدرجة أنها سُميت "العروس الأبدية".
بالنسبة للشعر الغنائي لم يكن هو الأهم في حياة فرانتس بل مسرحياته كانت لها النصيب الأكبر وقد قال عن الشعر الغنائي ذات مرة أنه يكتبه كوسيلة للراحه النفسية ليس أكثر.
يعد فرانتس جريلبارتس مؤلفا مسرحياً من المقام الأول، ولكننا بالرغم من ذلك ندين له بواحدة من أهم الأعمال الكلاسيكية القصصية في الأدب الألماني. ففي عام 1848 أصدر رائعته النثرية العازف الفقير Der arme Spielmann. ويصور فيها شقاء الفنان وتحطم أحلامه الوردية على صخرة العالم القاسية.
ومن أهم أعمال فرانتس جريلبارتسر، الجدة الأولى، سابفو، ميلوسينا، الملك أوتوكار سعادته ونهايته، خادم مخلص لسيدة، أمواج البحر والحب، الحياة حلم، ويل للكاذب، ليبوسا، صراع الأخوة في هابسبورج، دير سيندومير، و العازف الفقير.
وقد توفي جريلبارتسر في 21 يناير عام 1872 بعد عمر ناهز ال 81 عاماً، وقد أوصى أن ترثه كاتارينا فرولش، وعاشت هي بعد وفاته حوالي سبع سنوات أهتمت فيهم بأعماله وأشعاره.