علماء الدين يحسمون الجدل.. زواج التجربة «باطل» وما يترتب عليه زنا.. ودعوات تطبيقه تنتهك ضوابط الزواج الصحيح التي أقرها الشرع.. ويؤكدون: الاستمرار هو الأصل
ردود أفعال واسعة أثارها
بالدعة لتفعيل زواج التجربة في مصر، حيث لاقت الدعوة موجة من الجدل بين المواطنين،
ليخرج الأزهر حاسما للجدل بتحريمه لزواج التجربة، وتأكيده بأن مثل هذا النوع من
الزواج باطل بإجماع الأراء.
ومن جانبهم أكد عدد من
عهلماء الدين أن مثل هذه الدعاوى هذفها إثارة البلبلة وهدم استقرار المجتمع، داعيا
لرفضها والتصدى لها من خلال الاستعانة بأراء العلماء ورجال الدين " أهل
الذكر" للرد على مثل هذه الدعاوى
الهدامة.
تجربة مرفوضة
شرعا
قال الدكتور سيف
رجب قزامل، عميد كلية الشريعة الأسبق، أن الترويج لما يسمى بزواج التجربة أمر
مرفوض، مؤكدا أن الزواج ميثاق غليظ شرعه الله من فوق سبع سموات، رافضا أن يخرج
علينا بين الحين والآخر من يتحدث باسم الدين دون علم أو دراية.
وأكد «قزامل»، فى تصريح لـ«الهلال اليوم»، أن الأصل فى الزواج هو الدوام
والاستمرار، ومن ثم فإن وضع شرط فى عقد الزواج يقوم على تحديد مدة الزواج يبطل
الزواج، وبالتالي فإن كل ما يترتب على هذا الزواج يعد زنا.
وأضاف عميد كلية
الشريعة الأسبق أن وضع هذا الشرط يخالف الشريعة الإسلامية، لافتا أن هذا
الطرح يخرج علينا من بعض ـ مدعي الشهرة ـ بين الحين والآخر، حيث تطرق البعض منذ
فترة إلى ما يسمى بزواج المتعة الذي يتشابه مع زواج التجربة فى تحديد مدة معينة
للزواج.
كما أكد أن الدين شرع للراجل أن يكون له الحق فى الطلاق، كما كفلت السنة
للمرأة أن تطلب الخلع، وبالتالي ما السبب فى أن يكون هناك مثل هذا النوع من
الزواج، وقد كفل الشرع لكلا الزوجين الحق فى الانفصال حال استحالة دوام العشرة
بينهما.
يهدد ثوابت المجتمع
أبدى الشيخ محمد
عز الدين عبدالستار وكيل وزارة الأوقاف لشئون الدعوة، استيائه ورفضه للدعاوى التي
تخرج بأمور وفتاوى غريبة عن الشريعة الإسلامي ولا تمت له بصلة، مؤكدا أن ما طرحه
البعض حول موضوع زواج التجربة باطل ومن ثم فان ما يبنى عليه باطل.
وحذر عز الدين في تصريح لـ«الهلال اليوم»، من خطورة زواج التجربة، مؤكدا
أنه يهدد قيم وثوابت المجتمع المصري، باعتباره يمس ركن أساسي فى المجتمع وهو
الزواج .
وشدد على أن الزواج المحدد بمدة باطل باتفاق جميع العلماء، وهو ما أكد عليه
الأزهر الشريف خلال رده على هذا الطرح، وأكد على أن الأصل فى الزواج هو "
التأبيد" والاستمرار لما له من فوائد تعود على المجتمع بالنفع والتعمير
والاستقرار حيث قال الله تعالي، "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا
لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون".
كما شدد على أن صحة زواج العقد مرتبط باستيفائه لجميع الشروط التي وضعها
الشرط وفى المقدمة منها الاستمرار، والقبول، مؤكدا أن زواج التجربة يعد باطلا، وما
يترتب عليه زنا.
تقنين لفكرة زواج النكاح
قال الشيح عبد الباسط عقل، إمام وخطيب مسجد السلطان أبو العلا، إن زواج
التجربة يتشابه مع نكاح المتعة، من حيث تحديد المدة، مؤكدا أن هذا الزواج باطل ولا
يجوز.
وأكد "عقل"، فى تصريح لـ«الهلال اليوم»، أن الدين الإسلامي وضع
الزواج فى مكانة مقدسة، حيث وصفه بالميثاق الغليظ، مؤكدا ان الشريعة الإسلامية
وضعت شروطًا وضوابط محددة يجب اتباعها، مستشهدا بحديث النبي صلى الله عليه
وسلم " تنكح المرأة لأربع، لمالها وجمالها وحسبها ونسبها، ودينها، فاظفر بذات
الدين تربت يداك"، كما أتاح الشرع للخاطب أن ينظر إلى عروسه، لقوله صلى الله
عليه وسلم لرجل خطب امرأة من الأنصار.. فرد عليه النبي أنظرت غليها قال لا، فقال
له النبي صلى الله عليه وسلم أنظر إليها عسى أن يؤدم بينكما".
وشدد إمام مسجد السلطان أبو العلا أن الاستمرار شرط أساسي لصحة الزواج،
والذئ بدوره يؤسس لحياة سليمة تثمر بإنجاب الأولاد والرضا والتواد والرحمة.
وطالب "عقل" كل من تسول له نفسه بالفتوى بدون علم أن يكف عن ذلك،
مؤكدًا أن مثل هؤلاء مدعي شهرة، ومطالب جموع المسلمين بالرجوع للعلماء، مستشهدا
بالآية الكريمة: "واسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون".
زواج باطل
وبدوه، قال الشيخ
محمد يوسف إمام وخطيب بوزارة الأوقاف، أن زواج التجربة باطل ومايترتب عليه باطلا،
لافتا أن من يأخذ به الآن هم أهل الشيعة، أما أهل السنة فإنهم يحرمون هذا النوع من
الزواج لما يترتب عليه من آثار سلبية وخيمة على المجتمع منها عدم الأهلية، وضياع
العشرة، وضياع الانتساب.
وأكد يوسف في
تصريح لـ«الهلال اليوم»، أن هذا الزواج وما يترتب عليه من إضرار يعتبر محرما
وباطلا، لافتا أن الإسلام وضع ضوابطا وشروطا للزواج الصحيح، ومنها الإيجاب
والقبول، وموافقة ولى الأمر، والإشهار والإعلان، وألا يكون محددا بمدة حيث إن هذا
الشرط يفسد الزواج.
وحذر الداعية الإسلامي
من أن هناك من هم من بين أبناء جلدتنا ويخرجون علينا بين الحين والآخر بنداءات
تخالف الشريعة الإسلامية، ولا يعرفون كم الأضرار التي تترتب على ما يقولون وما
يفتون بدون علم أو معرفة، مؤكدا أن هذه الأفكار تعتبر هدامة للفكر الإسلامي، بل
والإنساني الصحيح.
وقال الأزهر في بيان
له رد على ما اثير حول زواج التجربة، نشره
مركز الأزهر للفتوى العالمية على فيسبوك: أن "الزواج ميثاق غليظ لا يجوز
العبث به، واشتراط عدم وقوع انفصال بين زوجين لمدة خمس سنوات أو أقل أو أكثر فيما
يسمى بزواج التجربة اشتراط فاسد لا عبرة به، واشتراط انتهاء عقد الزواج بانتهاء
مُدة مُعينة يجعل العقد باطلًا ومُحرَّمًا".
وأضاف الأزهر:
"صورة عقد الزواج المُسمَّى بـ «زواج التجربة» تتنافى مع دعائم منظومة الزواج
في الإسلام، وتتصادم مع أحكامه ومقاصده؛ إضافةً إلى ما فيها من امتهان للمرأة،
وعدم صونٍ لكرامتها وكرامة أهلها، وهذه الصورة عامل من عوامل هدم القيم والأخلاق
في المجتمع".
وأكد ان زواج التجربة
-كما قرَّر مُبتدعوه- هو زواج محظور فيه على كلا الزوجين حَلّه بطلاق من الزوج، أو
خلع من الزوجة، أو تفريق من القاضي مدة خمس سنوات، أو أقل أو أكثر، على أن يكون
ذلك شرطًا مُضمَّنًا في عقد الزواج إلى جوار شروط أخرى يتفق عليها طرفاه.. ثم كثرت
الأغاليط حول مصير هذا العقد بعد انتهاء مدة التَّجربة المنصوص عليها، في حين
اختار بعضُ المتحمسين لهذا الزواج -أو إن شئت قلت: الابتداع- أن ينتهي عقدُه
بانتهاء المدة المقررة؛ ليضاف بهذا إلى جوار شرط «حظر الطلاق» شرطٌ آخر هو
التَّأقيت".
ومن جانبها عقبت دار
الإفتاء عبر حسابها على "فيسبوك" على هذا الطرح قائلة: "اطلعنا على
الأسئلة المتكاثرة الواردة إلينا عبر مختلف منافذ الفتوى بدار الإفتاء المصرية حول
ما يُسَمَّى إعلاميا بمبادرة زواج التجربة، التي تعنى بزيادة الشروط والضوابط
الخاصة في عقد الزواج، وإثباتها في عقد مدني منفصل عن وثيقة الزواج، والهدف من
ذلك: إلزام الزوجين بعدم الانفصال في مدة أقصاها من 3 إلى خمس سنوات، يكون الزوجان
بعدها في حِلٍّ من أمرهما، إما باستمرار الزواج، أو الانفصال حال استحالة العشرة
بينهما
أوضحت أنّ هذه
المبادرة بكافة تفاصيلها الواردة إلينا قَيْد الدراسة والبحث عبر عدةِ لجان منبثقة
عن الدار، وذلك لدراسة هذه المبادرة بكافة جوانبها الشرعية والقانونية
والاجتماعية، للوقوف على الرأي الصحيح الشرعي لها، وسوف نعلن ما توصلنا إليه فور
انتهاء هذه اللجان من الدراسة والبحث.