الشعب.. والرئيس
«الشعب فى يده مستقبل مصر».. هكذا أكد الرئيس السيسى بحسم ووضوح خلال إحدى مداخلاته فى مؤتمر الشباب بالإسماعيلية.. إذن لابد من علاقة طيبة قوية ووطيدة بين الشعب والرئيس، لأن الرئيس هو الشعب فى رسم وتخطيط هذا المستقبل وتحديد ملامحه وأيضًا تنفيذ وتطبيق ما تم رسمه وتخطيطه.. وكذلك يقتضى الأمر حماية هذه العلاقة والحفاظ على قوتها فى مواجهة، محاولات البعض النيل منها.
والرئيس السيسى تربطه منذ سنوات وقبل أن يتولى مهمة رئاسة مصر علاقة قوية ووثيقة مع الشعب المصري.. فقد أحبه عموم المصريين لشجاعته وجسارته فى ٣٠ يونيو وانحيازه وهو يقود القوات المسلحة للجماهير التى احتشدت فى طوفان بشرى من أجل التخلص من حكم الإخوان الفاشى والمستبد..
لقد أعجب عموم المصريين فى الرئيس السيسى شجاعته وقوته فى مواجهة الإخوان، وثقته فى نفسه وفى بلده. وفى قدرتها على تجاوز الصعاب والتحديات التى تواجهها رغم شدتها وتخطى الأزمات التى لحقت باقتصادها، وإيمانه فى تحقيق النصر فى الحرب التى تخوضها البلاد دفاعا عن كيان دولتنا الوطنية وحفاظًا على هويتنا الوطنية فى مواجهة إرهاب هو الأكثر وحشية من أى إرهاب سبق أن واجهته من قبل والأكثر قدرة مالية وبشرية وتنظيمية والأكثر استخداما لتكنولوجيا العصر والذى يلقى دعما من دول وجهات إقليمية ودولية.
ولأن هذه الحرب التى تخوضها البلاد ضد هذا الإرهاب وضد من يتآمرون علينا ويستهدفون تقويض كيان دولتنا الوطنية مازالت مستمرة.. والرئيس السيسى يخوضها بقوة ومُصرُّ على تحقيق النصر الكامل فيها، فإن هذه العلاقة الطيبة والوطيدة التى تربط الرئيس بالشعب يجب أن تظل قائمة وقادرة على تجاوز محاولات التشكيك فيها، خاصة أننا مازلنا فى خضم هذه الحرب الضارية التى نخوضها ضد الإرهاب ومن أجل حماية كيان دولتنا الوطنية وللنهوض ببلادنا والتخلص من أزماتها ومشاكلها، خاصة المشاكل الاقتصادية.. فإن التنظيمات الإرهابية مازالت تتربص بنا وتتحين الفرص لتوجيه ضربات لنا هنا وهناك.. ومن يمولونها ويمنحونها الدعم والمساندة ما برحوا مستمرين فى ذلك، لأن العالم لم يتكاتف لاتخاذ موقف ضد هؤلاء الداعمين للإرهاب.. كما أن من لا يروقهم أن نتجاوز أزماتنا ونتغلب على التحديات التى تواجهنا لم يصبهم اليأس.. ولعلنا ما تابعناه مؤخرًا فى واحدة من جلسات الاستماع فى الكونجرس الأمريكى حول العلاقات المصرية الأمريكية يؤكد ذلك.. بما أننا لا نتجاوز الحقيقة والواقع إذا قلنا إن هناك من يريدون الانتقام منا لأننا تجرأنا فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣ وأفشلنا خططهم ومؤامراتهم، عندما انتفضنا لنتخلص من حكم الإخوان الفاشى والمستبد، بينما هم كانوا يراهنون على استمرار سيطرة الإخوان على بلادنا بعد أن اتفقوا معهم على قبول الهيمنة الأمريكية علينا والتفريط فى مساحات من أرض الفيروز (سيناء) العزيزة وإضعاف قواتنا المسلحة.
ولحماية علاقة الرئيس بالشعب من أية محاولات لا تتوقف للنيل منها يتعين أن تظل صورة الرئيس لدى الشعب هى ذات الصورة التى حفرت فى وجدانه فى الثالث من يوليو ٢٠١٣، عندما انحاز بجسارة إلى جموع الشعب غير مكترث بالمخاطر التى يتعرض لها وكانت كثيرة وغير مهتم بتهديدات الإخوان له بالانتقام منه وتحذيرات قوى إقليمية ودولية له من هذا الانحياز للشعب.. أى يحتاج الشعب أن تظل صورة الرئيس لدى أبنائه هى صورة القائد القوى الشجاع الجسور المتفائل والواثق فى قدرتنا على تجاوز الصعوبات وقهر التحديات وتحقيق النصر فى الحرب التى نخوضها ضد تنظيمات الإرهاب ومن يدعمونها وأيضًا من يريدون تقويض كيان دولتنا الوطنية.. أن القائد الذى يبث القوة فى صدور من يقودهم.. والقائد الشجاع يلهم من يقودهم ويحثهم على أن يجارونه فى شجاعته وأيضًا قدرته على التحمل والصبر.. والقائد المتفائل يشارك من يقودهم تفاؤله.
ولذلك.. كان لافتا للانتباه أن يشعر عدد من المصريين بالقلق عندما تحدث الرئيس السيسى فى إحدى جلسات مؤتمر الشباب، وبدا منفعلا، بل بدا غاضبا، وحينما ركز جل حديثه عن الصعاب والعقبات والتحديات أساسا التى تواجهنا وتعترض جهودنا للنهوض ببلادنا وتجاوز أزمتنا الاقتصادية، وأيضا حينما طالب المصريين بالتحمل لمدة عام (أى العام المتبقى له فى فترة رئاسته) وليختاروا من يشاءون لتحمل المسئولية بعده.
لقد خشى الناس أن يكون الرئيس قد تراجع تفاؤله فى قدرتنا على تحقيق النصر فى الحرب التى تخوضها ضد الإرهابيين ومن يتآمرون علينا ويستهدفون تقويض كيان دولتنا الوطنية.. ولم يعد يتحمل الضغوط الكثيرة التى تتعرض لها البلاد وينال بحكم منصبه الرئاسى النصيب الأكبر منها، وتأتى من الداخل والخارج على السواء.. أو أنه قد شعر بالزهق والسأم من كثرة الصعاب والتحديات والعقبات والضغوط، وأيضًا من خذلان بعض المسئولين له الذين، كما قال، قد غطسوا فى وزارتهم ومواقع عملهم ووقعوا أسرى البيروقراطية والواقع ولم يسبحوا ضد التيار ويقاموا الأمواج العاتية للوصول بسفينة الوطن إلى بر الأمان أو إلى شاطئ المستقبل الأفضل.
بعبارة أخرى تخوف عموم المصريين أن تغلب كثرة التحديات والصعاب الشجاعة والجسارة وأن تطفئ شموع الثقة فى النفس والتى تولد الإيمان فى قدرتنا على التخلص من مشاكلنا وعلاج أمراضنا وأزماتنا والانتصار على أعدائنا الذين يحاربوننا فى الداخل والخارج بشتى الأسلحة.. النارية والاقتصادية والدبلوماسية، فضلا بالطبع عن الإعلامية.
طبعا الرئيس هو أولا إنسان له مشاعره.. وأى إنسان يمكن أن ينفعل أحيانا وبغضب أحيان أخرى.. وهناك كثير من القادة والحكام عبروا علنا عن غضبهم وانفعالهم سواء داخل مصر أو خارجها.. غير أن لحظات الانفعال والغضب يتعين إلا تطغى على تلك السمات والصفات الأساسية لهؤلاء القادة والحكام التى جلبت لهم ثقة الناس والجماهير، وضعت بينهم وبين شعوبهم جسورا من الثقة المتبادلة.
إنه لا تثريب على أن ينفعل الرئيس أو يبدى غضبه إذا ما كان هناك ما يقتضى الانفعال أو الغضب.. ولكن يجب إلا يُحدث هذا الانفعال وهذا الغضب تغير فى الصورة الذهنية التى كونها عموم المصريين عنه ورسموها له، وهى صورة القائد الشجاع الجسور الذى لا يهاب شيئًا ولا يخاف التهديدات ولا يبالى بالضغوط ومستعد للتضحية بحياته من أجل بلاده، والذى يثق فى قدرة الشعب على تخطى كل الصعاب والتحديات وتحقيق النصر فى الحرب الضارية الشرسة التى يخوضها ضد الإرهاب وضد من يريدون بلادنا ضعيفة منكفئة على ذاتها تلعق جراحها وعاجزة عن النهوض وتحقيق التقدم والازدهار الذى تنشده وإنجاز المستقبل التى تتطلع إليه..
لذلك.. كان أمرا طيبا أن يعود الرئيس السيسى مساء ذات اليوم إلى قمة مؤتمر الشباب ليجيب على الأسئلة التى وجهها الشباب وبعض المواطنين على مدى ثلاثة أيام سبقت بدء هذا المؤتمر.. لتلمع فى عينيه كل السمات التى أحبها فيه عموم المصريين وأعجبتهم ودفعتهم قبل نحو ثلاث سنوات مضت لمطالبته، بل والضغط عليه لكى يتقدم ليتحمل مسئولية قيادة سفينة الوطن التى تبحر وسط أمواج عاتية لتصل إلى بر الأمان بسلام، ويترشح فى انتخابات الرئاسة.. وعندما ترشح فى هذه الانتخابات منحوه عن طيب خاطر نسبة كبيرة من أصواتهم.. ثم قبلوا أن يتحملوا الكثير من الأعباء، وفى مقدمتها أعباء قرارات الإصلاح الاقتصادي، رغم ضخامة هذه الأعباء وضعف قدراتهم على التحمل بعد أن التهم التضخم فى أقل من عام حوالى ثلث دخولهم الحقيقية.
فرغم أن الرئيس السيسى استفاض فى شرح العقبات والتحديات والصعاب التى تواجهنا، وكرر طلبه بالعمل والصبر والتحمل إلا أنه بدا متفائلًا بقدرة البلاد على تخطى هذه الصعاب وقهر هذه التحديات وتحقيق النصر فى الحرب التى نخوضها ضد الإرهاب ومن يتآمرون علينا، خاصة أن الابتسامة لم تفارق وجهه وهو يجيب حتى على ما اعتبره البعض أسئلة محرجة، وخاصة أيضًا أن الرئيس بدا مجددا أنه يحتفظ بقوته ويتسلح بشجاعته فى مواجهة أعدائنا، وثقته فى قدرتنا على هزيمتهم.