المايسترو علاء عبدالسلام في حواره لـ«الهلال اليوم»: الإنشاد الديني أصل الغناء العربي.. وهذه هي مقومات المطرب الناجح
يعد الإنشاد
الديني أصل الغناء العربي، وقدمه عدد كبير من المطربين توارثوه عن أساتذتهم من
الشيوخ والمنشدين.. وكثيرا ما يقدم الإنشاد في شكل من أشكال ذكر الله والتهليل
والتسبيح.
فرقة الإنشاد
الديني لدار الأوبرا المصرية كانت قد قدمت حفلاً بقيادة المايسترو الدكتور علاء
عبد السلام بمسرح الجمهورية التابع لدار الأوبرا المصرية
وحول أهمية
الإنشاد الديني، والفرق بينه وبين الغناء بشكل عام ومقومات المنشد الناجح، وأهمية
المايسترو للفرقة الموسيقية، كان لبوابة «الهلال اليوم» هذا الحوار مع المايسترو
علاء عبد السلام :
ما الفرق بين
الإنشاد الديني والغناء بشكل عام؟
"لا.. هو ليس فارق، الإنشاد الديني أصل
الغناء العربي كله، هو ما تتلمذ عليه الفنانين العرب الكبار مثل أم كلثوم ومحمد
عبد الوهاب وكل المُطربين في هذه الأجيال تتلمذوا على يد مشايخ الإنشاد الديني،
كان أول عمل لأم كلثوم مع والدها وبطانته (الكورال).. وأصل
مدرسة للإنشاد الديني الكُتاب لتعليم مخارج الألفاظ السليمة والإنشاد ما بين
المُنشد والبطانة موضوع هام".
ما هي مقومات
المُنشد أو المُطرب الناجح؟
الإنشاد الديني
هو الذي يصنع المُطربين، كل مُنشد مُطرب وليس كل مُطرب مُنشد، وذلك شيء مهم جداً
يجب أن يعرفه كل الناس لأن المُنشد لديه كل مقومات الغناء من مخارج ألفاظ، والمقامات
الشرقية بالكامل، وكيفية الانتقال من بينها الارتجال، وهذه هي مقومات المطرب
الناجح.
هل كل مُطرب
يصلح للإنشاد الديني؟
"بالطبع سيستاء الكثير من إجابتي.. فليس
كل مُغني أو مؤدي يصلح أن يكون مُنشداً، المُنشد لديه مساحات صوتية عريضة جداً،
ونطاقه الصوتي واسع، وهناك أشخاص مساحة أصواتهم أوكتاف ونغمتين، وأخرين يصلون
لأوكتافين، من الممكن أن يكون مُطرب ذو صوت عذب، لكن نطاقه الصوتي لا يتسع سوى
لأوكتاف واحد وبذلك لا يصلح للإنشاد الديني تماماً، لذلك فإن كل مُنشد مُطرب وليس
العكس".
وما هو تكوين «الأوكتاف»؟
"هناك ما يسمى بالسلم الموسيقي ويتكون
من 7 طبقات موسيقية متتالية وجواب الأولى وبذلك يكون لدينا 8 طبقات، وذلك ما نسميه
بالـ"أوكتاف" الواحد، وتتكرر حسب مساحة طبقة صوت المُطرب".
هل من السهل
التحول من الإنشاد الديني لنوعية أخرى من الغناء؟
ليست الفكرة هي
نوعية الموسيقى لأن الموسيقى واحدة ولكن تختلف في فئاتها، فالقائد يحكمه في العمل
النوتة الموسيقية مع الموسيقيين، الإنشاد نوع من الأنواع الموسيقية و شعبة من الموسيقى،
وهناك الكثير من أشكال الموسيقى العربية ولكن ما يحكمنا هي النوتة الموسيقية،
فالأكاديمي سيعمل في أي نوع من الموسيقى.
كيف بدأت مسيرتك
مع الإنشاد الديني؟
قبل أن أصبح مايسترو
كنت عازفاً لآلة "تشيلو"، وتعاونت مع معظم مُطربي الوطن العربي وأيضا الفرق
الكبيرة، ومنهم أساتذتي ، والإنشاد الديني نوعية من الموسيقى لا نستطيع أن نفرقها
عن بقية العمل، أنا قمت بقيادة العديد من فرق الموسيقى العربية، وكان لي الشرف
بأنني قدمت حفلاً بالأوركسترا على المسرح الكبير في مئوية الرئيس جمال عبد الناصر
ومئوية الرئيس السادات وحفلات الموسيقى العربية وليالي بليغ حمدي.
ما هو دور المايسترو
للفرقة الموسيقية؟
"أنا أستاذ في كلية تربية موسيقية، مدرس
قيادة، والقيادة هي محصلة علم سنوات عديدة، هناك قادة ظُلموا رغم كونهم موسيقيين
بارعين، ولكن القيادة تعتمد على الحضور في المرتبة الأولى، والموسيقي يحترم القائد
القوي ذو الحضور والعلم القوي، إذا لم يتواجد أحد العنصرين، لا ينتبه الموسيقي
للقائد، ومن باب التشبيه، فهو مثل قائد الجيش، إذا لم يكن قائد الجيش لديه الحضور،
فلن ينصت إليه أحد .
وما هي الصفات
الأخرى التي يجب أن يتحلى بها المايسترو؟
هناك كثير من
الصفات، من أهمها سرعة البديهة، حتى يتمكن التصرف في المواقف المفاجئة مثل حدوث
خطأ من قبل المُطرب فلإنسان معرض للخطأ دائماً، وهنا يجب على الفرقة الملاحظة واتباع
المُطرب أياً كان، وهنا تظهر سرعة بديهة القائد، فاللغة الموسيقية مثل الكتابة فمن
الممكن أن ينسى المُطرب قراءة سطر ما، فيتوجب على المايسترو حينها أن يعيد توجيه
الفرقة.
هل هناك عناصر
أخرى يتحكم بها المايسترو؟
يتحكم المايسترو
في شيء هام جداً وهو الـ"نيانس" أو التجانس بين الأصوات، فنحن مصاحبين
للمُطرب وليس ضده، فالقائد لديه سطور على النوتة الخاصة به وكل فرد من الفرقة يؤدي
عمله على حسب النوتة، وعلى القائد تجميع كل السطور في صوت سليم، ويجب أن يكون "طويل
البال"، وما نراه على المسرح يسبقه العديد من البروفات، ويجب على القائد أن
يكون جيدا في التعامل مع الفرقة وينشر روح المرح وروح الحزم بينهم في نفس الوقت.
القائد لا يصنع
الموسيقى، وإنما هو عُنصر مُكمل للموسيقى، فهو مثل المُخرج، لا يمثل ولا يُصور،
ولكنه يتأكد من كيفية سير الأمور وإنجاح العمل.
ما هو سر العمل
الناجح؟
البداية في كل شيء
هي النية ثم الإخلاص في العمل والنتيجة لله سبحانه وتعالى ويتضح ذلك في قوله تعالى:
"وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ
وَالْمُؤْمِنُونَ" فسيرى لها معنى النظر ومعنى التيسير وهذا هو إعجاز القرآن.