أماني الطويل: مصر والسودان لن يسمحا لإثيوبيا بالملء الثاني لسد النهضة.. والتوجه لمجلس الأمن مجددا أمر مطروح (حوار)
أي خسارة من حصة مياه مصر في حقيقة تساوي 3 أضعاف قيمتها
إثيوبيا تريد أن تأخذ ثلث الموارد المائية لنهر النيل
إثيوبيا تستخدم سد النهضة لأسباب سياسية
الإدارة الأمريكية لن تنتبه لملف سد النهضة قبل مارس المقبل
الاتحاد الأفريقي ليس لديه الإرادة السياسية ولا النزاهة الكافية
للتفاعل مع ملف سد النهضة
أضرار سد النهضة على السودان عنيفة منها تشريد نحو 20 مليون مواطن
سوداني
«قضية حياة ووجود» بهذه الكلمات وصف الرئيس عبد
الفتاح السيسي قضية مياه النيل بالنسبة لمصر في خطاباته أمام عدد من المحافل
الدولية والقمم الثنائية مع قادة عدة دول، حيث تخوض مصر مفاوضات سد النهضة منذ
أكثر من 10 سنوات بهدف التوصل لاتفاق ملزم قانونا لإثيوبيا حول قواعد ملء وتشغيل
السد بما يضمن عدم الإضرار بالأمن المائي لمصر والسودان، لكن التعنت الإثيوبي حال
دون تنفيذ هذا الهدف على مدار جولات المفاوضات التي عقدت طوال هذه السنوات وكان
آخرها منتصف يناير الجاري.
وعن الأبعاد والسيناريوهات المرتقبة في هذا
الملف، حاورت «الهلال اليوم» الدكتورة أماني الطويل، مدير البرنامج الأفريقي بمركز
الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، حيث أكدت أن التعنت الإثيوبي هو السبب
الأساسي في عدم التوصل لاتفاق حيث تريد إثيوبيا الاستحواذ على ثلث الحصة المائية
لنهر النيل، وعدم الاعتراف بحصة مصر المائية، موضحة أنه مصر والسودان لن تسمحا
لإثيوبيا بالملء الثاني لسد النهضة والمرتقب أن يكون في يوليو المقبل قبل التوصل
لاتفاق.
على مدار أكثر من 10 سنوات من المفاوضات لم يشهد ملف سد النهضة أي
تقدما فما السبب في ذلك؟
أن السبب الأساسي هو حالة التعنت الإثيوبي في
ملف السد النهضة حيث تتصور إثيوبيا أنها يمكن أن تخلق حالة من الاستقواء الإقليمي
على حساب مصالح دول أخرى، بشكل غير منطقي، ورغم ذلك راهنت الاستراتيجية المصرية
على احتواء هذا الموقف لكن ذلك لم يحدث نتيجة عدم انتباه السياقين الدولي
والإقليمي لهذا الملف وعدم وجود أي رادع دولي، وكذلك طبيعة الدول الخليجي في هذه
المرحلة لأنه لم يتوقف عن إيذاء المصالح المصرية في أمر حيوي، كل ذلك أدى إلى أن
تلقى المباحثات تعثرا بشكل أو بآخر.
هل تستخدم إثيوبيا ملف السد لتحقيق مكاسب سياسية للتغطية على سوء
الأوضاع الداخلية؟
لا، لأن الأوضاع الداخلية في إثيوبيا ممتدة منذ
قرن من الزمن، والسد ليس الآلية الوحيدة للاندماج الوطني، لأن إثيوبيا لديها آليات
أخرى منها صيغة الحكم التي تعتمد على آلية الإثنية العرقية والذي هدد الصيغة
الإثيوبية هو خروج رئيس الوزراء الحالي آبي أحمد عن الاتفاق السياسي المرتبط بهذه
الآلية وإزاحة الجبهة العرقية التي كانت حاكمة حتى ديسمبر 2019 من الحكم، ومحوها
من سجل الأحزاب الإثيوبية.
وقد يكون سد النهضة عامل جمع، لكنه ليس عاملا
مؤثرا على سلامة البنية الداخلية الإثيوبية لأن الصراعات بين القوميات صراعات
تاريخية وهي أحد سمات منطقة القرن الإفريقي وليس إثيوبيا فقط.
الموقف المصري منذ بداية الأزمة يسعى للوصول لاتفاق ملزم بالتفاوض، فما
هي أهم محددات ومرتكزات هذا الموقف خلال إدارة الأزمة؟
المرتكزات المصرية في أزمة سد النهضة تقوم على
فكرة إمكانية الاحتواء وتصعيد الملف للمستويات الدولية وتقليص التمويل وتعطيله وهي
خطوات نجحت فيها مصر، حيث يعتبر تحول الموقف السوداني لصالح مصر عامل مؤثر وفعال
خلال الفترة المقبلة، وكذلك الضغط الدولي، حيث حدثت بداية حركة من قبل المجتمع
الدولي مثل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية بمنع المساعدات عن
إثيوبيا.
هل كان الموقف السوداني مغايرا للموقف المصري في الجولة الأخيرة من
المفاوضات؟
غير صحيح، فالموقف السوداني يصب في صالح الموقف
المصري لكنه له أدوات مغايرة، حيث تبلور الموقف السوداني على تفعيل الاتحاد
الأفريقي وكاد أن يتهم الاتحاد الأفريقي بعدم الفاعلية، وهو أمر يصب في صالح
الموقف المصري لأنه في النهاية كلما التقت مصر والسودان على موقف واحد فيما يتعلق
بضرورة الاتفاق حول زمن أو آلية الملء والتشغيل سيؤدي الأمر لتحقيق مصالح مشتركة.
وما هو تقييمك للتنسيق المصري السوداني في ملف سد النهضة؟
هناك انتباه سوداني للمصالح الاستراتيجية
السودانية لأنه بالطبيعة الهيدروليكية للنهر، مصر والسودان دولتي المصب ومصالحهما
في نهر النيل وأمنهما المائي متطابقة سواء أرادت النخب السياسية أو لم ترد، حيث
يصب الانتباه السوداني في المصالح المصرية، لكن هذا لا يعني بالضرورة تكوين تحالف
مصري سوداني ضد إثيوبيا، لكن في النهاية الجميع يسعى لتحقيق مصالحه.
لماذا رفضت مصر المقترح السوداني بإشراك خبراء الاتحاد الأفريقي في ملف
سد النهضة خلال الاجتماعات الأخيرة من المفاوضات؟
مصر لم ترفض هذا المقترح ولكن رفضت أن يكون
لخبراء الاتحاد الأفريقي دور فاعل في حسم القضايا الخلافية، وذلك لأن هذا الأمر من
صلاحية الدول وليس من صلاحيات الاتحاد الأفريقي، لكنها لم ترفض دورا للاتحاد
الأفريقي وقبلت أن يتولى الاتحاد المفاوضات طبقا لتكليف مجلس الأمن.
ما مصير مسودات الاتفاق التي وضعت خلال الجولات الماضية من المفاوضات
سواء في واشنطن أو تحت رعاية الاتحاد الأفريقي؟
لا يمكن الجزم بالتوقيع أو عدم التوقيع عليها،
فيمكن أن يتم التوقيع عليها أو إجراء تعديلات أو استنباط نقاط جديدة، فكل
الاحتمالات ورادة، لكن ينبغي ألا تقتصر العلاقات المصرية الأفريقية على ملف سد
النهضة، حيث نجحت مصر في تحقيق إنجازات جيدة في ملف التعاون الاقتصادي منها اتجاه
البنوك المصرية باستحواذات على بنوك أفريقية وبداية التفاهم على مشروعات زراعية،
لكن هذا لا يزال غير كافي ويجب مخاطبة الرأي العام الأفريقي بأدواته المختلفة
واستخدام القوى الناعمة.
وما تقييمك لدور الاتحاد الأفريقي في المفاوضات منذ رعايته لها منذ نهاية
يونيو الماضي والقمم والاجتماعات التي عقدت خلال الأشهر الماضية؟
الاتحاد الأفريقي ليس لديه الإرادة السياسية
ولا النزاهة الكافية للتفاعل مع هذا الملف، وذلك بسبب أن بلد مقر الاتحاد الأفريقي
هي إثيوبيا، فضلا عن تعاطف جنوب إفريقيا مع إثيوبيا، حتى أن ضلوع الاتحاد الأفريقي
في ملف المفاوضات كان مرتبطا بتحرك مصر في مجلس الأمن، حيث كلف المجلس المنظمة
الإفريقية القارية بتولي مهام هذه المسألة طبقا للمادة 53 من الفصل الثامن من
الميثاق.
فلم تكن هناك رغبة من الاتحاد في الانضمام لهذا
الملف، حيث بدأ الاتحاد رعاية المفاوضات في السنة العاشرة منها، فأين كانت مقولات
نخب الاتحاد التي تقول أن القضايا الإفريقية تحل في البيت الإفريقي، فكان لا بد أن
تكون المبادرة من الاتحاد وقبل ذلك بزمن طويل.
هل يتغير موقف الاتحاد الأفريقي بعد انتهاء فترة رئاسة جنوب أفريقيا
وتولي الكونغو رئاسته في 2021؟
لا أعتقد ذلك، فالموقف لن يتغير إلا بمواقف
حاسمة في مجلس الأمن ومن قبل الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي.
هل تعود مصر مجددا لمجلس الأمن بعد فشل الجولة الأخيرة من المفاوضات؟
هذا هو الحل الوراد في المخططات المصرية في هذه
اللحظة، لأنه لا فائدة من التعامل مع إثيوبيا.
هل يمكن للإدارة الأمريكية في عهد الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن أن
تلعب دورا فعالا في ملف سد النهضة؟
من المتوقع ألا تنتبه الإدارة الأمريكية لملف
سد النهضة قبل مارس المقبل، لأن الأوضاع الداخلية سيكون لها الأولوية بسبب ضغط
الملف الداخلي، لكن على مستوى مجلس الأمن سيكون قبل ذلك، فمن الممكن أن يكون هناك
توافقا مصريا سودانيا على اللجوء لمجلس الأمن.
كيف يمكن لمصر والسودان زيادة التنسيق بينهما للتحرك خلال الفترة
المقبلة؟
يمكنهما التنسيق للجوء إلى مجلس الأمن، وهو ما
صرح به السودان خلال الأيام الماضية، حيث أكد مسئولون سودانيون أن سد النهضة مصدر
تهديد كبير لنحو 20 مليون سودانيا، وهو أمر غير مقبول، كما أن السودان يمتلك أوراق
ضغط كثيرة في هذا الملف لامتلاكه حدودا مباشرة مع إثيوبية مما يجعله مؤثرا بشكل
ملحوظ.
لماذا كان الموقف السوداني منذ بداية الأزمة مغايرا للموقف المصري،
وأكثر ميلا لتأييد الموقف الإثيوبي؟
ذلك بسبب نظام عمر البشير الذي كان يستخدم ملف
سد النهضة في المزايدة على مصر وابتزازها واهتمامه أكثر بتأمين نظام حكمها فضلا عن
عدم طرح ملف سد النهضة على المستوى الفني وعلى المستوى الدفاع الاستراتيجي
السوداني وكذلك ملاحقة أي أطراف من النخب السياسية وفي المجال المائي غير الموافقة
على سد النهضة، لكن مع قيام الثورة السودانية تغير الموقف، وازداد تغيرا عندما حدث
الصيف الماضي الملء الأول للسد والذي أدى لخروج محطات مياه سودانية من الخدمة
وتأثر سد الروصيرص، فضلا عن الشكوك حول أمان سد النهضة، وغيرها من الأمور الفنية
التي تم النظر إليها بعين الاعتبار.
وما هي أضرار سد النهضة بالتفصيل على السودان وعلى مصر؟
أضرار سد النهضة على السودان عنيفة، ففي ملف
أمان السد لا يوجد رقم معامل أمان السد ولا أحد يعرفه، وتخزين كمية ضخمة من المياه
أسفل هضبة على كيان أو إنشاء هندسي أسمنتي يصفه الخبراء بأنه يحمل قدرا من المخاطر،
كما أن عمليات الملء بدون اتفاق مؤثرة على الأمن المائي السوداني بشكل مباشر، وهذا
اتضح مع كل السدود السودانية، فكل الخبراء الفنيين السودانيين يؤكدون أن كل سدودهم
مهددة، فضلا عن وجود مخاطر لإغراق السودان وتشريد أهالي السودان بنحو 20 مليون
مواطن وفقا لتصريحات المسئولين.
أما فيما يتعلق بأضراره على مصر فهو سيؤدي
لحالة عطش وعدم قدرة على تلبية احتياجات المواطنين المائية، وهو أمر يحدث حاليا
بالفعل، حيث تقوم مصر بتدوير الحصة المائية 3 مرات، لأن استخدامات مصر الحالية 114
مليار متر مكعب من المياه، فخسارة متر مكعب واحد هو في الحقيقة بقيمة 3 أمتار، فأي
خسارة من حصة مياه مصر والتدفقات النهرية هو في حقيقة 3 أضعاف هذا الرقم، وهو ما
دفع لإنشاء الصوب الزراعية على نطاق واسع وتغيير التركيب المحصولي لمواجهة هذا
النقص.
وكيف نواجه محاولات إثيوبيا الإضرار بحصة مصر المائية من نهر النيل؟
إثيوبيا لا تريد الاعتراف بحصة مصر المائية في
نهر النيل، وتريد أن تأخذ ثلث الموارد المائية لنهر النيل القابلة للاستخدام، رغم
أن هناك 56 مليار متر مكعب من المياه المهدرة في مستنقعات مثل مستنقعات مشار
وجونجلي، ويتم الصراع على الموارد الحالية رغم أن هناك مشروعات تعاون للاستفادة من
الموارد الحالية والتي يمكن أن تساهم في خلق موارد جديدة يستفيد منها الجميع.
وإثيوبيا تمتلك بدائل أخرى للمياه حيث تشهد سقوط
900 مليار متر مكعب من مياه الأمطار، لكنها تستخدم سد النهضة لأسباب سياسية.
من المتوقع في يوليو المقبل إقدام إثيوبيا على الملء الثاني لسد
النهضة، ما هي أضراره وكيف نواجهه؟
أعتقد أن إثيوبيا لن تتمكن من القيام بالملء
الثاني للسد، فلن يُسمح لها بذلك على المستوى المصري أو السوداني أو الدولي، لأن
مخاطر ذلك عنيفة، حيث يستهدفون ملء 13 مليار متر مكعب بالنسبة لمصر يقدر بخسارة 40
مليار متر مكعب من المياه بالنسبة لمصر، فكيف سنواجه هذا النقص، لذلك لن يُسمح لها
بذلك.
وما هي سيناريوهات التحرك المصري السوداني الفترة المقبلة؟
كلا البلدين لن يسمحا بملء ثاني لسد النهضة بلا
اتفاق، ومن المتوقع أن يتم التوجه إلى مجلس الأمن والتصعيد في هذا الملف لأنه حتى
الآن لم يثبت الاتحاد الأفريقي فاعلية في التعامل مع هذا الملف
يعني ذلك أنه حتى يوليو المقبل سيكون هناك تحركا حاسما في هذا الملف
لوقف الملء الثاني؟
بالتأكيد سيكون هناك تطورات إما بالاتفاق أو
رفع راية الصراع وهو أمر ليس في صالح الاستقرار الإقليمي أو المصالح الدولية، فمصر
والسودان ستتحركان خلال الفترة المقبلة لوقف الملء الثاني لسد النهضة.
بالنسبة للأوضاع بين السودان وإثيوبيا وحالة الصراع على الحدود بينهما،
ما السبب في تصاعد ذلك الصراع؟
السبب في هذا الصراع هو التحرك الإثيوبي في
المناطق الخصبة في السودان منها مناطق الفشقة الكبرى والصغرى، وأصبح هؤلاء
الإثيوبيين يؤجرون المناطق لاستزراعها من جانب السودان، لكن مع الوقت وضعف الدولة
السودانية أصبحت إثيوبيا تدير هذه المناطق إداريا، ومع التحالفات التي قام بها
نظام عمر البشير مع إثيوبيا تم التغاضي من قبل القوات المسلحة السودانية على حماية
الحدود السودانية لكن مع الاستفزازت الإثيوبية من مارس الماضي، ومحاولة ضغطها على
السودان في ملف سد النهضة فزاد الانتباه السوداني لأهمية استرجاع التراب الوطني
وبالفعل تم ذلك في نهاية نوفمبر الماضي وسيطرت القوات المسلحة السودانية على عدد
من المناطق الحدودية طبقا لاتفاقية 1902.
لكن التصعيد الإثيوبي جاء بسبب عدم اعتراف
إثيوبيا بهذه الاتفاقية، لأن الاعتراف بها يعني إعطاء إقليم بني شنقول الذي به سد
النهضة للسودان أو التخلي عن مشروع سد النهضة، وهم لا يقبلون ذلك، فوقع هذا
التصاعد وتم احتوائه بشكل أو بآخر، لكن الموقف قابل للانفجار في أي وقت.
وما تداعيات هذا الصراع على ملف سد النهضة هل يمكن استخدامه للضغط في
هذا الملف؟
أعتقد أن ذلك من الوارد لأن الحدود المباشرة
تسمح للسودان بالضغط على إثيوبيا عبر الحدود، وتعلم إثيوبيا جيدا أن السودان مؤثر
قوي في هذا الملف، وخاصة أنه يمتلك تحالفات تاريخية مع قومية تيجراي وعلاقات مع
دول القرن الإفريقي وبالتالي فهو مؤثر قوي.
فيما يخص الأوضاع الداخلية في إثيوبيا، ما سبب تصاعد الأحداث خلال
الأشهر الماضية في إقليم تيجراي والحرب العسكرية التي تشنها الإدارة الإثيوبية على
الإقليم؟
منذ عام 2014، تشهد إثيوبيا حالة عدم استقرار
سياسي نتيجة عدم رضا عن إدارة صيغ الحكم هناك، كانعكاس لثورات المنطقة العربية،
وبدأت أغلبية الأورومو في التحرك السياسي ضد الصيغة الحاكمة وخاصة أنهم مسلمين،
وكان يتم ممارسة نوعا من الانتهاكات الواسعة ضدهم بمزاعم أنهم إرهابيين وتم سجن
الآلاف منهم وحدث احتجاجات كبيرة ومؤثرة، وخاصة بعد الاتجاه لتوسيع أراضي العاصمة
أديس أبابا على حساب أراضي الأورومو، فانتفضت هذه القومية، لكن في 2016 حدث اتفاقا
سياسيا للانتقال السلمي للسلطة وبموجبه جاء آبي أحمد للحكم، لكنه بعد توليه السلطة
في 2018 غير صيغة الفيدرالية الإثنية التي كانت تحكم بها إثيوبيا منذ التسعينيات
والتي وضعها مالا زيناوي الملهم الإثيوبي من إقليم تيجراي، وشكل آبي أحمد بدلا من
هذه الصيغة حزب الازدهار في يناير 2020 وخاصة أنه ألغى الانتخابات التي كانت مقررة
في أوائل 2020 ثم تأجلت لأغسطس ثم أُلغيت، وهو ما رفضت تيجراي وخاصة أنه تمت
إزاحتهم من مفاصل الحكم، وأجروا انتخابات منفصلة فلم يقبلها آبي أحمد ثم اعتدوا
على قاعدة عسكرية وحدث التصعيد العسكري الأخير.
وما تداعيات تعامل آبي أحمد مع هذه الأزمة وتحريكه القوات المسلحة ضد
هذا الإقليم على المستوى الداخلي؟
على المستوى الداخلي فهذا التحرك يهدد
الاستقرار الداخلي الإثيوبي لأن التعامل العسكري مع أحد القوميات يعطي باقي
القوميات مؤشرات أنهم غير آمنين وأنه قد يتم الانقلاب عليهم، كما أنه قد يتم
الانقلاب على آبي أحمد ذاته، لأنه اعتمد في هذا التحالف على الأمهرة وهم حكام
تاريخيين لإثيوبيا وبالتالي يمكن الانقلاب عليه للحصول على الحكم، كما أن الاعتداء
على تيجراي جرى بتحالف يضم إثيوبيا ضم عناصر عسكرية من إريتريا والصومال وهذا يخلق
حالة من الثأر بين تيجراي إثيوبيا وأريتريا مما يجعل الوضع في هذه المنطقة
غير مستقر.
هل يمكن أن يصل الوضع إلى حالة حرب أهلية داخلية في إثيوبيا؟
أمر محتمل بالطبع، بسبب حالة عدم الاستقرار.
هل تؤثر هذه الأحداث على آبي أحمد مما يؤدي لسحب جائزة نوبل للسلام
منه؟
فكرة سحب جائزة نوبل للسلام من شخص حالة غير
مسبوقة، لكن هذه الأحداث تؤثر على مصداقية لجنة الجائزة، وتجعلها تتحسب في منح هذه
الجائزة مجددا للزعماء السياسيين، حيث كان قد حصل عليها بسبب اتفاقية السلام مع
إريتريا بعد سنوات من الحروب، كذلك قيامه بعمل بعض التحالفات السياسية في القرن
الإفريقي مما أدى إلى تحسين البيئة السياسية وحفظ مستويات السلام، لكنه سرعان ما
تراجع عن ذلك.
وما تأثير هذه الأحداث على مستقل آبي أحمد؟
بالتأكيد هذه الأحداث تؤدي إلى عدم نجاح آبي
أحمد في الانتخابات المرتقبة في مايو المقبل.
ما هي فرص نجاح آبي أحمد في هذه الانتخابات؟
يواجه تحديات كبيرة بسبب حربه على إقليم
تيجراي، وبسبب سجنه لمنافسه جوهر محمد من ناحية أخرى، وبسبب بداية الانتباه الدولي
للانتهاكات الواسعة التي شهدتها إثيوبيا لحقوق الإنسان وحرية الصحافة، وهناك تحركا
في الكونجرس ضد إثيوبيا.
ومن هم أبرز المنافسين لآبي أحمد في الانتخابات؟
هناك جوهر محمد، الذي أعلن أنه سيخوض
الانتخابات المقبلة، لكن آبي أحمد قام بسجنه وغير معروف إن كان سيخرج قبل
الانتخابات أم لا، وبالتأكيد مع اقتراب الانتخابات سيظهر منافسين آخرين إذا لم يتم
إطلاق سراح جوهر محمد.
من الإداعات التي ترددها إثيوبيا دائما أن الاتفاقيات الموقعة في وقت
الاستعمار غير ملزمة، وتستغل ذلك في ملف سد النهضة للإضرار بحصة مصر، فما الرد على
ذلك؟
الدول التي كانت مستعمرة حين توقيع الاتفاقيات كانت مصر
والسودان وليس إثيوبيا، ومن وضع اتفاقية 1902 والذي تعهد فيها بعدم إقامة منشآت
على نهر النيل مؤثرة هو الإمبراطور الإثيوبي ميلينيك الثاني وكانت إثيوبيا تتمتع بالسيادة
الوطنية وليست منقوصة السيادة بسبب أي استعمار، بينما أناب عن مصر والسودان
بريطانيا لأنها كان لها مصالح سياسية في استزراع القطن بوادي النيل حتى يتم تشغيل
مصانع لانكشير في إنجلترا بالقطن طويل التيلة، وهي مصالح استعمارية بحتة، وهذا الاعاء هو أحد
سلسلة المغالطات الإثيوبية التي تمارسها وليس لها ظل منن واقع.
لماذا رفضت مصر والسودان اتفاقية عنتيبي، وهل لا تزال مطروحة؟
الدولتان رفضتاها بسبب عدم اعترافها بالحصة
المائية المصرية وجواز عدم الإخطار المسبق بالنسبة للسدود وهما السببين الذين أدا
لرفض مصر والسودان للتوقيع عليها، وهناك بعض الدول لم تصدق عليها مثل جنوب السودان
وبعض الدول رفضتها مثل الكونغو، ولم يحصل عليها أي إجماع وأصبحت جزءا من الماضي
وغير مطروحة حاليا، والمطروح حاليا فقط هو ملف سد النهضة والرغبة الإثيوبية في
السيطرة على نهر النيل.