رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


الكنيسة: وافقنا على بيان ولم نوقع اتفاقًا « سر المعمودية».. محلك سر

3-5-2017 | 13:36


 

تقرير: سارة حامد

بعد ١٦ قرنًا من الاختلافات العقائدية بين الكنيستين القبطية الأرثوذكسية والكاثوليكية، فجرت وثيقة «سر المعمودية» المشتركة بركان غضب فى الأوساط القبطية، وتحديدًا بعد توقيع البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، عليها أثناء زيارة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، للكاتدرائية ضمن زيارة الأخير التاريخية لمصر قبل أيام قليلة.

نجاح زيارة بابا الفاتيكان إلى مصر، لم يكن سببا كافية لإخفاء ردود الأقباط الغاضبة على تلك الاتفاقية، ما دفع البابا تواضروس الثانى للسفر إلى روما، فى زيارة مفاجئة قبيل ساعات من مغادرة البابا فرنسيس للقاهرة.

وفيما لم تُعلن أية أسباب واضحة لزيارة «تواضروس» روما، إلا الوصول إلى صيغة توافقية حول الاتفاقية المشتركة، نحاول فى هذا التقرير فهم ما جرى.

البيان الأول الصادر عن الاتفاقية المذكورة، جاء فيه» :بيان طاعة لعمل الروح القدس الذى يقدس الكنيسة ويحفظها عبر العصور ويقودها لتبلغ الوحدة الكاملة التى صلى المسيح من أجلها، فنحن اليوم البابا فرنسيس والبابا تواضروس الثانى كى نسعد قلب ربنا ومخلصنا يسوع المسيح، وكذلك قلوب أبنائنا فى الإيمان، نسعى جاهدين بضمير صالح نحو عدم إعادة سر المعمودية الممارس فى كنيستينا للشخص الذى يريد الانضمام للكنيسة الأخرى، حسب تعاليم الكتاب المقدس وإيمان المجامع المسكونية الثلاث فى نيقية والقسطنطينية وأفسس، نطلب من الله الأب إن يقودنا فى الأوقات وبالطرق التى يريدها الروح القدس إلى بلوغ الوحدة التامة لجسد المسيح السري».

«اتفاقية الأزمة بين الكنيستين» كما أطُلق عليها، فجرت ردود أفعال غاضبة من الإكليروس «رجال الدين» لعدم اعتراف كنيستهم منذ قرون بقانون الإيمان الكاثوليكي، فحاول البعض تفسير ذلك كون اتفاقية المعمودية غير ملزمة، بينما التزم البعض الآخر الصمت لحين انعقاد المجمع المقدس الشهر المقبل.

من جهته قال لوقا راضي، كاهن كنيسة ماريوحنا: إن جملة الاتفاق على البيان جاء نصها «نحن نسعى جاهدين معا من أجل عدم إعادة المعموديه لأى شخص يريد الانضمام للكنيسة الأخرى» أى أن الأمر فى مرحلة السعي، ونص الاتفاق المشترك باللغة الإيطالية لا يحتوى على كلمة «نعلن» بل نسعى بالتالى ما زالت الكنيستان فى مرحلة النقاش اللاهوتى بينهما.

وشدد»راضى» على أن النقاش اللاهوتى مستمر حول من يريد أن ينضم إلى إحدى الكنيستين انضماما كاملا أى لا تعنى دمج الكنيستين، بل فقط لمن يرغب أن يترك كنيسته وينضم للأخرى، ونحن نصلى من أجل أن تتم المناقشات اللاهوتية بين الكنيستين، وإلى الوحدة التامة على أساس الكتاب المقدس والمجامع المسكونية.

فى ذات السياق قال مينا أسعد، مدرس اللاهوت الدفاعى بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية: توقيع تلك الوثيقة والسعى الجاد للوحدة بشرط أن يكون حسب المجامع المسكونية وقوانين الكنيسة، ويسبقها حوار لاهوتى لحل أو تحييد بعض المشكلات الإيمانية بين الكنيستين، كما أن نجاح الوحدة يأتى من الاتفاق الإيمانى السابق للتوقيع حتى يتحقق لها الاستمرار.

وأضاف «أسعد»: البعض يرى ضرورة موافقة المجمع المقدس أولا فى جلسة رسمية على هذه المبادرة كما هو متبع بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية، و حمل البيان بكل صيغه طابعا كاثوليكيا أكثر منه أرثوذكسيا دون صيغة توافقيه، وهو ما فسره البعض بلهاث الكنيسة الأرثوذكسية للتوقيع دون ترو، وهو ما يطلق عليه التسرع المسكوني، وهو بالتأكيد أمر مخالف للحقيقة لكنه رؤيه للبعض، كما أن بيان التعميد المشترك بين الكنيستين حمل أخطاء لاهوتية مثل تحدثه عن جسد المسيح السرى، وهو تعبير مرفوض أرثوذكسيا أجاب عنه البابا شنودة الثالث، وفنده فى محاضرات سابقة وكتاب بدع حديثة، كما استند البيان إلى ثلاثة مجامع كنسية الأولى متجاهلا مجمع تسبب فى الانشقاق الأول تم فى مدينة خلقدونية، وتعالت التساؤلات كيف يتم القبول بين الكنيستين للمعمودية فى ظل حرومات متبادلة نتجت كآثار لهذا المجمع، وتؤمن الكنيسة الأرثوذكسية بأن المعمودية تأتى بعد إقرار الإيمان، وقد تغير قانون الإيمان بأمر ترفضه الكنيسة الأرثوذكسية عند الكاثوليك، فكيف نقبل معمودية يسبقها قانون إيمان مخالف؟!.. وعلى مر الزمان تسللت عقائد ترفضها الأرثوذكسية إلى الكنيسة الكاثوليكية، لذا لابد من تراجعهم عنها أو تحييدها من خلال الحوار مسبقا مثل خلاص غير المؤمنين وما يسمى الحبل بلا دنس.

من جانبها أعلنت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية عقب انتهاء زيارة البابا فرنسيس أن ما تم التوقيع عليه بيان مشترك وليس اتفاقية تضمن عرضا لعلاقة الكنيستين.

وأضافت الكنيسة القبطية خلال بيانها، أن الماضي، تاريخيًا عبر القرون منذ الانشقاق، حيث ثمَّن البيان رصيد خبرة الشركة التامة التى استمرت لقرون قبل الانشقاق، آملا استثمارها فى دفع الجهود الحالية للحوار اللاهوتي، مضيفا أن الحاضر، والذى بدأه المتنيح قداسة البابا شنودة بزيارته التاريخية للفاتيكان والتى نتج عنها تشكيل اللجنة المشتركة للحوار اللاهوتى والمستمر عملها حتى الآن، ذلك الحوار الذى فتح الطريق أمام حوار أوسع بين الكنيسة الكاثوليكية وكل أسر الكنائس الأرثوذكسية الشرقية.

وأوضحت أن «طريق سعينا ما زال طويلًا وأننا عازمون على اتَّباع خطوات سابقَيْنا، وأن الوحدة تنمو فيما نحن نسير معًا، لأن ما يجمعنا هو أعظم كثيرًا مما يفرق بيننا ودعا إلى تعميق جذورنا المشتركة فى إيماننا الرسولى الأوحد عبر الصلاة المشتركة، والتعاون معًا فى تقديم شهادة مشتركة عن القيم الأساسية، ومواجهة التحديات المعاصرة مرتكزين على قيم الإنجيل وعلى كنوز التقاليد الخاصة بكنيستينا وتعزيز التبادل المثمر فى الحياة الرعوية، وبالإجمال فإن «البيان المشترك» كان بمثابة تسجيل وتأريخ فقط للزيارة الثانية لرأس الكنيسة الكاثوليكية لكنيستنا القبطية الأرثوذكسية».

وأكملت: «نود أن نعيد التأكيد على أن البيان لم يتضمن أية إضافات على الصعيد الإيمانى أو العقيدى أو غيرهما، سوى التمسك بالسعى الجاد فى طريق الوحدة المؤسسة على الكتاب المقدس والرصيد الزاخر لآباء الكنيسة العامة من خلال الحوار اللاهوتى والتعاون المشترك».

ويعد سر المعمودية هو أحد الأسرار الـ٧ للكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية، ويمثل طقس دخول الإنسان للمسيحية، ويعتبر اقتداء بمعمودية المسيح فى نهر الأردن، ويتمثل طقسها فى أن الآباء الكهنة يغطسون الأطفال ٣ مرات داخل إناء ممتلئ بالماء مرددين باسم «الأب والابن والروح القدس»، يأتى ذلك بعد تلاوة الصلوات الخاصة بالمعمودية وهى «تقديس الماء، صلاة الشكر، قانون الإيمان، صلاة تطهير الأم ثم الرشم بزيت الميرون المقدس».